المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

أسلحة الصين وروسيا فائقة السرعة تهدد نظام الإنذار المبكر الأميركي ‏


أجرت كل من الصين وروسيا تجارب صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت صيف عام 2021، وهو ما يهدد نظام الإنذار المبكر للولايات المتحدة وفقا لخبير أميركي.

يقول الباحث الرئيسي في معهد هدسون، وليام شنايدر، إن روسيا أجرت اختبارا لصاروخها “كروز” الأسرع من الصوت Skyfall والذي يعمل بالطاقة النووية والمسلح نوويًا في جزيرة نوفايا زيمليا بالمحيط المتجمد الشمالي، ولكونه يعمل بالطاقة النووية فإن الصاروخ له مدى غير محدود.

أما الصين فأجرت تجربتي طيران لصواريخ باليستية تفوق سرعتها سرعة الصوت، حلق أحدهما في مدار أرضي جزئي على مسار مناورة إلى المنطقة المستهدفة بالصين، وحلق الثاني في مسار مناورة، لكنه أطلق جسمًا ثانيًا تفوق سرعته سرعة الصوت، وهو ما لم يسبق الصين فيه أحد.

ويقول الباحث إن الإعلام الأميركي ولجنة الحد من الأسلحة حاولا التقليل من أهمية هذه الاختبارات، فوصفا ما قامت به روسيا بأنه عمل لا يأبه بالأضرار البيئية، بل هو “تشيرنوبيل طائر”، لكنهما اعتبرا أن الصين “لم تأت بجديد” فيما أقدمت عليه.

نظام الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية الأميركية عبارة عن مجموعة من الأقمار الاصطناعية والرادارات التي تتكامل فيما بينها، وهي ذات نظام قيادة وتحكم واتصالات خاص يمكنها من اكتشاف وتحديد موقع هجمات الصواريخ المعادية وتتبعها.

تجاهل غير مبرر
لكن الكاتب، الذي شغل سابقًا منصب وكيل الخارجية ورئيس مجلس علوم الدفاع بوزارة الدفاع “البنتاغون” أشار إلى أن ردود الفعل هذه تجاهلت أهمية مثل هذه القدرات في جهود التحديث النووي لكل من الصين وروسيا.

وأضاف في مقاله بصحيفة فايننشال تايمز Financial Times البريطانية أن مناورة المركبات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ليست مجرد وسيلة أخرى لإيصال رأس حربي نووي إلى هدف ما، بل هي جزء أساسي من “نظام الأنظمة” المصمم لهزيمة قدرات الإنذار المبكر للولايات المتحدة.

ولفت وكيل الخارجية السابق إلى أن نظام الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية الأميركية عبارة عن مجموعة من الأقمار الاصطناعية والرادارات التي تتكامل فيما بينها، وهي ذات نظام قيادة وتحكم واتصالات خاص يمكنها من اكتشاف وتحديد موقع هجمات الصواريخ المعادية وتتبعها.

وأوضح أن هذه القدرات المترابطة، مجتمعة، تعتبر ضرورية للحفاظ على رادع نووي فعال، مشيرا إلى أنها كانت أساسية جدًا للردع المتبادل خلال الحرب الباردة لدرجة أن معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية لعام 1972 تضمنت أحكامًا تهدف إلى حمايتها من الهجوم.

وتتمتع كل من الصين وروسيا بقدرات هجومية متقدمة في الفضاء، وفقا للكاتب، الذي يشير إلى أن أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، على سبيل المثال، شهد اختفاء القمر الاصطناعي الصيني شيجيان 21 (CJ-21) من موقعه المعتاد في المدار الثابت بالنسبة للأرض على ارتفاع 35 ألفا و410 كيلومترات فوق الأرض.

ويذكر رئيس مجلس علوم الدفاع بالبنتاغون-سابقا أن إطار عمل أولويات الفضاء -الذي نشرته إدارة الرئيس جو بايدن في ديسمبر/كانون الأول 2021- يؤكد أن الفضاء مهم باعتباره “حاسمًا في الحرب الحديثة”.

لكنه استهجن استمرار واشنطن في التمسك بموقفها في عدم استخدام الفضاء للتطبيقات العسكرية الهجومية، مما “يترك رادعنا ضعيفًا أمام الدول التي لا تشاطرنا هذا الرأي”.

وأضاف الباحث الرئيسي بمعهد هدسون أن واشنطن تقوم بتطوير نظام فضائي يستخدم أجهزة استشعار متطورة تعمل بالأشعة تحت الحمراء، قد تكون قادرة على الكشف عن الرؤوس الحربية المناورة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

بإمكان الصين وروسيا شن مجموعة متنوعة من العمليات الهجومية، بما في ذلك تعطيل أجهزة الاستشعار وأنظمة الحواسيب وروابط البيانات والطاقة الكهربائية للأقمار الاصطناعية أو مخادعتها أو تدميرها أو إدخال تعليمات برمجية ضارة عليها باستخدام التقنيات السيبرانية

عمليات فضائية هجومية
ومع ذلك، يقول الكاتب، إن أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية لا تسمح للأميركيين بالتصدي لهذه الرؤوس الحربية المناورة بالسرعة المناسبة، كما أن الصين وروسيا طورتا أنظمة مضادة تعرض للخطر قدرات مراقبة الفضاء والاتصالات الأميركية على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة وعالية.

ومن خلال مناورة أقمارهما الاصطناعية للعمليات الفضائية الهجومية المتاخمة للأقمار الاصطناعية الأميركية، يقول الكاتب إن بإمكان الصين وروسيا شن مجموعة متنوعة من العمليات الهجومية، بما في ذلك تعطيل أجهزة الاستشعار وأنظمة الحواسيب وروابط البيانات والطاقة الكهربائية للأقمار الاصطناعية أو مخادعتها أو تدميرها أو إدخال تعليمات برمجية ضارة عليها باستخدام التقنيات السيبرانية.

وحذر الكاتب كذلك من أن بإمكان هاتين الدولتين تعزيز هجماتهما المذكورة بهجمات إلكترونية تستهدف البنية التحتية الأميركية الحيوية، التي هي الأساس الذي تعتمد عليه العمليات العسكرية للولايات المتحدة، وكذلك نظام الطاقة الكهربائية والاتصالات الوطنية وأنظمة النقل الجوي والسكك الحديدية التي تدعم القوة الاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة.

ويختتم بالإشارة إلى أنه (في وجود) قدرات للمناورة لدى صواريخ الصين وروسيا -التي تفوق سرعتها سرعة الصوت- تجعل البلدين قادرين، ومن خلال دمج قوتهما على هزيمة نظام الإنذار المبكر الأميركي، وفي ظل هذه الظروف، ستكون الولايات المتحدة غير قادرة على رؤية أي هجوم صاروخي أجنبي وارد، وستكون قدرتها على الرد مقيدة بشكل كبير، على حد تعبير الكاتب.

المصدر : فايننشال تايمز

اترك تعليقا