المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

مجلة أمريكية: الصينيون يعشقون الأب بوتين

كشفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن مقاطع الفيديو الشعبية على تطبيق “تيك توك” بالصين، تصوِّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كشخصية تحظى بإعجاب واسع النطاق.

وقالت في تقرير: “بالنسبة لآلاف المستخدمين على تطبيق تيك توك الصيني، فهو (الأب بوتين)، وزعيم وسيم وشجاع يريد ببساطة السلام العالمي”.

وأضافت: “لأشهر، يشير مستخدمو تطبيق دوين- الإصدار الصيني الأصلي من (تيك توك)، وهو تطبيق مشهور للغاية لمشاركة الفيديو- إلى بوتين باعتباره الأب الوسيم، والأخ الأكبر ، وحتى الأمير الساحر”.

وأشارت إلى أنه في الأسبوع الماضي، كتب مستخدم من مقاطعة آنهوي شرقي الصين، أن الروس يجب أن يجتمعوا لدعم بوتين، بينما قال آخر يبلغ من العمر 56 عامًا، مقيم في جيانغسو موجِّهًا حديثه للرئيس الروسي: “لا يوجد خيار آخر، فالعالم يدعمك”، وكتب ثالث من مقاطعة جيانغشي، جنوب شرقي البلاد: “الأب بوتين هو الأفضل”.

إعجاب بالجملة

وذكرت “فورين بوليسي” أنه غالبًا ما تحصل مقاطع الفيديو هذه -التي ترسم صورة إيجابية لبوتين بعكس ما هو سائد في بقية أنحاء العالم- على مئات الآلاف من الإعجابات وآلاف التعليقات، إذ يرى المستخدمون أنه “قائد حساس يهتم بشدة بالشعب الروسي”.

وتعليقًا على ذلك، نقلت المجلة الأمريكية عن إيوليا مندل، المتحدثة السابقة باسم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قولها: “غالبًا ما تمثل وسائل التواصل الاجتماعي الواقع المشوه للعديد من المستخدمين”، مضيفة: “بشكل عام، نحن نتحدث عن محاولات لترك صورة إيجابية عن بوتين باستخدام الشبكات الاجتماعية”.

وحسب المجلة، يستغل معجبو بوتين المنصة لإبراز “حبهم الشديد” لزعيم الكرملين الأطول خدمة منذ جوزيف ستالين، مشيرة إلى أن العديد من المستخدمين يقومون بتضمين رموز تعبيرية للقلب، أو الصلاة جنبًا إلى جنب مع الرئيس الروسي.

وذكرت، أنه للعثور على مقاطع فيديو مؤيدة لبوتين على تطبيق تيك توك الصيني، كل ما يتعين على المستخدمين فعله هو كتابة اسمه.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه رغم أن هناك مجموعة أخرى تنشر فيديوهات ساخرة من الرئيس الروسي، فإن هناك بعض الحسابات الأخرى التي يتحكم فيها بشكل طبيعي ما يسمون أذرع الإنترنت.

وعن هذا الأمر، نقلت المجلة عن فين لاو ، محلل شؤون هونغ كونغ والصين -الذي أسس مجموعة هونغ كونغ ليبرتي المناصرة- قوله: “لهذا السبب هناك الكثير من مقاطع الفيديو التي تنتشر بسرعة عن دعم بوتين”.

وفي حالات أخرى -حسب المجلة- أنشأ المستخدمون مقاطع فيديو فردية مصحوبة بصور شخصية لبوتين، منها ما يظهر فيها عاري الصدر راكبًا دبًا، ويمسك بالورد، ثم يعزف على البيانو.

تلاعب بالعقول

ونقلت “فورين بوليسي” عن جاكوب فيلدجويز، الزميل في برنامج آسيا التابع لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، قوله: “إذا تم إعفاء بوتين من المسؤولية في نظر مستخدمي الإنترنت الصينيين، يمكنه أن يصبح مع الوقت زعيمًا شعبيًا”، مضيفًا: “أعتقد أن هؤلاء في الغالب من مستخدمي التكنولوجيا، الذين يتم التلاعب بهم للاعتقاد بأن (الناتو) والولايات المتحدة -وليس بوتين- هما المسؤولين عن الصراع في أوكرانيا”.

وأمام ذلك، تساءلت المجلة الأمريكية: كيف انتقل مستخدمو الإنترنت الصينيون من رؤية بوتين كقائد قوي، إلى الافتتان به كما لو كان من المشاهير أو أحد نجوم البوب الكوريين؟

وأجابت: إن أحد الأسباب أن ثقافة المعجبين في الصين غالبًا ما تحوِّل المعجبين العاديين إلى خارقين، مشيرة إلى أنه عام 2021 بدأت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين اتخاذ إجراءات صارمة ضد ما تسميها “عبادة البوب السامة”، التي قالت إنها تعطل النظام البيئي الصحي عبر الإنترنت وتؤثر سلبًا في الصحة العقلية والبدنية للشباب.

وترى المجلة، أن الصين تتمتع أيضًا بتاريخ طويل من الإعجاب بالديكتاتوريين الروس، حيث يعود إلى الأيام التي كان فيها ستالين الممول الرئيسي والداعم الأجنبي للحزب الشيوعي الصيني.

وأشارت إلى أنه رغم سقوط (عبادة ستالين) مع انهيار الاتحاد السوفييتي، فإن تماثيل الأخير مازالت تزين بعض المتنزهات في عدد من المدن الصينية مثل هاربين -شمالي شرق الصين- بينما تزين صورته أيضًا غرف بعض المدارس الصينية.

ومع عودة بوتين للتفكير في بناء دولة على الشكل السوفييتي القديم، بدا أن الصينيين يفكرون في الرئيس الروسي الحالي بطريقة تفكيرهم في ستالين نفسها، إذ تؤكد “فورين بوليسي” أنه بات “محبوبًا على نطاق واسع في الصين”.

وأوضحت المجلة، أنه رغم حرص مستخدمي “دوين” على نشر رسائل الحب الخاصة بهم على الإنترنت، فإن المسؤولين الحكوميين قالوا إن الصين لا تنحاز رسميًا إلى أي طرف.

وتقدر كل من روسيا وأوكرانيا موقف الصين الحيادي والموضوعي في الحرب، إذ تواصل الصين لعب دور بنّاء في هذه القضية، بينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان في مؤتمر صحفي يوم 5 مايو الماضي: نأمل أن نرى نهاية مبكرة للنزاع.

ومع ذلك -حسب المجلة-، كانت الصين مترددة في إدانة هجمات بوتين الشرسة على الأوكرانيين.

اختفاء التأييد

وترى “فورين بوليسي” أنه مع إصرار الحكومة الصينية على الحياد، بدأت التعليقات المؤيدة لأوكرانيا تختفي من وسائل التواصل الاجتماعي خلال مارس الماضي، لافتة إلى أنه طُلب أيضًا من منافذ الأخبار في الصين تجنُّب نشر أي شيء “غير مواتٍ لروسيا” على الحسابات الاجتماعية.

من ناحية أخرى -تضيف المجلة- فإن المحتوى المعادي لأوكرانيا أو المؤيد لروسيا لا يخضع للرقابة، بينما يظل الخط الإعلامي الرسمي أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هما المحرضان الحقيقيان على الصراع.

وذكرت المجلة الأمريكية، أن “دوين” و”تيك توك” مملوكان لشركة بايت دانس لتكنولوجيا الإنترنت، التي تصادف أنها الشركة الناشئة الخاصة الأعلى قيمة في العالم.

وأوضحت أن ما يفرق “دوين” عن “تيك توك” ميل الأولى إلى فرض رقابة شديدة على مقاطع الفيديو والبث المباشر، مشيرة إلى أنه في بعض الحالات، يمنع المحتوى إذا تضمن أمورًا سياسية، كما يجب على الأجانب الذين يستخدمون دوين الحصول على موافقة خاصة من الشركة، لتجاوز متطلبات جواز السفر/ بطاقة الهوية الصينية عند البث المباشر.

في المقابل، رغم أن “تيك توك” لديه حالات متعددة لمنع المحتوى أو حظر المستخدمين بلا سبب، فإنه ليس بمستوى “دوين”.

وأفادت المجلة الأمريكية، بأن العديد من مستخدمي النسخة الدولية من “تيك توك” يقدِّمون قصة مختلفة تمامًا عن الغزو الروسي، تركز على أوكرانيا وكيفية التبرع للمنظمات الأوكرانية، وإيجاد طرق لمساعدة اللاجئين، ودعم الشركات المملوكة لأوكرانيا.

اترك تعليقا