المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

الجغرافية السياسية في مئة عبارة

طرح رودولف كجلين كلمة الجغرافيا السياسية أو (الجيوبوليتيك) سنة 1905، معرفاً إياها «علم يدرس الدولة بصفتها كياناً جغرافياً حيّاً على النحو الذي تبزر به الحيز المكاني»، هذا وولادة المصطلح حدثت في سياق ذهنية التوجّه العلمي الأوروبي الذي ساد نهاية القرن التاسع عشر. بعدها انزاح المصطلح نحو معان أصابها بعض التأثير الذي يجعله يتماشى مع تبني الكتّاب المتحدّرين من ثقافات مختلفة لها. وتجدر الإشارة إلى معنى هذا المصطلح وهو الجغرافية السياسية، قد تبدّل لأن مادته نفسها قد تبدّلت، ففتحت الحدود وندّرت الصراعات الكبيرة على الأرض، وانتفت السمة المادية عن التبادلات والتواصل وجرى عولمتها، ليعزز ذلك من اهتمامها بعناصر أخرى فاعلة غير الدولة القومية.

وأخيراً إن تناول الجغرافيا السياسية في مئة تعريف وفقاً للمبدأ الذي تبنته سلسلة «كوسيج» يبدو أمراً ملائماً، وعلى الخصوص في كتاب «الجغرافيا السياسية في مئة عبارة» الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتّاب: من تأليف الفرنسيين باسكال غوشون وجان مارك هويسو، وترجمة الدكتور عادل داود.

في عموم الكتاب

الكتاب التعريفي «الجغرافيا السياسية في مئة عبارة»، يسلط الضوء على تأثيرات الموقع الجغرافي وتداعياته الاجتماعية والثقافية والعسكرية، في أسلوب مبسّط يجمّل مفاهيم الجغرافيا السياسية عبر مئة عنوان. شارحا ماهيتها وأبعادها، ومستشهداً بعدد كبير من الأمثلة التي تطغى على الطابع النظري، فيروي المؤلف ظمأ القارئ الباحث، الساعي إلى الدراسة التخصصية.

كما ينصبّ اهتمام الكتـــاب على اســتشــفاف المـآل الذي سيؤول إليه العالم: فهل ينحو نحو التوحد الشامل؟ أو تهدف العولمة المزعومة إلى الإيغال في التمايز.

وبالاعتمـــاد على أســـاليب قتاليـــة لا تســـتعمل الأسلحــة إلا بالمعنى المجازي؟ أو يتجه الكون بأسره نحو مصارع مجموعاته الجغرافية والسياسية والثقافية؟

في فصول الكتاب

افتتح الفصل الأول بالعنوان «مفاهيم القوة» الذي طرح العديد من المصطلحات مع التساؤلات حولها، متناولاً كلاً من المدارس الألمانية والأنغلوسكسونية والفرنسية في الجغرافيا السياسية، كما تناول الجغرافيا الاقتصادية، لكون السلاح الاقتصادي حل وبصورة واسعة محل السلاح العسكري للدول الراغبة في ترسيخ قوتها، ذاهبا الكتاب إلى القوة البحرية والقوة القارية وبتحكمها بالبحر والبر. متابعاً بتسليط الضوء على مصطلحات أخرى وهي: قلب الأرض «حافة الأرض»، القوة، الهيمنة، العدو، المخاطر، المركز، القطبية، التوازن الإستراتيجي، نظرية الدومينو، المحور، الواقعية السياسية والتفاوض.

على حين جاء الفصل الثاني بالعنوان «أسياد العالم الأطراف الفاعلة»، حيث يبدأ بالحديث عن ميزان القوى كيف تغيّر، فلقد تحررت السلطة الروحية، وطغت على القبليّة الولاءات، وأطّرت القوى الاقتصادية والاجتماعية، لتبدو اليوم سيادة الدولة القومية في دوائرة الريبة وذلك بفعل العولمة وعودة العامل الديني وتطور عصابات المافيا. وفي المصطلحات التي احتواها هذا الفصل: الأقاليم، الشبكة، الدولة القومية، الإمبراطورية، المنطقة، البلقنة، القوى الكبرى أو الفائقة أو المفرطة، الاتجاهات السماوية، السيادة البحرية، المجمع العسكري الصناعي، الشركات المتعددة الجنسيات، الدين، الإيديولوجيا، الشتات، حياة البداوة، المافيا، المنظمة غير الحكومية، والرأي العالمي.

«عنيفة أو مخاتلة الأسلحة» هو عنوان الفصل الثالث، الذي يشرح كيفية تغيير وجه الحرب بعد الصراعين العالميين وامتلاك السلاح الذري. متطرقاً إلى العناوين: القوة الصلبة والقوة الناعمة، الحرب الشاملة، التطهير العرقي، الحرب العادلة، السِّلمية، نزع السلاح، السلاح الذري، الانتقام الشديد، الرد المرن، الاحتواء، الردع، حرب العصابات، الإرهاب، القرصنة…. إلخ وغيرها الكثير.

بينما طرح الفصل الرابع تساؤل « لماذا نقاتل؟» وكيف تضع الجغرافيا السياسية الكثير من مكونات الحيّز، بمعنى ما وضع في الرهان ممكن أن يربح أو يخسر بغض النظر عن القوى الموجودة في الإطار الجغرافي المعين. وتناول الفصل مفاهيم نذكر منها: الحيز، المجال الحيوي، الانحصار، الطاقة، المواد الأولية، الماء، الأنهار، المحيط، الساحل، الجزيرة، القناة البحرية، الطريق، والصحراء…. إلخ.

وأخيراً توقف الفصل الخامس عند العنوان «بين الاتحاد والتفتت»، بالحديث عن كيفية انحدار أكثر الرهانات جوهرية في العالم المعاصر من العولمة، مع طرح تساؤل: هل يتوحد الكوكب في ما يمكن تسميته «قرية عالمية شاملة»، وفق عدد متنامٍ من القواعد المشتركة؟

وتطرق الفصل الأخير للكثير من المصطلحات منها: القرية الشمولية، الاتحاد فوق الوطني، السيادة، نهاية التاريخ، القانون الدولي، قانون الحرب، قانون البحار، صِدام الحضارات.

سوسن صيداوي

اترك تعليقا