المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

أفغانستان هي رمز “الهزيمة الجماعية للغرب”

بعد أكثر من ستة أشهر على سقوط الحكومة في أفغانستان بيد حركة طالبان، يواجه العالم واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا وانتشارًا.

فقد ضربت المجاعة والجوع والفقر والبؤس الشعب الأفغاني لدرجة أن الدول والمنظمات الدولية تفكر في حل المشكلة وتريد منع انتشار هذه الأزمة والكارثة الإنسانية.

فيما تشكل العقوبات الأمريكية والأمم المتحدة رادعًا لمساعدة الشعب الأفغاني، وتحاول المنظمات الدولية مساعدة الشعب الأفغاني واقتصاد البلاد على الازدهار دون الالتفاف على العقوبات.

وفي مقال نشرته صحيفة “عرب نيوز” التي تمولها السعودية، كتب يوسي مكلبرغ، أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، أن المشكلة الأفغانية الحالية لا يمكن حلها على المدى القصير ويظهر الواقع المرير في أفغانستان. الدش هو الغرب.

وذكر يوسي مكلبرغ “إن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة وحلفاءها خسروا الحرب مع طالبان وتخلوا عن أفغانستان، لذلك يجب على الغرب أن يتغلب على كبريائه الجريح بأسرع ما يمكن، وأن يضع استراتيجية طويلة الأمد لمنع وقوع كارثة إنسانية في أفغانستان دون تمكين طالبان، وهذا يتطلب من الغرب الحفاظ على قنوات اتصال مع عدوه السابق، حتى لو كان مترددًا”.

وأصبح وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند، المدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، من أكثر منتقدي سياسة الغرب الحالية تجاه أفغانستان، ووصف مؤخرا ما يحدث في أفغانستان بأنه “كارثة إنسانية مختارة” خلال اجتماع في تشاتام هاوس.

وكانت أفغانستان فقيرة بما يكفي قبل الصيف الماضي، لكنها الآن على شفا المجاعة، ووفقًا للجنة الإنقاذ الدولية، فإن ما يقرب من 23 مليون شخص، أو أكثر من نصف سكان أفغانستان، يعانون حاليًا من الجوع ومليون طفل معرضون لخطر الموت ما لم يستيقظ العالم ويقدم لهم العلاج الفوري لسوء التغذية.

وأدى انتشار الفقر إلى بيع فتيات يبلغن من العمر ثماني سنوات للزواج، ويبيع آخرون أعضائهم أو أطفالهم لجمع الأموال لإطعام أسرهم.

ويجب على الغرب أن يلعب دوره في مساعدة أفغانستان ومعالجة المخاوف العالمية دون تبرئة طالبان والتشكيك في قدرتهم على إدارة دولة حديثة.

وأقر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن المجتمع الدولي لا يزال يكافح من أجل كيفية التعامل مع الحكومة التي تقودها طالبان، والتي لها تاريخ من القمع الوحشي ضد نشطاء حقوق الإنسان، وخاصة النساء، ومع ذلك وبقدر تعقيد هذه المعضلة، فإن وقت التعامل معها قصير.

وفي التاريخ المعاصر، فشل فرض العقوبات الشاملة كوسيلة لتغيير النظام مرارًا وتكرارًا، وفي جميع الحالات دون استثناء، كان المواطنون العاديون، وليس النخب الحاكمة هم الذين يدفعون الثمن.

وفي أفغانستان سيكون للعقوبات الاقتصادية والأصول المجمدة تأثير أكبر على الأشخاص الذين يجبرون على العيش في فقر مدقع والحرمان من الخدمات العامة الأساسية مثل الصحة والتعليم.

ويكره الأفغان الآن طالبان بقدر ما يكرهون طالبان بسبب قمعهم وعنفهم، الأمر الذي تركهم في أسوأ حالة ممكنة. إن وجهة النظر الحالية لديفيد ماليباند، المدير التنفيذي للجنة الدولية لحل أفغانستان، لا تسمح بالاعتراف بطالبان، بل تركز على التعامل مع النظام الحالي، الذي يشرف بأي شكل من الأشكال على الشعب الأفغاني، بدلاً من تمهيد الطريق للتخفيف من معاناة الشعب الأفغاني.

ويعتقد يوسي مكلبرغ  “أنه لا يوجد نص مكتوب حول كيفية التعامل مع نظام يتصرف خارج القواعد المعترف بها عالميًا. لذلك، يجب على الغرب أن يتبنى سياسة تجاه أفغانستان، والتي أثناء تفاعلها مع طالبان تخلق أيضًا مساحة كافية للبراغماتية”.

وهذا يعني أولاً تحديد ما إذا كانت قيادة طالبان الحالية مستعدة للتعامل بشكل بناء مع العالم الخارجي؛ إذا كان الأمر كذلك، يجب وضع آلية لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، ولا تزيد من قوة طالبان على الشعب، بحيث يمكن تعويض ما فعله الغرب بأفغانستان جزئيًا.

ترجمة المعهد العراقي للحوار نقلاً عن موقع صحيفة “إندبندنت فارسي” ـ أحمد الساعدي

اترك تعليقا