المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

الأزمة الأوكرانية تصرف انتباه العالم عن طالبان

تسببت الأزمة والحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا بتحويل انتباه العالم عن حركة طالبان التي تسيطر على أفغانستان منذ آب/أغسطس الماضي.

وذكر تقرير لصحيفة “إندبندنت” بالنسخة الفارسية إلى أن “طالبان فرضت قيوداً وإجراءات في أفغانستان وذلك بسبب تحويل انتباه العالم نحو الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ اسبوع تقريباً”.

وأشار التقرير إلى أن “عمليات التفتيش من منزل إلى منزل التي تقوم بها طالبان في أفغانستان محفوفة بالفضائح التي تمر دون أن يلاحظها أحد هذه الأيام على الرغم من أن تدخل طالبان في خصوصية الناس مرفوض قانونيًا وأخلاقيًا، إلا أن طالبان تواصل مداهمة منازل الناس بكثافة وعنف أكبر، بغض النظر عن ردود الفعل”.

وأضافت الصحيفة إن “عمليات التفتيش التي تقوم حركة طالبان هذه مسألة ذوقية، ومعظم المنازل غير البشتونية هي هدف عمليات التفتيش هذه، وسعت طالبان أيضًا إلى طرد منازل عدد من أبناء القومية البشتون، لكن من الواضح أن المناطق التي يعيش فيها معظم غير البشتون تتعرض لهجمات متزايدة”.

ووردت تقارير عديدة عن مقتل عدد من الأشخاص رداً على هجوم طالبان على عائلاتهم، وخاصة النساء، مشيرة إلى “أن أدنى تجاهل لمطلب طالبان هو عقوبة الإعدام، وقد أطلقت طالبان حتى الآن النار على العديد من الأشخاص عند نقاط التفتيش لمجرد مخالفة أمر الإيقاف”.

وتطرق التقرير إلى قيام عناصر طالبان بقتل موظفين حكوميين سابقين وتعليق جثثهم باسم الخاطفين واللصوص، بغض النظر عن كرامة الإنسان في مدن مختلفة، وقالت “حتى أولئك الذين قبضوا على اللصوص أحياء، قتلوا بالرصاص في وقت لاحق”.

وتحدث التقرير عن غياب تركيز الصحافة الدولية عن الأوضاع الداخلية في أفغانستان، وقالت “في ظل تدفق المعلومات المرعب من طالبان في أفغانستان، لا تنعكس الأخبار إلا على وسائل التواصل الاجتماعي، لأن الصحافة الأجنبية منشغلة بالحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا”.

وأضافت “لقد تضاءل اهتمام العالم بأفغانستان بشكل ملحوظ مقارنة بالماضي؛ لأن الغزو الروسي لأوكرانيا هو الآن أهم الأخبار في العالم، وقضايا أفغانستان هي التالية، ويمكن القول إنها تم نسيانها، كما انتهزت طالبان الفرصة لتصفية الحسابات مع خصومها وتسويتها، وهي تعلم الوضع بالضبط”.

وبين التقرير “يُظهر نهج طالبان الجديد أن الجماعة تستفيد بالكامل من تركيز العالم على حرب أوكرانيا”.

وأضاف “على سبيل المثال، يعد أمر إمارة طالبان بوقف رحيل الأفغان الذين تعاونوا في الماضي مع الولايات المتحدة أو الناتو أو الذين خاطروا بحياتهم في ظل الإمارة أحد مناهج طالبان التي تتعارض مع جميع الاتفاقيات بين طالبان وحلف شمال الأطلسي، وتعهدت الجماعة بالسماح لأي أفغاني يعتقد أنه لا يستطيع العيش تحت مظلة الإمارة الإسلامية مقابل المساعدات العالمية لأفغانستان؛ لكن طالبان انتهكت الآن هذا الالتزام”.

ووتحت التظاهر الزائف بتردد الأفغان المقيمين في معسكرات مؤقتة خارج الولايات المتحدة، تقول الجماعة “إنها لن تسمح لأي شخص آخر بمغادرة أفغانستان حتى يتم تحديد مصير الأفغان الذين تقطعت بهم السبل في تلك المعسكرات، لكن الحقيقة هي أنه باستثناء معسكر أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة، حيث لم يتضح سبب إيقاف النقل إلى الولايات المتحدة قبل ثلاثة أشهر، فقد تم نقل الأفغان الذين يعيشون في معسكرات أخرى إلى الولايات المتحدة و دول غربية أخرى”.

طالبان تتملص من التزاماتها

ومن الناحية السياسية، لم تتخذ طالبان أي خطوات لإعادة هيكلة الحكومة وتشكيل حكومة شاملة، وعلى الرغم من ادعاء الجماعة أنها ملتزمة بجميع بنود اتفاق الدوحة، إلا أن هذا الالتزام لم يُنظر إليه على أرض الواقع.

كما لفت التقرير إلى أنه “من ناحية أخرى، استأنفت المنظمات الإرهابية بسهولة أنشطتها في أفغانستان؛ على الرغم من أن هذا النشاط يتم حاليًا في الخفاء؛ لكن آثاره ستظهر قريباً، وحتى داعش، التي فقدت كل قوتها تقريبًا في نهاية الحكومة السابقة، عادت للحياة مرة أخرى”.

ونبه التقرير إلى أن “طالبان لم تلتزم بأي من توصيات المجتمع الدولي بالاعتراف بالجماعة كحكومة، وقال أحد أعضاء قيادة طالبان مؤخرًا إن المجتمع الدولي قد أعطاهم قائمة تضم 15 شخصية سياسية من غير طالبان لتشكيل حكومة شاملة، لكنه أوضح أنه لن يُسمح لهذه الشخصيات بالتواجد في حكومة طالبان”.

وتابع التقرير “إن حركة طالبان تتابع بلا مبالاة خططها في أفغانستان، والهدف الرئيسي لطالبان الآن هو توحيد كل أفغانستان سياسياً. ولا تسمح الجماعة لأي شخصيات سياسية مستقلة بالظهور، واضطر معظم هذه الشخصيات لمغادرة أفغانستان تحت ضغط من طالبان، ولجأ البعض إلى الرقابة الذاتية في ظل هذه الضغوط المفرطة”.

وخلص التقرير إلى أنه “على الرغم من أن المجموعة تُظهر فرقها النظامية وقواتها العسكرية أمام الكاميرا الإعلامية، إلا أن سلطة طالبان عمليًا لا تزال في أيدي مسلحين لا يؤمنون بأي قيم إنسانية وقد ضيقت الساحة على الأفغان”.

ترجمة خاصة للمعهد العراقي للحوار ـ أحمد الساعدي

اترك تعليقا