المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

الحرب الأوكرانية الروسية خمسة سيناريوهات محتملة

خاص المعهد العراقي للحوار ـ ترجمة أحمد الساعدي

الحروب لها تقلبات من حيث التقدم والتراجع، والهجوم الذي أمر به فلاديمير بوتين على أوكرانيا ليس استثناء.

وتم استبدال المخاوف الأولية من تحقيق نصر سريع بتراجع روسيا ومقاومة أوكرانيا، وتواجه المقاومة الأوكرانية الآن هجومًا روسيًا أكثر تركيزًا في الشرق.

لكن بعد 100 يوم، أين يمكن أن تذهب هذه الحرب؟ وفيما يلي نستعرض خمسة سيناريوهات محتملة – ليست قابلة للتلخيص، لكنها كلها ضمن المعقول.

الأول: حرب الاستنزاف

قد تستمر الحرب التي استمرت لأشهر، إن لم تكن سنوات، مع الصراع المستمر بين القوات الروسية والأوكرانية.

وإيقاع الصراع له صعود وهبوط لأن كلا الجانبين يكسبان ويخسران، ولا يرغب أي من الطرفين في الاستسلام، ويقدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يستطيع تحقيق انتصارات من خلال إظهار الصبر الاستراتيجي، ويراهن على أن الدول الغربية “سئمت أوكرانيا” وستركز أكثر على أزماتها الاقتصادية والتهديدات من الصين.

ومع ذلك يظهر الغرب تصميمًا ويواصل تزويد أوكرانيا بالأسلحة، ويتم إنشاء خطوط أمامية شبه دائمة، وتتحول الحرب ذات الإيقاع الراسخ إلى “حرب دائمة”.

وقال ميك رايان، وهو جنرال أسترالي متقاعد وباحث عسكري: “هناك احتمال ضئيل لتحقيق نصر عملي أو استراتيجي لأي من الجانبين على المدى القصير، ولم يظهر أي من الجانبين القدرة على توجيه ضربة استراتيجية حاسمة”.


الثاني: وقف إطلاق النار

ماذا لو فاجأ بوتين العالم بوقف إطلاق نار أحادي الجانب؟ ويمكنه أن يجني مكاسبه الإقليمية ويعلن “النصر”.

ويمكنه أن يدعي أن “عمليته العسكرية” قد اكتملت، ويعلن أن عملية حققت ما تريد من دعم الانفصاليين المدعومين من روسيا في دونباس؛ وإنشاء ممر إلى شبه جزيرة القرم؛ ويمكنه بعد ذلك السعي وراء التفوق الأخلاقي والضغط على أوكرانيا لوقف الحرب.

وقال كيركيغارد، الخبير الروسي في مركز أبحاث تشاتام هاوس: “إذا أرادت روسيا استخدام الضغط الأوروبي على أوكرانيا للاستسلام وفقدان الأراضي مقابل سلام وهمي، فهذه حيلة يمكن أن تستخدمها في أي وقت”.

وتُسمع هذه الحجج في باريس وبرلين وروما: لا حاجة لإطالة أمد الحرب، لقد حان الوقت لإنهاء المعاناة الاقتصادية العالمية، فلندفع من أجل وقف إطلاق النار.

ومع ذلك، ستعارض الولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من دول أوروبا الشرقية ذلك، ويعتقد صانعو السياسة أن الغزو الروسي يجب أن يفشل بسبب أوكرانيا والنظام الدولي.

وبالتالي، فإن وقف إطلاق النار من جانب واحد لروسيا قد يغير الرواية ولكنه لا ينهي الحرب.

الثالث: الجمود في ساحة المعركة

ماذا لو استنتجت كل من أوكرانيا وروسيا أنهما لا يمكنهما تحقيق المزيد من الناحية العسكرية والدخول في تسوية سياسية؟

جيشهم متعب ونقص في القوة البشرية والذخيرة، وتكلفة المعيشة والمال لم تعد تبرر استمرار الحرب. خسائر روسيا العسكرية والاقتصادية لا يمكن تحملها، ولقد سئم الشعب الأوكراني من الحرب وليسوا على استعداد للمخاطرة بمزيد من الأرواح لتحقيق نصر نهائي.

ماذا لو قررت القيادة في كييف – التي لم تعد تثق في استمرار دعم الغرب – أن الوقت قد حان للحوار؟ يعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن صراحة بأن هدف الولايات المتحدة هو وضع أوكرانيا “في أقوى موقف ممكن على طاولة المفاوضات”.

لكن قد لا يكون هناك طريق مسدود في ساحة المعركة لعدة أشهر، وأي حل سياسي صعب، خاصة بسبب عدم ثقة أوكرانيا بروسيا، وقد لا يدوم اتفاق سلام ويمكن السعي وراءه بمزيد من الحرب.

الرابع: “انتصار” أوكرانيا

هل يمكن لأوكرانيا – على عكس التوقعات – أن تحقق شيئًا قريبًا من النصر؟ هل تستطيع أوكرانيا إجبار القوات الروسية على التراجع إلى ما كانت عليه قبل الغزو؟

وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي للتلفزيون الهولندي هذا الأسبوع “أوكرانيا ستنتصر بالتأكيد في هذه الحرب”.

ماذا لو لم تستطع روسيا الاستيلاء على كل دونباس وتعرضت لمزيد من الضرر؟ في حال قررت أوكرانيا استخدام صواريخ طويلة المدى الجديدة لاستعادة السيطرة على المناطق التي فقدتها.

وقالت الولايات المتحدة إنها ستزود أوكرانيا بالأسلحة، بما في ذلك نظام صواريخ هيماراس المحمول.

هذا السيناريو له ما يبرره لدرجة أن صانعي السياسة قلقون بشأن العواقب، وإذا فشل بوتين، فهل يمكنه تصعيد الصراع باستخدام الأسلحة الكيميائية أو الأسلحة النووية؟

وقال المؤرخ نيال فيرجسون مؤخرا في ندوة في كينجز كوليدج لندن “أجد أنه من غير المحتمل أن يقبل بوتين هزيمة عسكرية تقليدية بخيار نووي”.

الخامس: انتصار روسيا

يصر المسؤولون الغربيون على أن روسيا، لا تزال تعتزم السيطرة على كييف والسيطرة على أجزاء كبيرة من أوكرانيا. وقال أحد المسؤولين: “هذه الأهداف القصوى قابلة للاستمرار”.

ويمكن لروسيا استخدام إنجازاتها في دونباس والإفراج عن قواتها لاستخدامها في مكان آخر، وربما حتى استهداف كييف مرة أخرى، فيما لا تزال القوات الأوكرانية تعاني من صعوبات في مواجهة الروس.

وأقر زيلينسكي الآن بمقتل أكثر من 100 جندي أوكراني وإصابة 500 آخرين كل يوم.

وقد يكون الشعب الأوكراني منقسمًا، والبعض يريد مواصلة الحرب، والبعض الآخر يريد السلام، وقد سئمت بعض الدول الغربية من دعم أوكرانيا. لكن من ناحية أخرى، إذا كانوا يعتقدون أن روسيا تنتصر، فقد يسعى الآخرون إلى تصعيد الصراع.

وأبلغ دبلوماسي غربي هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي”، أنه يتعين على الغرب اختبار سلاح نووي في المحيط الهادئ ليكون بمثابة تحذير لروسيا.

اترك تعليقا