المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

القيادة الأمريكية للعالم تواجه “أزمة شرعية”

اعتبرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، أن قيادة الولايات المتحدة للعالم، باتت تواجه أزمة حقيقية مع “التراجع الكبير” في ثقة معظم الحلفاء بقوة ونفوذ واشنطن.

ورأت المجلة في تقرير لها، يوم الإثنين، أن “هذه الأزمة لا تتعلق بالحيوية الاقتصادية أو البراعة الدبلوماسية أو القوة العسكرية ولكن بالشرعية”.

ولفتت المجلة إلى أنه “في جميع أنحاء العالم، تُظهر استطلاعات الرأي والمقابلات، أن الجماهير والنخب في البلدان التي تعتبر نفسها حليفة للولايات المتحدة، أصبحت لديها شكوك كبيرة حول حالة واتجاه الديمقراطية الأمريكية”.

وقالت المجلة: “أظهرت الاستطلاعات أنهم لم يعودوا يرون في أمريكا نموذجا، وهم قلقون بشأن ما إذا كان النظام السياسي الأمريكي لا يزال بإمكانه تحقيق نتائج جديرة بالثقة”.

وأضافت أن “هذه المشاعر أصبحت مدعاة للقلق.. ففي الماضي، ارتفعت صورة الولايات المتحدة في الخارج وانخفضت أحيانا اعتمادًا على من كان في البيت الأبيض، أو الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة في الخارج، لكن الآراء حول الديمقراطية الأمريكية ظلت ثابتة وإن كانت أقل إيجابية مما كان يفترضه العديد من الأمريكيين”.

وتابعت: “الآن، بدأ هذا يتغير إذ إن وراء الشعبية المتقلبة باستمرار لرؤساء الولايات المتحدة، هناك انخفاض مطرد في التقييم الدولي لقوة النظام السياسي الأمريكي”.

مؤشر الديمقراطية

ووفقا للمجلة تحتل الولايات المتحدة المرتبة 26، بين تشيلي وإستونيا، في أحدث مؤشر للديمقراطية في “وحدة الإيكونوميست إنتليجنس” البريطانية، والتي وصفت الولايات المتحدة لأول مرة بأنها “ديمقراطية معيبة” العام 2016.

بدورها تصنف منظمة “فريدوم هاوس” في واشنطن الولايات المتحدة بدرجة أقل من الأرجنتين ومنغوليا في الوصول إلى الحقوق السياسية والحريات المدنية.

ونبُهت “فورين أفيرز” في تقريرها، من أنه “إذا لم يعد بإمكان الناس في جميع أنحاء العالم الاعتماد على الديمقراطية الأمريكية لتكون مثالا يحتذى به ولتنفيذ عمل أمريكي حاسم بشأن التحديات المشتركة، فستفقد واشنطن سلطتها الأخلاقية على قيادة العالم”.

ورأت المجلة أن الأمريكيين “أصبحوا يشعرون بشكل بديهي بفقدانهم لمكانتهم إذ إنه على مدى العقدين الماضيين، أعرب ثلثاهم تقريبًا عن اعتقادهم أن الولايات المتحدة هي أقل احترامًا دوليًا مما كانت عليه في الماضي، وفقًا لمسح أجراه مركز “بيو” للأبحاث.

وقالت المجلة إنه “من المرجح أن يتدهور هذا الاحترام أكثر.. وفي حين أن 61% من الجمهور في 13 دولة عبر الأطلسي تم استطلاعه في عام 2022 من قبل صندوق مارشال الألماني، يعتقد أن الولايات المتحدة هي اللاعب الأكثر نفوذًا في الشؤون العالمية اليوم، إلا أن الأقلية أي 35% فقط يتوقعون أن تكون الأكثر نفوذًا في خمس سنوات”.

المكانة المفقودة

وأعربت المجلة عن رأيها في أنه “لاستعادة تلك المكانة المفقودة، يجب على الديمقراطية الأمريكية التغلب على تحديات السياسة الحزبية والجمود المؤسسي وحالة عدم الاستقرار”، مضيفة أن واشنطن “ستحتاج أيضا إلى إثبات قدرتها على إنتاج سياسات دولية مستدامة يمكن لأصدقاء الولايات المتحدة وأعدائها على حد سواء الاعتماد عليها”.

وأكدت أن “هذه العملية مهمة للغاية بحيث لا يمكن تركها فقط لمن ينشغلون بالقضايا المحلية”، مشددة على أن “مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية تحتاج إلى إحياء الديمقراطية الأمريكية كحجر زاوية للقيادة العالمية للولايات المتحدة في المستقبل”.

وبينت المجلة أن “ذلك سيتطلب مشاركة مباشرة مع الجمهور الأمريكي، على غرار الجهود المتضافرة للترويج لخطة مارشال للأمريكيين في عامي 1947 و1948”.

وقالت: “إنها ليست مجرد وظيفة مبيعات.. يجب على صانعي السياسة أولًا الاستماع إلى الأمريكيين لمحاولة فهم وتخفيف إحباطهم من ديمقراطيتهم من أجل الحفاظ على نفوذ الولايات المتحدة في العالم وتعزيزه”.

تقييمات الأجانب

ولفتت المجلة في تقريرها إلى أن “تقييمات الأجانب للولايات المتحدة مدفوعة إلى حد كبير بتصوراتهم بشأن رئيس الولايات المتحدة”.

وأشارت إلى أنه في العام 2000، كان 83% من البريطانيين و78% من الألمان و77% من اليابانيين، و76% من الإيطاليين و62% من الفرنسيين و50% من الإسبان، لديهم نظرة إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

وبيّنت أن هذا التقييم تراجع بشكل كبير خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، لافتة إلى أن صورة الولايات المتحدة العالمية انخفضت بمقدار 47 نقطة مئوية في ألمانيا، و30 نقطة في المملكة المتحدة و27 نقطة في اليابان لتصل إلى أدنى مستوى لها العام 2008.

وقالت المجلة: “ثم انتعشت المشاعر العامة بشكل ملحوظ عندما تولى الرئيس باراك أوباما منصبه في العام 2009 بزيادة 33 نقطة مئوية في فرنسا وألمانيا و25 نقطة في إسبانيا”.

وأضافت: “تراجعت وجهات النظر الإيجابية عن الولايات المتحدة مرة أخرى خلال رئاسة دونالد ترامب، ووصلت إلى أدنى مستوياتها”.

اترك تعليقا