00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر07
الأحد
18 °C
بغداد، 18°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور نعيم العبودي لمجلة "حوار الفكر": لا توجد مشكلة في العراق إلا وللوزارة رؤية في حلها ونهدف للانفتاح على المجتمع

في تأكيد على دور التعليم العالي كرافعة أساسية للتنمية والاستقرار، شدّد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور نعيم العبودي، في حديث خاص لمجلة "حوار الفكر" تم نشرها في العدد المزدوج (69 - 70) الصادر في كانون الثاني 2024، على أن وزارته تملك رؤية واضحة لمعالجة مختلف التحديات التي يواجهها العراق.

وأضاف العبودي أن الوزارة تسعى إلى تعزيز الانفتاح على المجتمع وتوسيع أدوار الجامعات لتكون فاعلة في حل الأزمات وتلبية احتياجات الدولة والمواطن على حد سواء.

وفيما يلي نص الحوار

أسئلة كثيرة هي التي تدور في ذهن الطالب والاستاذ الجامعي فيما يتعلق بخطط وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لما لهذه الوزارة من أهمية، منها قضية استيعاب الطلاب بالجامعات نتيجة الضغط الكبير في الأعوام المقبلة، بالإضافة إلى النظرة غير المناسبة للجامعات والكليات الأهلية، فضلاً عن أزمة توظيف الخريجيين.

كما تم التطرق إلى أسئلة أخرى تتعلق بـ «توفير مستلزمات البنية التحتية المثالية للجامعات، والقضايا التي تتعلق بالكليات الأهلية، وشؤون المختبرات العلمية وتوفير المكتبات المثالية»، كما خصصنا عدداً من الأسئلة التي كانت تتعلق بدور وزارة التعليم العالي في مكافحة قضايا مصيرية وهامة منها «أزمة التغيرات المناخية» على العراق.

وللإجابة عن هذه الاسئلة وغيرها، أجرت مجلة حوار الفكر على هامش مؤتمر المناخ الدولي الذي أقامه المعهد العراقي للحوار وكلية العلوم الساسية بجامعة بغداد، حواراً مع معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور نعيم العبودي، وقد حاوره الدكتور يوسف خلف.

 

حوار الفكر: بداية نشكركم على قبول الدعوة للحوار، وسنتطرق لبعض المحاور التي تركز على مدخلية التعليم في انعاش واقتراح بعض الحلول لمختلف قضايا الدولة بشكل عام، فلو بدأنا معالي الوزير في السؤال العام، ما هي خطط التعليم العالي واقتراحها لمواجهة المخاطر المهمة القادمة على العراق، حيث أن كل التقارير الدولية تشير إلى ان العراق من المتأثرين جداً في تغييرات المناخية القادمة؟

معالي الوزير:

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين بالقاسم محمد واله بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحبه المنتجبين وعلى جميع الانبياء والمرسلين،  بداية الشكر والتقدير لـ»المعهد العراقي للحوار» ومجلة حوار الفكر الصادرة عنه لإتاحة هذه الفرصة.

 بصراحة هذه إشارة إيجابية مهمة جداً، أن يكون لبعض مراكز الدراسات والمعاهد هذه الخطوة، وهو تحديد المشاكل ووضع الحلول والانفتاح، وفي أكثر من مناسبة قُلتُ أنه لا توجد مشكلة في العراق إلا وللتعليم العالي له رؤية في حالها، فلا يمكن أن يكون هناك استدامة واستقرار حتى على مستوى الوضع السياسي، إذا لم تكن الجامعات منفتحة على المجتمع وتضع الحلول.

 لذلك منذ البداية وتسلمنا للوزارة ركزنا على نقطة أساسية وجوهرية مهمة هو موضوع دعم البحث العلمي، طبعا المشاركة ليس فقط في القرارات الداخلية لوزارة التعليم العالي، وإنما اشركنا في الرؤية كثير من الاساتذة المهمين العراقيين خارج العراق وحتى في داخل العراق من المتقاعدين، ومن لديهم رؤية في موضوع البحث العلمي.

بالإضافة إلى ذلك خصصنا المبالغ المالية من صندوق التعليم العالي واعطينا الصلاحية لجامعاتنا أن يكون هناك صرف من هذه الصناديق لموضوع البحث العلمي.

 لذلك هناك رؤية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ولكن هذه الرؤية تبقى ناقصة إذا لم يكن هناك تكامل مع مؤسسات الدولة، فما هي الفائدة عندما تضع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رؤية أو بحثاً علمياً في حل هذه المشاكل،  ولا توجد هناك رؤية استراتيجية.

 لحد هذه اللحظة الحكومة العراقية مع دعم البحث العلمي، لكن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تواجه تحديات، وواحدة من هذه التحديات الجانب الروتيني والجانب البيروقراطي الذي يجب أن نتجاوزه، هذا أولاً.

وثانياً أن تكون هناك استراتيجية واضحة جدا وارادة حقيقية تبرهن أن يكون هناك دعم للتعليم العالي ودعم جامعاتنا من أجل الانفتاح على المجتمع، فالخطوات الأولى التي اتخذناها أولاً الجانب المالي حيث تم دعم البحث العلمي بهذا المجال.

وقمنا بتأسيس المجلس الاستشاري الصناعي، وأنا اعتقد هذه الخطوة نوعية قامت بها وزارة التعليم العالي والبحث للافتتاح على القطاع الخاص، وإن  مخرجات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يجب ان تكون داخلة في سوق العمل، و شبابنا لا يجب أن يكون هدفهم الأساسي فقط التعيين، بل  يجب ان تكون لديه مهارات،  كل هذا مع دعم البرنامج الذي طرحناه مسار بولونيا يصب في سوق العمل.

 لذلك أطلقنا في مؤتمر المناخ الدولي الذي عقده المعهد العراقي للحوار وكلية العلوم السياسية، مسابقة لوضع الحلول للتغير المناخي، بصراحة هذه المشكلة لا تهدد العراق فحسب، وإنما المنطقة برمتها، وأنا أجزم بأن الحلول سوف تكون في هذه البحوث التي سوف يكتبها الاساتذة المختصين خصوصا طلبة الدراسات العليا والاساتذة الموجودين في الجامعات، من أجل وضع الحلول بالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون أيضاً إرادة حقيقية لتطبيق هذه البحوث العلمية عملياً.

حوار الفكر: معالي الوزير أريد أن أسمع أجوبة أيضا صريحة،  المنصف المتتبع يقول وزارة التعليم العالي من أكثر الوزارات استقراراً وحركة، حيث كشفت في مؤتمر المناخ الدولي مستوى جرأة التعليم في طرح قضايا قد تغير نظام التعليم في العراق،  لكن السؤال الأهم وهو لدى الباحثين انفسهم، لماذا لا تأخذ هذه الدراسات طريقها للتطبيق؟ فهل توجد حالة من التكامل راضي عنها معالي الوزير مع مؤسسات الدولة بتبني هذه الدراسات؟

معالي الوزير:

لدينا مشكلة وقلت بصراحة الجانب البيروقراطي هذا واحد، وثانياً المشكلة عندنا أيضاً على مستوى القوانين وتشريعها؛ لأن التحديات بالنسبة لوزارة التعليم العالي هي تحديات كبيرة جداً، وإذا تكلمنا في الخطوات التي قمنا بها خلال السنة الماضية في قبال التحديات،  ربما تشاهد نوع من الاعجاز ولكن حتى نكون موضوعيين هناك فرص كبيرة جداً للنجاح.

 لدينا أساتذة جامعات أكفاء، ولدينا مجالس استشارية وخبرات وشخصيات مهمة أكاديمية، وإذا استطعنا أن نجعل كل هؤلاء في صناعة القرار سوف نحقق نجاحاً، وبالنسبة لنا حتى على مستوى الدراسات العليا، سوف ننطلق ان شاء الله لوضع خطة للدراسات سواء كان في الماجستير والدكتوراة.

 بصراحة هناك نقص حاد في بعض الاختصاصات، مثل إدارة المشاريع وإدارة الأعمال بصراحة الدولة والحكومة تحتاجها، لذلك بالنسبة لنا كوزارة التعليم العالي والبحث العلمي نخطو مع مطالبتنا في مجلس الوزراء والضغط في سبيل أن تكون هناك عملية تكامل بين الوحدات الحكومية من أجل أن يكون البحث العلمي ليس فقط موضوعاً في المكتبات بل يجب أن يجد طريقه للتطبيق العملي.

نحن خاطبنا كل الوزارات من ضمنها وزارة التخطيط والمالية والصناعة وغيرها، والوزارات التي لديها مشاكل بضرورة طرح المشاكل الموجودة لدى هذه الوزارات، وما هي الاختصاصات النادرة التي يحتاجونها، لأجل ذلك سوف نضع خطة للدراسات العليا لهذا العام 2024.

 ولكن كما تعرفون هذا لا يمكن أن ينجح إذا لم يكن هناك وترابط بين هذه مؤسسات الدولة، وقد تحدثنا مع رئيس مجلس الوزراء بهذا الجانب، والآن نحن نريد وضع خطة لكي تستفاد هذه الوزارات من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وخلال هذه الفترة زرت بعض الدول وجدت هناك انفتاحاً كبيراً جداً للجامعة على المجتمع وكذلك على القطاع الخاص،  لديهم ميزانية خاصة، ولديهم ميزانية في الشراكة مع القطاع الخاص، وهناك مؤسسات دولة تعتمد اعتماد كلي على التعليم العالي والبحث العلمي من هذه البحوث.

ونحن بالنسبة لنا سوف نكون مهيئين وقادرين على أن نضع هذه الحلول ونضع الخطوة الأولى، وتبقى الخطوة الثانية، حتى لا نبقى عاجزين، ويجب أن نضغط ونتحدث مع مؤسسات الدولة الأخرى من أجل وضع أولى لبنة حقيقية لمشاريع القوانين التي الآن نعمل عليها.

 بالاضافة إلى ذلك نجعل هذه المؤسسات وهذه الوزارات تثق بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بان لديها رؤية، هذا ما نعمل عليه خلال هذه الفترة ان شاء الله.

حوار الفكر: هذا عمل إيجابي ونحن متفائلون، لكن اليوم زملائك من التدريسين والباحثين وابنائك الطلبة خصوصاً طلاب الدراسات العليا،  عندهم همّ عام، لماذا لا تفتح الوزارة بشكل عام دراسات حسب التخصص، أي بمعنى أوضح هل بالإمكان وضع مسار لاختيار الموضوعات في الدراسات العليا، لأنه كما تعلم اليوم اختيار الموضوعات في الدراسات العليا في كل الاقسام تخضع لخبرة التدريسي؟ فهل توجد نية لطرح موضوعات مهمة لحث الباحثين والزامهم في انجاز هالملفات؟

 معالي الوزير:

سوف نعمل على هذه القضية في مسارين، الأول هو المسابقات التي طرحناها بأنه لكل باحث لديه بحث في هذا الجانب وفي هذا المجال خصوصاً في التغير المناخي سوف تكون له جوائز، ونحن جربنا هذه المسابقات وكانت لها نتائج فمثلاً مسابقة «اقرأ» التي طرحتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حققت نتائج كبيرة في انفتاح الجامعة على المجتمع وعلى الطلاب.

 والبعض شكك تنجح او لا تنجح، لأن هناك بعض الأطروحات تكون هي طروحات كلاسيكية، لا تأخذ حيزاً كبيراً، فعندما طرحنا هذه المبادرة (المسابقة)، وجدنا هناك تفاعلاً كبيراً جداً من الطلبة مع هذه المبادرة، الذي سجل فيها قرابة 40 ألف طالب في المنصة، والذي شارك في الامتحان ما يقارب 22 ألف طالب وأدوا الامتحانات لقراءة كتاب، وكانت هناك جواز وفاز بها بعض الطلبة، لذلك الآن فرصة أيضاً للاساتذة والدراسات العليا أن نقوم بهذا الجانب بالإضافة الى ما تفضلتم به، نحن ناقشناه في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويجب أن نركز على بعض الموضوعات التي لها دخل في حل مشكلة معينة.

وإلا ما قيمة البحث العلمي وما قيمة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إذا لم تحدد المشكلة الحقيقية التي يعاني منها المجتمع ومن ثم تضع لها الحلول، لذلك ننطلق من الواقع نحدد هذه المشاكل ومن ثم نضع بحوثنا ومسابقاتنا لحل هذه المشكلة، وأنا أجزم بأنه المشاكل الموجودة سواء كانت السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، كل جانب من هذه الجوانب، شبابنا الموجودون في الجامعات لديهم رؤية في حلها، سواء كانوا الشباب الطلاب أو على مستوى الدراسات العليا.

نلذلك نحن ننطلق أولاً من إيماننا المطلق بأن العقل العراقي عقل ناجح واستراتيجي يضع الحلول ومن ثم لدينا الامكانيات، ولا يوجد هناك أي عذر بالتلكؤ، فحتى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على رغم التحديات ولكن هناك فرص للنجاح، أي تلكؤ ليس هناك عذر بصراحة، لذلك الخطة موجودة ولكن علينا أن يكون هناك تكامل مع باقي المؤسسات وهذا ما نؤكد عليه.

مشاريع القوانين لدينا مشكلة حقيقية فيها، فمثلاً عندما تشترك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع القطاع الخاص، فإن ايرادات هذا المشروع ستذهب إلى الموازنة العامة، وبالتالي لا يكون هناك حافز ودافع مثلاً لجامعاتنا أن تكون لديها عمل مع القطاع الخاص حتى يكون لوزارة التعليم العالي سيولة مالية.

وما نعمل عليه خارج الموازنة طبعاً، موازنتنا غير مشجعة؛ لأن في داخل الموازنة لدينا عجز واحد تريليون دينار في الموازنة التشغيلية، والذي ساعد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هو موضوع صندوق التعليم الذي سمح للوزارة بالعمل.

 لذلك لدينا خطة خلال هذه الفترة ان نؤسس مركزاً بحثياً وتم تخصيص مبلغ مالي له، وتخصيص الأرض له، وسيكون هذا هو أكبر مركز بحثي في العراق والشرق الأوسط.

وهناك اتصال مع كليات الهندسة وكليات العلوم، من أجل معرفة حاجاتهم الأسياسية ومتطلباتهم، لأنشاء هذا المركز، وحتى اللحظة لا يوجد هناك مركز بحثي علمي متخصص تعتمد عليه طلبة الدراسات العليا وتعتمد عليه الجامعات.

 لذلك كانت الفكرة بانه نؤسس مركز بحثي علمي متخصص تستفاد من طلبة الدراسات العليا وكذلك الجامعات وكل الباحثين، ويكون الأول في الشرق الأوسط، وإذا لم يكن الأول فعلى الأقل أن لا يكون هناك مركز بحثي متخصص أعلى منه.

وقد بدأنا بالخطوات العملية، شخصياً أقوم بمتابعة المشروع وسوف يكون إن شاء الله إضافة نوعية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

حوار الفكر: معالي الوزير، مضى عام على تسلمكم وزارة التعليم العالي، البعض في الوسط الأكاديمي بشقيه على مستوى الدراسات العليا والاساتذة أو حتى الطلبة، ينظرون إلى الوزارة خلال السنة المنصرمة، على أن «وزارة مبادرات ومسابقات» وهذا شيء مفرح، سواء كانت مسابقة اقرأ أو مسابقة الذكاء الاصطناعي النوعية حقيقة، أو حتى مبادرة المناخ التي جرى الإعلان عنها بالتعاون مع المعهد العراقي للحوار، فسؤالي المهم كيف سيتم تمويل هذه البحوث؟

معالي الوزير: 

فيما يتعلق بمسابقة المناخ التي جرى الإعلان عنها أواخر العام الماضي، فالمعهد العراقي للحوار هو متبنى هذه المسابقة وهذا أمر يشكر عليه بأنه يدعم المسابقة، أما فيما يتعلق بمسابقة اقراء فقد تبنت  الجامعات الأهلية هذا المشروع وقدمت الجائزة التي هي قرابة مئة مليون عراقي.

والآن المعهد العراقي للحوار قال نحن نشترك في دعم هذه المسابقة. فالقصد هناك فرص تارة مركز دراسات أو جامعات أهلية، فيجب أن لا نقف مكتوفي الأيدي، وأنا استكمل لما قلت له بشأن المبادرات، قبل فترة كانت لدينا نقاشات حول هيئة الطاقة الذرية ووجدنا لدينا طلبة أذكياء جداً في موضوع الهندسة النووية، ولكن لدينا فجوة بين جيل الشباب وبين علمائنا الذين هم اغلبيتهم الآن متقاعدين وليس لديهم القدرة الكبيرة جداً لتقديم شيء في ظل التطورات الحاصلة في هذا المجال، فقد أطلقنا مبادرة وكان هناك نقاشات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسافرنا أكثر من مرة بشأن ذلك، وقد دعمت الحكومة العراقية إنشاء مفاعل نووي صفري لكلياتنا وجامعاتنا في بغداد، وقد حصلت الموافقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحكومة العراقية أيضاً دعمت بقوة، وللانصاف تم في المجلس الوزاري الأمني وصدرت الموافقة من الحكومة العراقية، وأيضاً خصصنا المبالغ المالية من صندوق التعليم، وتمت مخاطبة الشركات الصينية والروسية، ولكن باعتقادي أن الشركات الصينية سوف تأتي للعراق لتقديم العروض كما وصلتنا دعوة رسمية من روسيا، وسوف يقدمون لنا عروضاً عن تنفيذ مشروع مفاعل النووي الصفري، وسيكون هذا المشروع الخاص بالجامعات لأول مرة في تاريخ التعليم العالي والبحث العلمي.

وحتى سابقاً بالنظام السابق لم يكن هناك مفاعل نووي صفري خاص بالطلاب، لأن الطالب كان يدرس القضايا النظرية ولم يكن هناك مفاعل نووي عملي يشتغل عليه، لذلك سوف تكون هذه هدية لشبابنا وطلابنا التي من شأنها بصراحة خلق علماء متعلمين في هذه المفاعل النووية. وان شاء الله نحن نتسابق مع الزمن حتى العمل سوف يكون مضاعف من أجل إنشاء المفاعل النووي الصفري بجانبه المركز البحثي العلمي الذي سوف يكون أيضا إضافة نوعية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

حوار الفكر: ما هي أهم التحديات التي تواجه وزارة التعليم العالي؟

معالي الوزير: 

التحديات كبيرة، لكن لم أهتم بتلك التحديات، بل أنظر إلى الفرص الموجودة عندي، وبالتأكيد كل عمل لديه فرص في أي دولة من الدول المستقرة سوف تكون له تحديات، ولكن نحن كيف نتغلب على تلك التحديات ونخلق هذه الفرص.

أنا اعتمد اعتماد كلياً على العقليات الموجودة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ولابد أن نعمل شيء للعراق، وأنا أعتقد كل شخص لديه غيرة على شعبنا وعلى وطننا بأنه باستطاعته أن يقدم شيئاً فلابد من تقديمه، وأنا وجدت خلال زيارتي للجامعات التي زرتها، هناك فرص كثيرة ولدينا طلاب متطلع وواعي حاضر في قضايا أمته بالإضافة وجود اساتذة علماء في كافة التخصصات.

لكن السؤال لماذا لا نشرك هؤلاء جميعا في صناعة قرارات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، للاستماع إلى مقترحاتهم، لذلك أبواب الوزارة مفتوحة لأي مقترح، والمقترح يدرس ويناقش من الكادر المتقدم للوزارة، وكانت جهود الوزارة واضحة جداً، فليس بالضرورة أن يكون القائد أو المسؤول ملماً في كل الاختصاصات، ولكن الأهم أنه من حوله من المتخصصين ولديه الارادة والرؤية في أن تسير في هذه الوزارة.

 لذلك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بها تحديات كبيرة جداً؛ ولكن هناك فرص لأنها تتعامل مع العقليات والخطط الموجودة لدى الاساتذة والطلاب، واستطعنا أن نضع الخطوة الأولى في المسار الصحيح، وعملنا الأساسي لحد هذه اللحظة هو عمل مؤسساتي ضمن فريق متكامل ومشترك، حتى من يأتي بعدنا لا يبدأ من الصفر بل يكمل المشوار لما انتهينا من عنده حتى تكون وزارة التعليم العالي هي الوزارة الأولى.

 بالإضافة إلى ذلك أنا اعتقد بأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية في أي بلد وهو الواقع طبعاً، إذا لم يكن هناك تعليم عالي حقيقي وناجح،  وهناك بعض الدول مثل سنغافورة وغيرها، رأس مالها التعليم والبحث العلمي، فعندما يكون هناك تركيز على البحث العلمي وعلى الجامعات سوف يكون هناك تطور واضح جداً ينعكس إيجابا على كل مرافق الحياة في التعليم العالي.

أنا أتذكر حادثة تُنقل في الكتب أنه في عام 1957، كانت أول انطلاقة للفضاء من الاتحاد السوفيتي، وعقبته إنطلاقة أخرى في عام 1961، وكانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية على أشدها في ذلك الوقت، فكان اجتماع للحكومة في الولايات المتحدة الأمريكية عن ما هو السبب الذي جعل الاتحاد السوفيتي يسبقنا للفضاء، وفما بدأ الشخص يسأل وزراء الصناعة والزراعة والتجارة، أجابه المعني بالتعليم (الوزير)، وقال أن المشكلة عندي، لأنه عندنا مناهج متخلفة ويحتاج لنا تحديث، والاتحاد السوفيتي متطور بهذا الجانب، فتم تغيير المناهج من الابتدائية إلى الجامعات، وبعد قرابة سبعة إلى ثمانية سنوات، وصلت الولايات المتحدة إلى الفضاء وتطورت أكثر وأكثر؛ لأن التركيز على جانب البحث العلمي والدراسات.

 لذلك لماذا لا يكون عندنا هذا الهدف الاستراتيجي؟ خصوصاً وأنا اعتقد أن عقلية الشباب العراقي ليست الأولى على المنطقة، بل الأولى على العالم، لأنه تجد شبابنا في الخارج مبدع، ولدينا شباب عراقيين في الجامعات الأوروبية علماء ولهم ابداعات على مستوى الطلاب الآخرين.

لذلك الفرصة متاحة وفرصة كبيرة جداً لأن ننجح وان شاء الله الخطوات التي نسير عليها تأتي من إيمان وقناعة راسخة بأنه لا يمكن أن يكون هناك استقرار حتى الاستقرار السياسي إذا لم يكن هناك بحث علمي وانفتاح على الجامعات.

حوار الفكر: اليوم وزارة التعليم العالي كراسم سياسات ويوجه القطاع الاكاديمي والتعليمي والبحثي وأيضاً مؤسسات الدولة من خلال الرؤية العامة، لكن أدوات التنفيذ هي الركائز المهمة موجودة في قيادات الجامعات سواء كان العمداء ورؤساء الجامعات وكل الكادر الذي يدير الجامعات، طبعاً المستويات بين العمداء ورؤساء الجامعات مختلفة، فالسؤال ما هي رؤيتكم لتغيير وميكانيكية تسريع هذه القيادات بما يتلائم مع تنفيذ المهام؟

معالي الوزير: 

 نعم نحن نلاحظ مستوى البحث العلمي من جامعة إلى أخرى مختلف كذلك الانفتاح على المجتمع والتفاعل مع الطلبة، فمن غير الممكن أن يكون مستوى واحد، بل حتى على مستوى القيادات الوسطى في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وذلك الحال في العمداء، ونحن الآن وضعنا خطة لزج دماء جديدة.

فالديناميكية المفروض تتغير وبعضهم لديهم القدرة، لكن يحتاج إلى التحفيز والتشجيع، لذلك بعض الجامعات بدأت تتحرك وأنا اقولها للإنصاف هناك بعض الجامعات هي جامعات فعالة منفتحة على المجتمع قياداتها قيادات حقيقية وواقعية، وأغلب رؤساء الجامعات نجحوا نجاحاً كبيراً لكن هم مقيدون تارة بالقوانين التي ذكرتها، ونحن فتحنا أبوابنا مع الجامعات للمقترحات والتشجيع وغيرها، وهذا لم يكن معمولاً به في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ولا يمكن أخذ هذه الخطوات إذا لم يكن هناك تفاعل لقيادات الجامعات مع وزارة التعليم العالي ومع الكادر المتقدم وليس فقط مع الوزير، ونحن ليس لدينا خيارات غير التفاؤل والنجاح إن شاء الله تعالى.

حوار الفكر: لدينا محوران في صميم التعليم العالي، واحدة من تلك المحاور هي أن هناك احصائيات تنشرها مؤسسات الدولة المختلفة بالزيادة السكانية للشباب، فهذه الزيادة ستنعكس على التعليم العالي، كيف تتعاملون مع هذه القضايا وما هي الطاقات الاستيعابية على مستوى التعليم الحكومي والتعليم الاهلي؟

معالي الوزير: 

هذا سؤال مهم، نحن في عام 2030، كانت الاحصائيات تقول بأن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يجب تستقبل أن يعني مليون طالب، نعم وفق الدراسات بأنه لدينا تأخر كبير جداً في إنشاء الجامعات، وهناك خطط سواء على مستوى إنشاء الجامعات الحكومية أو الأهلية، نحن خلال هذه الفترة فتحنا جامعة واحدة عام 2023 مع عدد من الكليات.

هذا السؤال يفتح أسئلة كثيرة، ما هي حاجة التعليم العام والحكومي إلى التعليم الأهلي، نحن عندنا مشاكل الأهلي طبعاً الآن 500 ألف طالب موجود في الكليات الأهلية، التعليم الأهلي حل لنا مشكلة، ولكن في نفس الوقت هناك مشاكل تراكمية بالتعليم الأهلي، والآن بدأنا باتخاذ خطوات تجعل التعليم الحكومي والتعليم الاهلي يقوم بعملية مشتركة من دون التفريق بينهما في النظرة، ورؤيتي أنه يجب أن نرتقي بالجامعات الأهلية إلى مستوى كبير، وأغلب جامعات العالم الأن الموجودة هي جامعات أهلية، ولكن متخصصة في البحث العلمي وفي بعض القضايا.

نحن لدينا مشكلة أن بعض الجامعات وأتحدث بصراحة هدفها الأساسي هو الجانب التجاري، ونحن قمنا بخطوات لتعليق بعض الجامعات أو تعليق بعض الأقسام، ولن نتردد بذلك أبداً، لأن الهدف الأساسي هو نجاح التعليم.

 والشيء المفرح هناك بعض الجامعات الأهلية بدأت تنافس الجامعات الحكومية خصوصاً في موضوع البحث العلمي، لكن كما تعلم أن إمكانات الجامعات الحكومية على مستوى الاساتذة أكثر ربما من الجامعات الأهلية.

 هناك بعض الجامعات الآن باشرت بدعم بعض المراكز الدراسات والمراكز البحثية في جامعاتها، وهي فائدة كبيرة جداً أيضا لجامعاتنا الحكومية، هذا كله يصب في مصلحة التعليم بصورة عامة.

 لدينا خطة خلال هذه السنة إن شاء الله في موضوع الجامعات الأهلية، يجب أن يكون الهدف هو هدف استراتيجي على مستوى دخول مسار بولونيا الذي سوف يطبق على الجامعات الحكومية والاهلية وهو انتقال من الموضوعات الى الطالب نفسه، والطالب يجب أن يكون هو جزء أساسي من هذه المنظومة وتكون مخرجاتنا داخله في سوق العمل،  كل هذه إن شاء الله سوف تصل في هذا المجال الذي ذكرته.

حوار الفكر: لماذا لا يتم تفعيل الدراسات العليا في التعليم الأهلي لغاية الآن على الرغم من وجود فقرة في القانون تجيز ذلك؟

معالي الوزير:

  موضوع الدراسات بصراحة ليس فقط للجامعات الأهلية، ونحن أصبح لدينا قرار في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن نفتح الدراسات العليا في الجامعات الأهلية بشروط، وكما تعلمون أن بعض الجامعات الأهلية على مستوى الاساتذة والامكانات ربما متأخرة عن الجامعات الحكومية، ولكن في نفس الوقت الجانب اللوجستي موجود في الجامعات الأهلية.

 لذلك في هذه السنة سوف نفتح الدراسات العليا للجامعات الأهلية ولكن بشرط أولاً يجب أن تكون هناك توأمة مع الجامعات الحكومية وخلال هذه الفترة يجب أن يكون الاساتذة المشرفين على هذه الاطروحات والرسائل من قبل الجامعات الحكومية نفسها؛ لأننا نشدد على الرصانة العلمية التي هي خطر أحمر بالنسبة لنا، بالمناسبة أن التوأمة بين الجامعات الأهلية مع الحكومية لاقت ترحيباً.

وفي هذا العام سوف تنطلق الدراسات العليا في الجامعات الأهلية بالشروط التي ذكرتها، والموضوعات التي نريدها والاختصاصات التي يحتاجها البلد وسوق العمل، والشيء المهم قد أدخلنا الذكاء الاصطناعي في الجامعات وسوف يحدث قفزة في سوق العمل، وبعض الجامعات الأهلية فتحت التخصص في الذكاء الاصطناعي.

لذلك فائدة الجامعات الأهلية هي أنها تنظر إلى القطاع الخاص وتعمل وفق حاجة الشارع والسوق ومن ثم تعطينا الأفكار،  فلذلك نحن استفدنا أيضاً من هذه الخبرة وهذه التجربة من الجامعات الأهلية، ولدينا رؤية بإنشاء كلية أو جامعة متخصصة في موضوع الذكاء الاصطناعي، وهذا هو الهدف والتكامل بين الجانب الحكومي والأهلي.

 سوف نجد التسمية التي لا تفرق بين الجامعات الحكومية والأهلية ان شاء الله مع حفظ كل مقومات ومميزات الجامعات.

حوار الفكر: أحد الأسئلة المهمة والملحة على المتقدمين من طلبة الدراسات العليا هذه السنة، هل بالامكان توسيع الخطة بدون الحاجة الى توسعة إضافية؟

معالي الوزير:

 نحن قبلنا 22 ألف طالب في الدراسات العليا، ما هي الاختصاصات، وما هي الخطة التي وضعت لهذه الدراسات وما هي إمكانيات الجامعات، بل حتى الجامعات عندما وضعت هذه الخطة هي غير خطة واقعية بصراحة، لكن بسبب الضغط الكبير على هذه الجامعات وافقنا على هذه الخطة وهي قبول 22 ألف طالب، ونضع خطة حقيقية وواقعية للدراسات العليا في العراق.

 لذلك جرى حديث مع اللجنة البرلمانية وبعض المختصين مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لوضع خطة واقعية حقيقية لهذه الدراسات وسوف يشترك معنا الجامعات الأهلية، فأكيد سوف تكون مقاعد أكثر وأوسع، لكن في المواضيع التي يحتاجها البلد وسوق العمل، مثل إدارة المشاريع لدينا نقص حاد، وموضوع الذكاء الاصطناعي موضوع الاي تي IT والبنوك والمصارف، ولدينا نقص حاد في هذه الاختصاصات.

حوار الفكر: هناك نقاش هو أن وزارة التعليم تخرج أفواج من العاطلين، فهل الوزارة مهتمة بالتعليم والتوظيف، وهل سيتم إعادة النظر في بعض التخصصات وتقليص أعدادها في ظل عدم الحاجة إليها؟

معالي الوزير:

 شكراً على هذا السؤال المهم، وزارة التعليم مهمتها توفير التعليم وليس التوظيف، وهذا الذي كفله الدستور، فليس بالضرورة أنه يتم تعيين كل خريج، ممكن أن تكون هناك فرص للقطاع الخاص، لذلك هذا السؤال ما يوجه إلى وزارة التعليم العالي.

هناك مؤسسات المفروض تتعامل مع مخرجات وزارة التعليم العالي سواء كان على مستوى التوظيف توظفهم او على مستوى القطاع الخاص، نحن نساعد بأن تكون مخرجاتنا قريبة من سوق العمل حتى الطالب يستفاد في المهارات، وأغلب دول العالم الآن على مستوى الدراسات بدأت تقلص كثيراً، وبدأت تعتمد على المعاهد، لأن هذا الطالب يكسب موضوع المهارة ونحن لدينا مشكلة في هذا الجانب.

أغلب طلابنا يريدون الذهاب للمجموعة الطبية، ونحن كوزارة التعليم العالي والبحث العلمي نتعامل مع مخرجات وزارة التربية، لذلك السؤال المهم والذي ينطرح من بعض الاخوان ويطرحونه في الاعلام بلا معلومات، أن من يحصل على معدل 97 لا يُقبل في كلية الطب، هذا ليس من مسؤوليتنا كوزارة التعليم العالي، بل نحن نتعامل مع مخرجات وزارة التربية، لدينا من معدل 90 إلى 100 أكثر من خمسين ألف طالب. وسابقاً في السبعينات بالثمانينات من يحصل على معدل 90 يذهب إلى كلية الطب، المثلث الذي نعتمده مقلوب المفروض المعدلات الخمسين والستين هي معدلات عالية كثيرة والتسعين قليلة، لكن نحن بالعكس تماماً، المعدلات العالية هي من التسعين فما فوق كبيرة جداً والخمسينات والستينات قليلة، وهذه مشكلة حقيقية، بل أن بعض دول العالم ذهبت الى المعاهد، فيما نحن لدينا الآن هجرة من هذه المعاهد.

لدينا خطة كيف تكون هناك حوافز بأن يدخل الطالب بهذه المعاهد حتى يمكن إدخاله إلى سوق العمل،  فلذلك وزارة التعليم العالي تعاني مشاكل، لذلك نحن نضع الحلول ونوفر الحوافز.

رسالتي عبر هذا الحوار إلى اخوتنا وبعض الشباب هناك اختصاصات مهمة جداً تدخل بسوق العمل، ويجب أن لا نضع الهدف الأساسي هو التعيين، بل هناك فرص كبيرة جداً ربما تتوفر عبر القطاع الخاص.

وأكرر للأسف شبابنا حتى من يحصل على معدل 90 لا يكون هدفه الأساسي الذهاب إلى المجموعة الطبية فقط، علماً أن هناك بعض الاختصاصات هي استراتيجية ومهمة.

نعم بلا شك المجموعة الطبية مهمة ويحتاجها البلد، ولكن البلد لا يحتاج فقط للمجموعة الطبية بل يحتاج المهندس ويحتاج المتخصص في الجغرافيا والتاريخ وبعض الاختصاصات المهمة ويحتاج المعاهد، فيجب أن نرتقي بهذه الفئة المهمة جداً ونعتقد هي مهمة واستراتيجية ليس فقط لوزارة التعليم العالي وانما للبلد.

وفي النهاية، أشكر المعهد العراقي للحوار ومجلة حوار الفكر الصادرة عنه لإتحاحة هذه الفرصة لمناقشة هذه القضايا المهمة.

 

تعليقات الزوار