المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

ما بعد داعش: تحديات الأقليات للمشاركة في بناء الأمة

د. علي طاهر الحمود– قسم علم الاجتماع/كلية الآداب/جامعة بغداد

سعد سلوم – كلية العلوم السياسية/الجامعة المستنصرية

مقاربتان لبناء الأمة من زاوية النظر للهويات الفرعية، تؤرق الباحثين، الاولى تلك الناظرة للمواطنة الصرفة بغض النظر عن سائر وجوه الهوية، وهي بذلك ترعى جانبا عقلانيا قانونيا ينبغي ان تؤسس عليها الأمم. الثانية هي تلك التي تنظر للجماعات بوصفها ذات حدود متباينة من حيث الحقوق والامتيازات، وهي بذلك تؤسس لنمط من الأمة القائمة على تحالف طوعي للجماعات وليس الافراد.

وفي العراق فشلت المقاربة الاولى -(إن صدق من تبناها اصلا)- الذي سعت الحكومات العراقية منذ تأسيس الدولة تبنيها بسبب نمط الصهر القسري للجماعات في قالب الهوية الوطنية، في حين لم تنجح المقاربة الثانية الا في اذكاء مزيد من الصراع والتباعد بين الهويات العراقية المتنوعة.  وعلى صعيد الاقليات، تلك المكونات التي غدت ضحية صراع القبائل الهوياتية الكبرى (الشيعية والسنية والكردية)، فهي في مرحلة ما بعد داعش، على موعد مع ضرورات مشروع متكامل لإعادة بناء للثقة على مستوى (اجتماعي /افقي) بين الجماعات الاثنية المختلفة، وعلى مستوى (سياسي/عمودي) بين الافراد والنظام السياسي، ولا يمكن تصور وضع خطة اعادة بناء الثقة دون وضع حد لإنتهاكات حقوق الاقليات وتوفير خطة لإنهاء السياق السياسي والاجتماعي والثقافي الذي يسمح/أو يشجع على التمييز ضد الاقليات. فما هي تلك الاجراءات التي يمكنها اعادة بناء دولة المؤسسات وتؤسس لمبدأ حيادية الدولة وتتبع سياسات محددة لإدارة التنوع من اجل حماية الأقليات، وتعزيز دورهم في بناء الأمة العراقية؟

لذا تعد الدراسة  خطوة ممهدة لوضع سياسات عاجلة من اجل وضع حد لكارثة زوال التنوع في البلاد، والتي تهدد هوية المجتمع والدولة، ومن دون ذلك لا يمكن ان “إستعادة الامل” وتوفير “بيئة مشجعة” على عودة النازحين الى المناطق التي نزحوا منها، وعلى عودة المهاجرين من  خارج البلاد، وهو هدف ضروري لوضع حد لمأساة الاقليات التي ستترك أثارها بعيدة المدى على المجتمع والدولة في العراق في العقود المقبلة.

اترك تعليقا