في ظل الأزمات المتراكمة التي مرّ بها العراق منذ التغيير السياسي في عام 2003، تتعاظم الأسئلة حول الأسباب العميقة التي حالت دون تحقيق الأهداف التي رفعتها القوى الوطنية، والتي وعدت العراقيين بعراق ديمقراطي مزدهر ومستقل. وبعد أكثر من عقدين من التحديات والتجارب، بات من الضروري إعادة تقييم المرحلة ومساءلة الذات السياسية والوطنية عن إخفاقات الماضي، واستشراف مستقبل أكثر وضوحاً وواقعية.
في هذا السياق، أجرت مجلة حوار الفكر لقاءً موسعاً مع السيد حميد مجيد موسى، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، لمناقشة العوامل التي أدت إلى حالة الركود السياسي والاجتماعي التي يعيشها العراق، وفشل تحقيق الصورة الزاهية التي بُشّر بها بعد سقوط النظام السابق. كما تطرق الحوار إلى مسؤولية القوى الوطنية، وتناقضاتها الداخلية، ودور التدخلات الخارجية، وإمكانية إعادة بناء النظام السياسي على أسس سليمة تضمن الأمن والعدالة والتنمية.
فيما يلي نص الحوار الكامل
حوار الفكر: ما هي العوامل التي أدّت إلى الركود وفشل تحقيق الصورة الزاهية التي وعدت بها القوى الوطنية بعد سقوط النظام السابق؟
السيد حميد مجيد موسى: اشتركنا كقوى وطنية في نضال موحد وطويل للخلاص من نظام فاشي دموي وكانت الصورة التي رسمناها للمواطنين بديل زاهر ووضع جديد ديموقراطي وعراق جديد بناء على ما يملكه العراق من مؤهلات.. الخ
ولكن بعد مضي سنوات لم يلاحظ الناس ما صورناه لهم وبالكاد الآن هم يتلمسون ملامح بسيطة منه وهذا الوضع يحتاج الى وقفة.
بحاجة الى الحديث عن العوامل والاسباب التي أدت الى هذا الركود الذي نعيشه اليوم ولا يعزى هذا الركود لسبب واحد بل مجموعة من العوامل والاسباب منها قديم وأرث ومنها حديث ونعتقد ان الاسباب في وضعنا الحالي هي:
1- ان التغيير على يد الاجنبي كان له استحقاقاته وضريبته، السبب ان كل القوى المناضلة لم تستطيع بقواها المتعددة أن تغير النظام وتم التغيير على يد أجنبية وكان له استحقاقات وفرضت علينا مساراً.
2- الأرث المتراكم ولد سبباً آخر وهو استباحة البلد بالتدخلات الاجنبية والاقليمية فالعراق بلد مستباح الحدود والكل يسعى لخدمة مصالح بلده القومية وهنا لا استثني اي دولة من الدول.
3- الارهاب، وكان له الأثر الكبير في تأخير عجلة التغيير في البلد.
4- كما كان لفوضى الادارة وما رافقه من فساد مالي وأداري الاثر الكبير في هذا الوضع الذي نعيشه اليوم وكذلك ضعف المسألة.
هذه كانت عوامل رئيسة ونعتقد بوجود عوامل ثانوية منها :
ـ مسؤولية القوى السياسية الوطنية العراقية
حوار الفكر: فهل كانت بالطريقة والشكل السليم وكانت قرارتهم بشكل سليم ام انها كانت اسيرة لنظرات ضيقة؟
السيد حميد مجيد موسى: لقد دخلنا في دماء وميليشيات ودول خارجية وهذه كانت ادوات للصراع وبالتالي اصبحنا غير قادرين على انقاذ البلد من الدمار وما رافقه.
ان شعبنا كان سخياً معنا الا اننا لم نحسن استثمار هذا السخاء واليوم الشعب يشعر بالالم وهذه اعتبرها أزمة حقيقية، كما اننا اليوم نعيش مظاهر متعددة لسوء الادارة فلم يكن لدينا دولة سابقاً وحتى اليوم ، كان يجب علينا اعادة النظر في عدد من المؤسات ولكن السؤال كيف؟
السبب الآخر الرئيسي هو القوى السياسية وتناحرها والقوى الاجنبية فتناحر القوى السياسية انعكس سلباً على التغيير.
حوار الفكر: هل يمكن إعادة بناء النظام؟
السيد حميد مجيد موسى: أكيد نعم ولكن يجب ان نبدأ بخطوات سليمة في مجال الامن وبناء الاقتصاد وتوحيد جهود القوى الوطنية.
مما سبق يمكن القول ان هناك اسباباً رئيسة كانت وراء تأخر عجلة التقدم حكمتها عوامل ثانوية وهي الفساد وعدم استقلال القضاء وادارة ملف النزاهة بشكل غير سليم.
واليوم نحن بحاجة الى تقليل الحكومات المتعددة عبر الفصل بين السلطات والقضاء المستقل له الدور الكبير في الحد من تعدد الاقطاب في الحكومة والدولة.
وعلى الجميع ان تتظافر جهودهم لمشروع تقييم تجربة الماضي وتحت هدف بناء الدولة واعادة البناء لخدمة هذا الشعب الكريم والصابر.
تعليقات الزوار