المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

إنفراجة في حرب اليمن بعد التقارب بين إيران والسعودية

أدخلت الحرب الطاحنة التي اندلعت منذ مارس/آذار 2015، اليمن في أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، حيث أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من اليمنيين، كما أدت الحرب إلى نزوح ملايين الأشخاص، وجعلهم بلا مأوى، بينما دمرت البنية التحتية للبلاد.

واتفقت الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان من العام الماضي، لكن هذه الهدنة انهارت بعد ستة أشهر.

وأفادت تقارير أن المملكة العربية السعودية أبلغت ما يسمى بمجلس قيادة الرئاسة اليمنية بقرار إنهاء الحرب المدمرة في اليمن بعد ثماني سنوات من الحرب الطاحنة.

وذكرت شبكة الميادين التلفزيونية اللبنانية، نقلا عن مصادر مطلعة، يوم الجمعة، أن مسؤولين سعوديين عقدوا مؤخرا اجتماعا مغلقا مع رئيس وأعضاء المجلس الذي تأسس في أبريل الماضي بعد استقالة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وإعلامهم بخطة السلام في اليمن.

وقالت مصادر إن وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان أطلع المجلس على حل الرياض لإنهاء الأزمة في اليمن، مضيفة أن رؤية السعوديين تتمثل في تجديد الهدنة الحالية التي توسطت فيها الأمم المتحدة لمدة عام في تفاهم مع حكومة صنعاء التي يقوده حركة أنصار الله (الحوثيين).

وستتعهد الرياض بدفع رواتب الموظفين العموميين، وفتح ميناء الحديدة، والمساعدة في تسوية مشاكل العملة في اليمن مقابل موافقة صنعاء على الهدنة، بحسب التقرير.

وأضافت المصادر أن تجديد الهدنة سيكون مرتبطا بإعلان رسمي من الرياض عن انتهاء الحرب وانتهاء التدخل السعودي في شؤون اليمن.

وبحسب التقرير، فإن المحادثات اليمنية مع إشراف الأمم المتحدة وبدعم من الرياض ستبدأ بعد انتهاء الحرب وستهدف إلى إبرام اتفاق على فترة انتقالية مدتها عامان.

وأكدت المصادر أنه على الرغم من أن الرياض ما زالت تدرس وتناقش الخطة، إلا أن قرارها “شبه نهائي”.

أنصار الله متفائل بشأن اتفاق السلام

وعلى الجانب الآخر، قال المتحدث باسم حركة أنصار الله اليمنية “محمد عبد السلام”، إنهم سيواصلون جهودهم لإنهاء العدوان وإحلال السلام، مضيفاً “نواصل جهودنا عبر المفاوضات لإنهاء العدوان ورفع الحصار، ونأمل أن تتوج الجهود باتفاق سلام” على حد قوله.

ثلاث مراحل لخطة السلام

وفي غضون ذلك، أفادت صحيفة “الشرق الأوسط” أن خطة السلام الجديدة ستدخل حيز التنفيذ على ثلاث مراحل. وذكرت وسائل الإعلام المملوكة للسعودية، نقلاً عن مصدر يمني، أن المرحلة الأولى من اتفاق السلام ستشمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وإعادة فتح جميع الطرق البرية والجوية والبحرية، واندماج البنوك المركزية، وتبادل الأسرى الشامل.

وبحسب الصحيفة، فإن الخطة التي تتم مناقشتها تنقسم إلى ثلاث مراحل: الأولى ستة أشهر، ثم ثلاثة أشهر، وأخيراً سنتين. واستدركت الصحيفة بالقول: “إن المصادر نفسها أشارت إلى أن هذه الترتيبات الزمنية ما زالت خاضعة للنقاش، وقد يتم إجراء تعديلات عليها حسبما تراه الأطراف اليمنية لصالح إنهاء النزاع”.

وبحسب المصدر، تقضي الخطة، التي يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها، في مرحلتها الأولى بإعلان وقف إطلاق النار، ثم تشكيل لجان فنية لدمج البنك المركزي وتبادل الأسرى (الكل مقابل الكل)، وبناء الثقة بين الأطراف، ثم مرحلة التفاوض المباشر لتأسيس كيف يرى اليمنيون شكل الدولة، تليها مرحلة انتقالية.

وتقول الصحيفة: “تشمل كذلك فتح المنافذ جميعها ورفع القيود عن المنافذ البرية والبحرية والجوية وتعود للعمل بشكل طبيعي سواء في مناطق الحوثي أو الشرعية، إلى جانب عملية إصلاح اقتصادية شاملة بدعم سعودي”.

وتابع المصدر: “شُكلت لجنة لمتابعة هذا الأمر برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس الحكومة اليمنية، مع لجنة سعودية مختصة بالجانب الاقتصادي، ويُنتظر أن تُعقد لقاءات خلال اليومين المقبلين”.

وتوقع المصدر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة إعلاناً لوقف إطلاق النار وتثبيت التهدئة والانسحابات والوقوف عند خطوط التماس، فيما ستحتاج الترتيبات الأخرى ربما إلى أسابيع، حسب قوله.

كيف بدأت الأزمة في اليمن؟

يُلقى باللوم على المملكة العربية السعودية على نطاق واسع في الكارثة الإنسانية الحالية في اليمن، حيث يحتاج حوالي 80 بالمائة من سكانها البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى شكل من أشكال المساعدة من أجل البقاء.

واستقال هادي من الرئاسة في أواخر عام 2014 وفر لاحقًا إلى الرياض وسط صراع سياسي مع جماعة أنصار الله الحوثية، ولإعادة تنصيب هادي، شنت المملكة العربية السعودية حربًا دموية ضد اليمن في مارس 2015 بالتعاون مع عدد من حلفائها وبدعم من الأسلحة والدعم اللوجستي من الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية.

وكان الهدف أيضًا هو سحق حركة أنصار الله، التي تدير شؤون الدولة منذ ذلك الحين في غياب حكومة فعالة في اليمن.

وفد سعودي عماني في صنعاء

بدورها، كشفت وكالة أنباء “رويترز”، أن وفدًا سعوديًا عمانيًا من المقرر أن يزور العاصمة اليمنية صنعاء الأسبوع المقبل لمناقشة اتفاق وقف إطلاق نار دائم مع مسؤولي الحوثيين.

وقال مصدران مشاركان في المحادثات، بحسب رويترز، إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فقد تعلن الأطراف المتحاربة في اليمن عن اتفاق قبل عطلة عيد الفطر المبارك التي تبدأ في 20 أبريل / نيسان.

وتأتي التطورات الأخيرة في الوقت الذي يعتقد فيه مراقبون أن التقارب الأخير بين إيران والسعودية يمكن أن يساعد في تعزيز الاستقرار في المنطقة، ويسهل جزئيًا الجهود المبذولة للتوصل إلى سلام مستدام في اليمن.

واتفقت طهران والرياض على استعادة العلاقات الدبلوماسية في 10 مارس بعد محادثات مكثفة استضافتها الصين، كما عقد كبار الدبلوماسيين من البلدين اجتماعا تاريخيا يوم الخميس في بكين، مؤكدين على الجهود المبذولة لتعزيز الثقة المتبادلة والمساعدة في تعزيز الأمن الإقليمي.

اترك تعليقا