00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر07
الأحد
18 °C
بغداد، 18°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

الدكتور طورهان المفتي لمجلة "حوار الفكر": جدل اللامركزية في العراق: النجاح بتريث

أجرت مجلة حوار الفكر حواراً مع مستشار رئيس مجلس الوزراء الدكتور طورهان المفتي وقد جرى نشر هذا الحوار في العدد المزدوج (79-80) الصادر في حزيران 2025.

 وأكد الدكتور المفتي، الوزير الأسبق لشؤون المحافظات والمياه، أن مشروع اللامركزية في العراق ظل يتعرض للإجهاض المتكرر منذ تأسيس الدولة، رغم الجهود المكثفة بعد عام 2003 لتكريسه على أرض الواقع. وقال في حوار موسّع مع مجلة حوار الفكر إن تجربة نقل الصلاحيات للمحافظات أثبتت نجاحها، خاصة في قطاع الصحة، لكنها واجهت لاحقًا انتكاسات بسبب "ممانعة مؤسسات الدولة للتغيير" وغياب الفهم الدقيق للفرق بين اللامركزية وعدم التركيز.

وأشار المفتي إلى أن الحكومة الحالية تبذل جهودًا جيدة في دعم اللامركزية عبر تفعيل اجتماعات هيئة التنسيق بين المحافظات، داعيًا إلى إعادة تفعيل المادة 44 من قانون 21 التي تمنح المحافظات موازنات محلية مستقلة، وتوسيع دور مجالس التخطيط والتنمية كجهات مهنية غير خاضعة للاستقطاب السياسي.

وفي ملف المياه، كشف المفتي عن تقدم كبير في المفاوضات مع تركيا عبر "مذكرة الاتفاق الإطاري المائي والاقتصادي"، مشيرًا إلى مساعٍ مماثلة مع إيران. كما شدد على أهمية الانتقال إلى أنظمة الري الحديثة والذكية لمواجهة شح المياه والتغير المناخي.

 

من هو الدكتور طورهان المفتي؟

باحث وأكاديمي وخبير نفطي، شغل مناصب متعددة بعد العام 2003، فقد كان عضوا في مجلس محافظة كركوك للسنوات 2005 – 2010، وزير الدولة لشؤون المحافظات ووزير الاتصالات وكالة 2010 – 2014، رئيس سكرتارية الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات 2015 – 2020، وممثلا للحكومة في مجلس النواب إبان السنوات ذاتها، مستشار رئيس مجلس النواب 2022 – 2024، مستشار رئيس مجلس الوزراء 2024 حتى اليوم.

وفيما يلي نص الحوار

حوار الفكر: معالي الوزير نرحب بكم في مجلة حوار الفكر، وممتنين لتخصيص جزء من وقتك في ظل مسؤولياتك الكبيرة لإجراء هذا الحوار، حقيقة حضرتك تنقلت بين مناصب متعددة، مناصب حكومية، ومجالس المحافظات ووزير لشؤون مجلس النواب، لكن ما يهمني كثيرا ان اتحاور معكم بشأنه هو ما يتعلق بالحقبة التي شغلت بها بموضوع المحافظات ومجالس المحافظات، يعني ما بين توليك للمسؤولية المباشرة في المحافظات وقتها، وما بين يومنا الحاضر، بودي ان اسالكم عن المشاكل اللي كانت موجودة في ذلك الوقت هل ترى أنها تغيرت أم تعقدت؟ أم أضيفت لها مشاكل جديدة؟ بشكل دقيق نتحدث عن موضوع المركزية واللامركزية في العراق. 

د. طورهان المفتي: توجد نقطة مهمة، أن موضوع المركزية في العراق موضوع قديم جديد، يعني ورد الحديث عنها في خطاب المرحوم الملك فيصل الأول، هو خطاب يتحدث عن اللامركزية هو يقول انه توجد فئات لن يعملوا مع بغداد، ولن نقدر أن نجمع الكل على حد سواء، بالتالي لا بد من الذهاب باتجاه اللامركزية، ويورد المصطلح، بسبب ما، لغرض ان من لا يستطيع ان يأتي لنا فهو لديه ولايته هناك ويقدر يشارك في إدارة الدولة، إذن هي موضوع قديم، في العراق سنة 1936 كان يوجد قانون البلدية، أيضا كان به نوعا ما من التوجه نحو اللامركزية، ورجع الموضوع اجهض، في قانون 159 للبلديات أيضا كان فيه حديث عن عدم تركيز وفيه صلاحيات كبيرة تجاه المركزية، وأيضا اجهض، نهاية السبعينات كانت توجد وزارة دولة لهذا الموضوع أيضا اجهض وتحول إلى وزارة حكم محلي كنوع من المركزية. 

وفيما بعد، المحافظين صاروا عسكر في التسعينات، أكثر من التسهيلات وهنا يكون القمة بالمركزية في الخطاب، نحن بعد 2003 عملنا على موضوع اللامركزية في الدولة العراقية، انا اسرد هذا التاريخ لأنه دائما مشروع اللامركزية بالعراق يجهض، ودائما يكون هناك مقارنات غير صحيحة، يعني مثلا وزارة الصحة وزارتي الصحة والتربية كانتا ضمن اللامركزية، بعدين حين سن قانون الضمان الصحي، في الأخير وضعت فقرة الغاء لامركزية الصحة، وهو غير جائز يعني الضمان الصحي ما علاقته مع اللامركزية مع وجود قانون خاص؟  الفكرة أن أي شخص يأتي ضد اللامركزية يقارن مثلا تجربة اللامركزية التي عمرها على سبيل المثال عشر سنوات، مع تجربة المركزية التي عمرها مئة عام، ثم يرجع يقولك لا المركزية افضل، طيب المركزية صار لها مئة عام لتصل الى ما وصلت له، كم واجهت من تعثرات؟ كم حصلت لها خيبات، كم عندها حصلت لها أخطاء، الى ان نصل الى الوضع الذي تبلور للمركزية، فمن غير الصحيح أن تقارن تجربة عمرها عشر سنوات بتجربة عمرها مائة عام، وهذا الذي يحصل عندنا في اللامركزية. 

هذا أولاً، ثانياً ممانعة التغيير في مؤسسات الدولة، يعني أنا قابلت محافظين ليس لديهم قناعة باللامركزية، محافظ غير مقتنع باللامركزية فعملية التغيير وممانعة التغيير في أسلوب الإدارة عملية صعبة جداً، في وقتها، في 2010  حين استلمت هذا الملف جهدت إلى حد 2024 - 2025 على تلافي تركز المركزية في العراق في السنوات السابقة، لخمسة عشر عام، لهذا في أول أربع سنوات أيام حكومة السيد المالكي مشينا باتجاه ما يسمى بنحت المصطلح، كنا نتخذ قرارات، بعض القرارات يدخل حيز التنفيذ، وبعضها لا يدخل، لم يكن عندنا مشكلة، لا أنا ولا السيد رئيس مجلس الوزراء، فقط كنت نمشي باتجاه نحت المصطلح، يعني الناس يستوعبون إنه يوجد  نظام لا مركزي، أيام السيد العبادي، أربع سنوات أخرى، بدأنا فعليا بنقل الصلاحيات في التطبيق، أيام السيد عادل عبد المهدي، لو قدر للسيد عادل عبد المهدي أن يستمر أو الحكومة بصورة عامة من 2018 الى 2022، كان يصير مرحلة الاستقرار، أربع سنوات لللامركزية، لن نضيف عليها مهام، ولا نأخذ منها مهام، 2023 كان حسب الخطة ستبدأ عملية التقييم، في مثل هذه الحالة كان ممكن إضافة، وكان ممكن سحب صلاحيات، الذي حدث انه صار لدينا خلل في هذه الفترة، يعني خاصة في حكومة السيد مصطفى الكاظمي صار لدينا قانون الضمان الصحي وعلى إثره رجعت مركزية الصحة وفيما بعد التربية أيضا، وكان هناك طلبات من وزارة الرياضة والشباب، وأتصور من وزارة العمل، ثم أسس دوائر موازية للدوائر الموجودة في المحافظة، في نهاية المطاف هذه عملية إجهاض لللامركزية. 

نحن في وقتنا؛ حللنا حوالي ألف وثمانمائة صلاحية، التي المفروض نعمل عليها من هذه الـ1800 صلاحية صار الاتفاق على تحويل 850 صلاحية من الوزارات المعنية بالمادة 45 من قانون 21 أن تحال الى المحافظات، وهذا طبقناه في حوالي 350 اجتماع، يعني نحن لم نمض بالموضوع على طريقة كتابنا وكتابكم، لا، كان أحيانا لأجل صلاحية واحدة نعقد خمس اجتماعات، وفي الأخير توقيع محضر، وترسل أو الصلاحيات أو تعطى الصلاحيات للمحافظة، بعض الوزارات نتيجة رؤية شخصية؛ صار بها، قفز على الصلاحيات، يعني الصلاحيات التي كان مفروض تمنح استأثرت بها الوزارة والصلاحيات التي المفروض تبقى بالوزارة ارسلوها للمحافظات، فصارت عندنا إشكالية بهذا الخصوص، ولكن في نهاية المطاف اللامركزية كانت تعمل على مستوى عالي جدا صراحة، يعني نحن في وقتنا اعطينا مثال على الصحة، نعم المرحلة التي حولنا كليا مديريات الصحة إلى المحافظات، إبان تولي الدكتورة عديلة حمود لوزارة الصحة، وإبان حكومة السيد عادل عبد المهدي، لم يحصل أي حريق في أي مستشفى لم يحدث أي عارض في أي مستشفى، لم يحدث أي عجز في توفير الأدوية، إذ أعطيت صلاحية شراء الادوية للمحافظات وفق مواصفات خاصة موحدة وفق معايير وزارة الصحة، لم تحدث أي حاجة للأدوية، تتذكر إبان حكومة الدكتور العبادي كان هناك شحة في الموارد المالية، فأعطيت صلاحيات للمحافظات لأدوية معينة أو لعلاجات معينة لمستلزمات طبية معينة، تشتريها المحافظات، فأمام هذه الصلاحية المعطاة - طبعا كانت صلاحية مؤقتة لأن الأدوية من الصلاحيات الاتحادية - لكن ذلك الوقت لم يكن هناك موارد مالية فمنحت هذه الصلاحية المؤقتة للمحافظات، هذه الصلاحية لجلب المستلزمات الطبية والأدوية لم يحدث بها أي عجز في المحافظات، فاللامركزية ناجحة بكل تفاصيلها، الآن، يعني كما قلنا 

هناك صلاحيات رجعت إلى الوزارات، بالتالي صار عندنا تثبيط لبعض الامتدادت الخاصة باللامركزية، الشيء المميز والجيد في هذه الحكومة، إنه اجتماعات هيئة التنسيق بين المحافظات شهرية، وهذا يمكن مؤشر ممتاز لتبلور فكرة اللامركزية، في وقتنا كانت اللجنة تجتمع كل شهرين، في حكومة السيد عادل عبد المهدي والدكتور العبادي السيد الكاظمي، وقبلها كان أكثر من شهرين في حكومة السيد المالكي لأنه كما قلت أيام السيد المالكي هي عملية نحت المصطلح، وتعويد المحافظين على العودة إلى المركز والجلوس مع السيد الوزراء، الآن اجتماعات الهيئة شهرية وقراراتهم متبلورة، فأرى حاليا أكو تبلور فعلي في اللامركزية، وكما تعلم فالسيد رئيس مجلس الوزراء ورئيس هيئة المحافظات، وإن كان هناك سحب لبعض الصلاحيات ولكن في نهاية المطاف أنا أرى هناك تبلور وتوجه بخطوات ثابتة باتجاه تكريس اللامركزية.

حوار الفكر: يعني معاليك ترى أنه هناك تطور إيجابي وليس تقهقر عما كان عليه اللامركزية.

د. طورهان المفتي: نعم تطور بخطى بطيئة ولكن ثابتة يعني واحد من النقاط التي عملنا عليها في حكومة الدكتور العبادي انه إلغاء بعض الوزارات، يعني مثلا الإعمار والإسكان والبلديات، كان ضمن الفكرة أن تلغى على هذا السيد رئيس مجلس الوزراء في وقتها دمج هذه الوزارات، والى الان هكذا ماشية الامور. لانه 95% من فعاليات وزارة البلديات هي فعاليات محلية يعني حتى في الدول المركزية او دول عدم التركيز، المجالس المحلية تسمى مجالس بلدية، فالمفروض هذه الوزارات إذا لم تلغى فأن تتحول الى وزارات راسمة للسياسة، وليس وزارة ممتلكة للقرار، ترسم سياسة والمحافظة التي تخرج لها السياسة المرسومة تتخذ حق القرار، وليس ابتداء تتخذ الوزارة القرار، ثم تبحث عن السياسة، نحتاج بعد، وعموما اللامركزية حتى في أكثر الدول عراقة في اللامركزية مثل كندا التي لديها لامركزية عمرها حوالي  120  سنة إلى الآن هناك تنازع في الصلاحيات، فاللامركزية، حتى لو تستقر وتكرس يبقى هناك تنازع في الصلاحيات دائما، وهي هذه طبيعة العمل الإداري. 

حوار الفكر: دكتور يعني حضرتك أشرت إلى قضية التنازع بين الوزارات والمحافظات يعني هذه الخلافات اللي تحدث إنما تدور في فلك الترهل التشريعي في العراق، لدينا ترهل تشريعي وقوانين متعددة متضاربة، بتقديرك هذا التنازع في الصلاحيات الذي يحدث أحيانا بين الوزارات وبين المحافظات هل هو سياسي بحت أو سياسي يتخذ من القوانين ذريعة ومنفذا، أم إنه هي طبيعة تفسير القوانين تقود إلى هذه الخلافات.

د. طورهان المفتي: لا، هي الإشكالية العامة في العراق، أنه صار لدينا عدد كبير جدا من القوانين، والدولة اطرت قانونيا، وتأطير كل شيء بالقانون دائما ليس امر صحي، قد لا يكون خطأ لكنه ليس صحيحا أيضا، يعني لا تؤطر كل شيء دائما بالقانون، يعني في نهاية المطاف مفروض أن يكون هناك فسحة ومرونة في الحركة، أي السلطة التقديرية، الأمر الاخر أنه إذا أردنا التوجه كليا إلى اللامركزية، فعلينا أن نعدل ونعيد سن حوالي 200,000 فقره قانونية، وهو ما سمي في وقتها يسمى في وقتها المقصلة التشريعية.

حوار الفكر: نعم وقع العراق مذكرة تعاون مع USID عام 2008، لتنفيذ المقصلة.

د. طورهان المفتي: نعم، فأمام هكذا تنازع نحن كنا نتشبث بأنه الخاص يقيد العام، وإنه القانون رقم 21   من القوانين التي تمتلك العلوية، فنعمل بهذا الخصوص، ولكن دائما قوة القانون مرتبطة بقوة الشخص القانوني في الجهة المقابلة، والحجة القانونية، فأمام هكذا أمور حقيقة توجد مشكلة يعني لكن كما قلت لك تنازع الصلاحيات ليس سيئ في كل دولة هناك تنازع في الصلاحيات، التنازع موجود دائما على مستويات مختلفة، في العراق الإشكالية الموجودة بصورة عامة أنه ليس لدينا تنازل صلاحيات وحسب، عندنا تنازع في مفهوم إدارة الدولة هذه هي الإشكالية الموجوده على طول الخط، يعني مثلا يأتي رئيس وزراء هو مع تطبيق الدستور، مع اللامركزية، لكن لأن الدستور وزع الصلاحيات فرئيس الوزراء لوحده لا يستطيع أن يمشي باتجاه تكريس اللامركزية او مواضيع أخرى بمفرده، فعندنا مشكلة في مفهوم إدارة الدولة بهذا الخصوص، الدستور واضح مثلا في تحديد المستويات المختلفة للإدارة ويوجه بوضع قوانين، مع ذلك هذا التنازع موجود في مجلس النواب، وأرجع أقول مرة أخرى لأن تجربة اللامركزية إلى الآن تعتبر تجربة حديثة، فلا يزال هناك ممانعة لا يزال هناك من يتمنى أن ترجع الدولة إلى مركزية القرار، وإلى الآن هناك في كثير من مفاصل الدولة عدم التمييز بين اللامركزية وبين عدم التركيز وهما مفهومان مختلفان كليا، يعني اللامركزية حين تعطى الصلاحية للحكومة المحلية، بينما عدم التركيز يعني إن الصلاحية تعطى لممثل تلك الوزارة في المحافظة، وهما مفهومان مختلفان كليا، إلى الآن كثير من الأطراف السياسية وحتى الوزارية يذهبون باتجاه عدم التركيز، ويقول لك أنا اعمل باللامركزية لهذا نحن نحتاج إلى المزيد من السير باتجاه اللامركزية، وتجاه تكريس هذه الإدارة وهو ما سيقينا من الكثير من المشاكل، يعني إذا تم تكريس اللامركزية بصيغتها الصحيحة التي وضعناها وقتها حتى الكابينة الوزارية تقلص إلى حوالي ثلاثة عشر وزارة، والبقيه كلها تصبح وزارات راسمة للسياسة، أو تدمج مثلا كل ثلاث وزارات بهيئة راسمة للسياسة، فتكون الدولة مستقرة.

حوار الفكر: معالي الوزير، ضمن هذا السياق، اود ان اسألك عن موضوع محدد، شخصية المحافظ دائما تؤثر على مدى اتساع أو ضيق القدرة على التمتع بهذه اللامركزية، يعني هو النص القانوني واحد، لكن تجد محافظ جريء قادر على أن يتحمل المسؤولية، أنا أعرف أن بعض المحافظين كانوا يتخذون قرارات على مسؤوليتهم في تنفيذ العمل وامضاء القرارات على الرغم من ان بعضها كان يتحول الى قضايا تثار ضدهم في النزاهة ، بينما آخرين يعني يترددون باتخاذ القرار، وهذا ينعكس على قضية تخصيص الموازنات للمحافظة اذا لم اكن مخطئا. 

د. طورهان المفتي: يعني ليس تماما، جزء يتعلق بشخصية المحافظ نفسه، والجزء الآخر على مدى استيعابه 

لللامركزية، يعني مثلا أيام المركزية، السلطة المركزية، تعريف المحافظ هو وكيل وزير لأي وزارة لكل وزارة، في اللامركزية المحافظ أعلى، سلطة محلية الموضوع مختلف كليا، فالمحافظ حين يستوعب هذه النقطة يبدأ بالعمل، لكن الخوف بصورة عامة، أنه في العراق الممارسات السياسية هي ممارسات في بعض جزئياتها قائمة على التربص، فحين يأتي أحيانا المحافظ أو أي مسؤول ليس بالضرورة المحافظ، حين يحس عليه تربص يتردد في العمل، المشكلة الأخرى الموجودة قد نخرج عن موضوعنا انه في أصول المحاكمات الجزائية - إذا تسعفني الذاكرة - اتصور في المادة (136 ب) أو شيء من هذا القبيل هذه الفقرة في أصول المرافعات الجزائية، كان أي موظف لا يرفع إلى التحقيق القضائي بدون موافقة السلطة العليا، هذا كان يجعل الموظف في مختلف مستويات المسؤولية أن يعمل دون خوف، لأنه يعرف أنه آخر الامر هو مسؤول امام شخص واحد، ما حدث أنه تم إلغاء هذه الفقرة تحت قناعة  بأن هذا سيعطي دعما للشخص الفاسد بوجود من يحميه، هذا الموضوع يعني توجد فيه تفاصيل مختلفة، بالعكس أنت حين تجعل كل موظف من ضمن المحافظة تحت مبدأ كل امرء بما كسب رهين، هذا يجعل المحافظ يخاف من العمل، وإذا عمل قد يسائل إذا عليه تربص، أما لو بقيت الفقرة القانونية آنفة الذكر الفقرة السابقة، فمثلا المحافظ سيكون حسب اللامركزية مسئول عنه مجلس المحافظة والمسؤول عنه رئيس مجلس الوزراء، فأكيد هؤلاء لن يعطوه مجال يعمل بصورة مخالفة للقانون، وإذا هو موظف، فعندك الوزير لأن معنى هذه الفقرة أن أي خطأ بالوزارة الوزير يتحاسب وليس الموظف صح أو لا؟ فأكيد لن يعطي المجال، فكان يؤطر ويقنن ما موجود من أمور مجانبة للقانون، لكن الذي حصل انه تم إلغاء هذه الفقرة والتي عرّت تقريبا جميع موظفي الدولة، لهذا فإن الدولة أيام حكومة السيد المالكي فإن الدول حتى تستطيع تدارك هذا الموضوع صدر الامر الديواني المتضمن ان تكون هناك لجان تحقيقية إدارية في كل قطاع

قبل الذهاب إلى التحقيقات القضائية فقط ليتداركوا هذا الموضوع، وعلى هذا الأساس بوقتنا وضعنا لجنة تحقيقية عليا، فيما يخص المحافظات وما يخص الإدارة في الحكومات المحلية قبل الذهاب إلى الجهات القضائية، حتى فقط أن نعطي دعم للعمل وليس ان نحميه عند الأمور المجانبة للقانون وإنما أن نعطيه دعم، فهذا الموضوع يعتمد على هذه الثلاث نقاط التي قلناها، وعلى مدى إنجاز المحافظ، وعلى طول الخط كان هناك محافظين حقيقة كانوا على قدر عالي من الجرأة والعمل وأنتجوا ويوجد محافظين ما قدروا ان يعملوا.

حوار الفكر: دكتور هذا الموضوع تحديدا يعني العلاقة بين المحافظ الجريء والمحافظ المتردد الذي اشرت له وبين العلاقة بالتخصيص المالي قبل مدة حضرت ندوة حاضر بها محافظ سابق ومستشار مالي للحكومة منذ سنوات طويلة، خلاصة حديثهما أن التخصيص المالي للمحافظة يتم على اساس نسب الانفاق والانجاز من الموازنة السابقة. فسألتهما أنه بهذه الطريقة الموضوع متوقف على المحافظ، حقوق المواطنين في المحافظة متعلقة بهذا الاشكال، فالمحافظ الجريء قادر على جلب التخصيصات للمحافظة، والمحافظ المتردد عاجز، كيف يمكن ان نحله معاليك؟ يعني هل هو تعقيد قانوني ام سياسي لحل هذه الطريقة بتقييم التخصيصات؟

د. طورهان المفتي: يعني أهم نقطة بهذا السياق هو تفعيل المادة 44 من قانون المحافظات الذي عملنا عليه، حيث خصصنا موازنة محلية لكل محافظة، يعني صارت المحافظة عندها موازنة اتحادية للوزارات للقطاعات الاتحادية وعنده موازنة اخرى للحكومات المحلية، وعنده موازنة تنمية اقاليم وعنده موازنة محلية مادة حسب المادة 44، هذا عملنا عليه، ووضعنا مسودة موازنات، وضعنا في البداية موازنة لفتح حساب وقلنا حتى لو تضعون في الحساب دينار واحد، لكي تكون هناك شرعية لفتح الحساب هذا عملته مجموعة من المحافظات، منها واسطة اظن، استطاعوا أن يجمعون بسنة واحدة مائة وخمسين مليار دينار، وهو مبلغ يوازي ذلك العام موازنة تنمية الأقاليم المخصصة للمحافظة، لهذا صار هناك عمل بالمحافظة هذه الفقرة حاليا لم يتم تفعيلها في كل المحافظات، مرة قالوا الرسوم الضرائب الاتحادية، ونحن لم نذهب باتجاه الضريبة، وضعنا في التعليمات الذهاب باتجاه الرسوم، الرسول بشرط انه هذه الرسوم لا تتقاطع مع أي رسم أو ضريبة اتحادية، وكانت ثلاث فئات، يعني مثلا (5000، 10000، 15000) هذه المواد الموجودة كرسوم، نحن وضعنا مستويات توجيهية وليست قانونية، يعني نحن وضعنا مثال، لأنه كل محافظة لها خصوصيتها، وللمحافظة ملئ الرسوم وفق هذه الخصوصيات، حتى أيضا تكون ضمن اللامركزية، فلا نفرض أن يستوفي رسما من شيء محدد، فهذا الموضوع في مثل هذه الأجواء لو يفعل بصورة كاملة سيكون يكون هناك عمل جريء جدا في المحافظات، أولا سيكون عنده مورد مالي إضافي، ثانيا المورد المالي هذا مورد مالي محلي، بالتالي الحكومة المحلية مسلطة. فكان يعطي جرأة ويعطي قرار مثلا أين وكيف يصرفه. 

حوار الفكر: يعني دكتور اظن إنه هذا يوضح أيضا رؤيتك لما يجب أن يكون عليه الحال للتطوير، لأنه أنا كنت أريد أسأل معاليك عما نحتاجه للتطوير، التجربة التي حضرتك تجد أنها ماشية بشكل جيد. 

د. طورهان المفتي: نعم، يعني هذا يفعل، وتفعل مجالس التخطيط والتنمية التي أسسناها في وقته، وهو حتى موجود اليوم في الموصل ويعمل بصورة ممتازة، مجالس التخطيط والتنمية التي في وقتها تمت الموافقة عليها أن تتشكل من أطراف ثابتة وأطراف متحركة، الأطراف الثابتة مثلا محليا المحافظ، ومدير التخطيط المحلي، 

وكذلك مدير الدائرة الإدارية والمالية المحلية للمجلس الذي اسسناه ومدير التموين، والوحدة الحسابية المحلية، إضافة الى أطراف أخرى، يقابله من جهة أخرى على حسب الوزارات المشمولة باللامركزية، يعني مثلا يقابله تسعة أعضاء في مجال الزراعة، وتسعة في مجال خلنا نقل الصحة والبيئة، وتسعة في مجال الرياضة والشباب، وتسعة في مجال الصحة ومجال التربية، وفي مجال العمل والشؤون الاجتماعية، ثم تسعة آخرين ثلاثة من المجتمع المدني، ثلاثة أساتذة وخبراء ثلاثة من المستثمرين والمهتمين بهذا المجال، فمثلا أنت حين تريد النقاش بشأن الرياضة والشباب سوف تحضر هؤلاء التسعة مع الثابتين، إذا ذهبت الى الزراعة، هؤلاء التسعة يتغيرون يأتون تسعة آخرين المهتمين بالزراعة ويأتي بالتالي يضع تخطيط شامل للحكومة والمحافظة، والحكومة المحلية، لأن المجالس المحلية مجالس منتخبة، يعني شأنا أم أبينا  توجه بها اتجاهات سياسية، أما مجالس التخطيط والتنمية هذه فهي مجالس مهنية، فهذا ممكن يعني أن يكون هناك تطوير وإعادة تفعيل وإحياء مجالس التخطيط والتنمية للموازنة المحلية على المادة 44 تكملتها من الممكن أن يكون تكريس لللامركزية بهذا الخصوص بصورة ممتازة. 

حوار الفكر: ممتن جدا دكتور، أو ان اختم الحديث مع معاليك بوصفك مسؤول شؤون المياه، بعملك في مجلس الوزراء في الوقت الحاضر بشؤون المياه والعلاقات الثنائية المائية مع تركيا وإيران.

د. طورهان المفتي: موضوع المياه - وهذا تكلمت عنه في أكثر من لقاء - واحد من مشكلات العراق، اول مشكلات العراق إنه في تاريخ العراق الحديث لا توجد اتفاقية عن المياه بين العراق من جهة وبين تركيا أو إيران من جهة، توجد اتفاقية حول حسن الجوار مع تركيا 1946 مرت مرور الكرام على المياه، لأن ذاك الوقت وقت فيضات، ولم تفكر أي من الدولتين بما سيحدث عند الجفاف، واتفاقية، الجزائر سنة 1964 مع إيران ذلك الوقت أيضا كان وقت فيضانات، لهذا مروا مرو الكرام  فقط على خمس أنهر، بالتالي الان بعد 1990 حين بدأت مشكلة الجفاف وحاليا هي قفزة بالجفاف والتغير المناخي، لا توجد اتفاقيات، توجد تفاهمات تتعلق بنسب الاطلاقات، ولأول مرة العراق يتفق مع تركيا بهذا الخصوص بصورة جدية، اللي هي مذكرة الاتفاق الاطاري للمياه والتي مذكرة اتفاق مائية واقتصادية، وبدأنا الان بها منذ سبعة اشهر فعليا بها، وهي ممتازة جدا، يعني نعول عليها كثيرا في التغذية المائية والاطلاقات المائية للعراق بها يعني مؤشرات ايجابية جدا، نحاول الآن عقد نفس المذكرة مع الجانب الإيراني، علما أن المشاركة المائية الإيرانية مع العراق حوالي 12% على مجمل العراق والغالبية حوالي 60% مع تركيا لكن مع ذلك 12% هذه في جزء معين من حوض دجلة التي تبدأ من اسفل محافظة ديالى الى حد الكارون، وهي  مهمة جدا إذا قدرنا أيضا نعمل مذكرة، وإذا مشى الحال إن شاء الله نتأمل أن تمضي المذكرة وفق وقعنا، فلن تكون عندنا مشكلة فعلية، هذا لا يعني لا توجد مشكلة لأن المنطقة كلها بتغير مناخي، المنطقة كلها تعاني من الجفاف يعني سواء حتى السدود التركية هذه الفترة هي غير ممتلئة، فالمنطقة كلها تحت ضغط الجفاف، ولكن مع وجود هذه المذكرات ممكن أن نعبر هذه الفترة، إن شاء الله. 

حوار الفكر: دكتور، هذا فيما يخص الموضوع الخارجي، داخليا أنا مهتم جدا أيضا بموضوع المياه، أنا اطلعت على إستراتيجية إدارة المياه والأراضي في العراق للسنوات 2015 - 2035، الإستراتيجية غير المنشورة، ووما فهمته إنه جزء مما كان يطرحه الأتراك من إشكالية على الحكومة العراقية هو عدم تفعيل العمل بهذه الإستراتيجية، بمعنى وسائل الري المحلية، الاستهلاك المحلي بمشاكل الري التقليدية، هل هناك عمل بهذا الاتجاه؟

د. طورهان المفتي: نعم تماماً، لدينا وسائل الري قديمة جدا، يعني مثل ما قبل 4000 سنة إي جدول صغير، قناة يسحبوا المياه وما شابه، لكن الان الوضع اختلف، يعني حتى الحكومات السابقة كانت دائما تدعو إلى استخدام التقنيات الحديثة للرأي، الوضع اختلف، يعني نحن الان في فترة جفاف يعني قبل يقولون المتر المكعب من المياه يكفي لسقي دونم من الأرض، حاليا المتر المكعب ضمن الري الحديث وبتنفيذ التكنولوجيا الحديثة يروي سبع دونم، أما الري الذكي فالمتر المكعب يسقي 21 دونم، فإذا قدرنا ان نذهب الى الري الذكي، فالأكيد ان المياه الموجودة لدينا ستكفي، وستزيد الأراضي الزراعية أيضا، لأنا ضاعفنا قدر الري من واحد إلى 21، أما لو بقينا على الري القديم الذي هو متر مكعب لكل دونم وإذا جدول مراشنة احمال 3 – 4 او 5 متر مكعب لكل دونم فأكيد لن تكفينا المياه.

حوار الفكر: هذا بمعزل عن الحديث حول المحاصيل التي أصلا تحتاج تغريق، مثل الرز الذي يحتاج الى غمر.

د. طورهان المفتي: والله حتى هذا توجد له حلول، يوجد ما يسمى بالبايوتونيك، نوع من أنواع السقي ان تغمره ولكن لا تزرع النبتة، بل تعلقها في المياه، فالنبتة موجود في المياه لكن المياه لن تضيع لأنها ليست في التربة، والان البعض يربون اسماك في هذه المياه.

حوار الفكر: دكتور يعني الشراكات الاستثمارية في موضوع الزراعة، لو فتحت باب الشراكة الاستثمارية للزراعة، مثلا مع تركيا أو إيران.

د. طورهان المفتي: نعم، لدينا حوالي 29 مليون دونم مستصلح، والمستخدم الان حوالي 16 مليون، فهذه الشراكات إذا قوبلت مع حصة مائية تكون ناجحة جدا، يعني مثلا في حوض نهر دجلة أسفل ديالى لكن بالمقابل يتم إطلاق المياه، علما ايران تعاني من الجفاف انا زرت بعضها ووجدت انها أصبحت من التاريخ واندرست لعدم وجود الامطار سواء بتركيا او في ايران.

حوار الفكر: نعم دكتور، قصدي إنه حتى مع تركيا، يعني تركيا الآن تذهب لاستصلاح وبناء شراكات زراعية مع السودان ومع غيرها، أنا أظن إنه الأتراك سيفضلون حتى عاطفيا وليس من الناحية الاقتصادية وحسب أن يتعاملون مع العراق .

د. طورهان المفتي: وهذا ضمن أحد أجزاء المذكرة الاطارية، قلت مسبقا ان موضوع المذكرة هو اقتصادي مائي، يمكن أن يكون هذا أيضا ضمن الشراكة الزراعية.

حوار الفكر: شكراً جزيلاً لكم معالي الدكتور طورهان المفتي لتخصيص جزء من وقتكم الثمين.

 

تعليقات الزوار