المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

الناتو يفضل الحرب في أوكرانيا بدلاً من التنازل روسيا

تناولت أبرز الصحف العالمية الصادرة اليوم الأربعاء، أخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وسط تقارير تتحدث عن أن ”الناتو“ يفضل استمرار الحرب بدلاً من تسوية سلمية بين البلدين المتحاربين، وتقديم تنازلات لموسكو.

وناقشت الصحف تقاريراً أخرى تتهم الإدارة الأمريكية بالعنصرية إزاء تعاملها مع ملف اللاجئين. يأتي ذلك فيما حذرت الصحف من أن ربع الأفارقة يواجهون أزمة أمن غذائي مفجعة جراء الحرب.

انسحاب بعد خسائر فادحة

نقلت صحيفة ”التايمز“ عن مسؤول استخباراتي أوكراني زعمه بأن القوات الروسية ”تحاول الانسحاب“ بعد خسائر فادحة جراء الحرب، مدعياً أن الوحدات الروسية تكبدت خسائر تصل إلى 40%، مشيراً إلى أنه يُجرى الآن تسريع تجهيز المجندين الروس في مدينة سان بطرسبرغ من خلال التدريب لإعدادهم للخط الأمامي.

وقالت الصحيفة في تقرير لها، إنه بعد ستة أسابيع من القتال العنيف، ينقل الكرملين قواته إلى خارج أوكرانيا حيث يركز على أهداف محدودة بما في ذلك تطويق منطقة دونباس في الشرق.

وأوضحت أن المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها من المسؤول الأوكراني تشير إلى أن ”فرقة المشاة الآلية العشرين“، المتمركزة في بلدة كاميشين الروسية بالقرب من فولغوغراد، فقدت 40% من قواتها وأسلحتها وعتادها العسكري خلال القتال.

وأضافت الصحيفة أن وزارة الدفاع الأوكرانية، زعمت أيضاً أن القوات الروسية في هذه الفرقة القتالية ”تحاول الآن الانسحاب من قوام الجيش“ قبل أن يُطلب منها العودة إلى أوكرانيا مرة أخرى، كما أوضحت، وفقاً للمعلومات الاستخباراتية، أنه في أجزاء أخرى من روسيا، يتم نقل الضباط المتدربين عبر المدارس العسكرية لتعزيز الوحدات المستنزفة.

في غضون ذلك، نقلت الصحيفة عن مركز استراتيجيات الدفاع (سي. دي. إس)، وهو مركز أبحاث أوكراني، زعمه أن المصانع الروسية تكافح أيضاً لإنتاج ما يكفي من المعدات العسكرية للحفاظ على العملية العسكرية في أوكرانيا و“تلجأ إلى سحب أسلحة عمرها 30 عامًا من المخازن“.

واستشهدت الصحيفة البريطانية في تقريرها، بمقطع فيديو تم نشره على الإنترنت مؤخراً، يظهر مجندين شباب روس وهم ”يشتكون من أنهم مسلحون ببنادق من الأربعينيات“.

في المقابل، شككت صحيفة ”التايمز“ في مثل هذه الادعاءات، وقالت إنه ”على الرغم من ذلك، أحدثت الترسانة القوية الموجودة تحت تصرف الكرملين دمارًا في دونباس، مع تقارير عن استخدام رؤوس حربية حرارية يوم الأحد في إيزيوم وماريوبول.“

على صعيد آخر، نقلت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن ما لا يقل عن 200 شخص قد يكونوا في عداد الموتى جراء ”قصف روسي عشوائي“ استهدف مجمعاً سكنياً في بورودينكا، وهي بلدة تقع بالقرب من العاصمة الأوكرانية، كييف.

ووفقاً للصحيفة الأمريكية، كانت القوات الروسية قد انسحبت مؤخرًا من المنطقة المحيطة ببورودينكا والتي كانت من بين الأماكن الأولى التي تعرضت للضربات الجوية الروسية بعد الغزو.

ونقلت عن القائم بأعمال رئيس البلدية قوله أمس، الثلاثاء: ”إن عشرات الأشخاص الذين كانوا يحتمون في الأقبية أو الشقق في عداد المفقودين ويفترض أنهم لقوا حتفهم تحت الأنقاض.“

وذكرت الصحيفة أن انسحاب روسيا من مناطق حول كييف في الأيام الأخيرة قد كشف عن أدلة على الانتهاكات التي لفتت انتباه العالم. وقالت: ”في أماكن مثل بوتشا، كان التركيز على الأدلة التي تشير إلى مقتل مدنيين أوكرانيين على أيدي القوات الروسية. وفي بورودينكا وأماكن أخرى، كان التركيز على الأدلة على استهداف المباني المدنية بشكل عشوائي.“

دعم.. ولكن بحدود

وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية أنه بالرغم من أن الداعمين الغربيين لأوكرانيا قد تعهدوا باحترام قرارات كييف في أي تسوية لإنهاء الحرب مع روسيا، إلا أنه مع وجود قضايا أكبر تتعلق بالأمن العالمي على المحك، هناك حدود لعدد التنازلات التي سيدعمها البعض في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتحقيق السلام.

ورأت الصحيفة أن كيفية إنهاء القتال ودعم أوكرانيا ستكون من بين أكثر المناقشات حدة في اجتماع وزراء خارجية ”الناتو“ المقرر انعقاده اليوم الأربعاء، في بروكسل.

وأوردت الصحيفة في تقرير لها ”تقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إن أوكرانيا يجب أن تكون صاحب القرار النهائي عندما تدافع عن نفسها، وإنه لا ينبغي دفعها لتقديم تنازلات أو تشجيعها على القتال لفترة أطول مما ترغب.“

وأضافت ”لكن قرارات كييف – وأي تنازلات قد يتبناها الرئيس، فولوديمير زيلينسكي – ستساعد في تحديد ما إذا كان الكرملين يتعرض للتأنيب أو التشجيع، والدول التي لديها طموحات إقليمية على جيرانها، مثل الصين، ستراقب النتيجة.“

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين بارزين في التحالف العسكري ومحللين عسكريين قولهم: ”يصر بعض حلفاء الناتو بشكل خاص على عدم التنازل عن الأراضي الأوكرانية لروسيا وإعطاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أي مظهر من مظاهر النصر.“

وأوضحت الصحيفة أن بعض الدول الأوروبية، وخاصة الدول الشيوعية سابقًا التي لديها ذكريات مريرة عن الغزو أو الاحتلال الروسي، تشعر بالقلق بشكل خاص بشأن كيفية تطور الصراع، حيث تعتبر نفسها التالية على قائمة الكرملين المستهدفة.

وأردفت: ”يرى صانعو السياسة في الناتو أنه إذا شعر بوتين أنه استفاد من الغزو، من خلال الفوز بأراضي أو تنازلات سياسية أو مزايا أخرى من أوكرانيا، فقد يكون ملهمًا في النهاية لمحاولة تكرار الشيء نفسه ضد جيران آخرين.“

وقالت الصحيفة إنه ”حتى التعهد الأوكراني بعدم الانضمام إلى الناتو – وهو التنازل الذي طرحه زيلينسكي علنًا – قد يكون مصدر قلق لبعض الجيران أيضاً، حيث سيؤدي ذلك إلى واقع محرج للناتو الذي سيفضل استمرار القتال والموت بالنسبة للأوكرانيين بدلاً من تحقيق سلام يأتي مبكرًا جدًا أو بتكلفة باهظة للغاية على كييف وبقية أوروبا.“

واختتمت ”البوست“ تقريرها بالقول: ”إذا وافقت أوكرانيا وروسيا على تسوية سلمية، فستواجه واشنطن وبروكسل معضلة أخرى حول ما إذا كان سيتم تخفيف العقوبات على الكرملين، حيث أن القادة الغربيين كانوا قد تعهدوا من قبل بإزالة العقوبات إذا أوقفت موسكو القتال في أوكرانيا.“

ربع أفريقيا في خطر!

ذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية أن ”اللجنة الدولية للصليب الأحمر“ قد حذرت الثلاثاء، من أن ربع سكان إفريقيا يواجهون أزمة أمن غذائي ناجمة عن الجفاف الشديد والحروب المستعرة وارتفاع أسعار الغذاء العالمية بسبب الحرب الأوكرانية.

ونقلت الصحيفة عن دومينيك ستيلهارت، مدير العمليات العالمية في اللجنة قوله: ”إن نحو 346 مليون شخص، من موريتانيا في الغرب إلى القرن الأفريقي في الشرق، متضررون من انعدام الأمن الغذائي.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا وأوكرانيا كانتا من كبار موردي الحبوب قبل الحرب، موضحة أن الصراع قد تسبب في ألم مفجع في جميع أنحاء العالم النامي، مما أدى إلى حدوث صدمات في الأسعار، وتقييد واردات السلع الأساسية وتسبب في نقص الغذاء، مع تضرر الدول الأفقر في إفريقيا بشكل خاص.

وعن أكثر الدول الأفريقية تضرراً جراء الحرب، قالت الصحيفة إن الصومال، يواجه شبح المجاعة بحلول منتصف العام إذا استمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، حيث انخفضت الأمطار للموسم الرابع على التوالي بالإضافة إلى قصر جهود الإغاثة الدولية بسبب النزاعات هناك.

واختتمت ”الجورنال“ تقريرها قائلة ”يقدر برنامج الأغذية العالمي أنه يحتاج إلى إنفاق 273 مليون دولار في شكل أموال طارئة من الآن وحتى أغسطس المقبل لدرء مثل هذه الكارثة.“

اتهامات بـ“العنصرية“ لإدارة بايدن

وفي هذا السياق، سلطت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية الضوء علي ازدواجية إدارة الرئيس، جو بايدن، في التعامل مع ملف اللاجئين، وقالت ”إن الولايات المتحدة تفتح الباب أمام اللاجئين الأوكرانيين وتغلقه أمام آخرين من إفريقيا.“

وذكرت المجلة في تقرير لها أن دعاة الهجرة واللاجئين قد رحبوا بقرار إدارة بايدن بمد حالة الحماية المؤقتة للأوكرانيين في الولايات المتحدة، مما يوفر لهم ملاذًا آمنًا من الدمار الذي خلفه ”الغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا“.

وأضافت: ”لكن هذا التصنيف السريع أثار أسئلة جديدة صعبة للإدارة بشأن تعاملها مع طالبي اللجوء من البلدان الأخرى التي مزقتها الحرب، وخاصة الكاميرون، حيث سعى الأشخاص الفارون من الصراع والعنف من الدولة الواقعة في وسط إفريقيا على مدى خمس سنوات إلى الحصول من واشنطن على نفس الحماية التي مُنحها الأوكرانيون بعد أسبوع فقط من الصراع!“

ونقلت المجلة عن بعض المدافعين عن اللاجئين ونشطاء حقوق الإنسان اتهامهم للإدارة الأمريكية الحالية بقولهم: ”إن الاختلاف بين سياسة الولايات المتحدة بشأن اللاجئين من أوكرانيا والكاميرون هو انقسام صارخ يلخص نهج إدارة بايدن في سياسات الهجرة واللاجئين.“

ووفقاً للمجلة، يجادل المدافعون بأن الرئيس الأمريكي كان بطيئًا للغاية في ”عكس الحملة على الهجرة واللاجئين“ من إدارة سلفه، دونالد ترامب، ويقولون إن ”اندفاع بايدن لتوسيع حالة الحماية المؤقتة للأوكرانيين بينما لا يزال يمنع الكاميرونيين من نفس الحماية، يشير إلى عنصرية متأصلة في سياسة الهجرة الأمريكية.“

ونقلت المجلة عن آمي فيشر، مسؤولة بارزة في ”منظمة العفو الدولية“، قولها: ”يشعر الكثير منا بالسخط لأن الأوكرانيين يمكن أن يحصلوا على تصنيف في مثل هذا الوقت القصير، ومع ذلك لا يزال يُطلب من الكاميرونيين الانتظار.“

وأضافت فيشر، وفقاً للمجلة: ”من الواضح أنه لا توجد طريقة للنظر إلى الأمر سوى القول بأن بلدًا يحتل العناوين الرئيسية ومليئًا بالوجوه البيضاء، والآخر لا يتصدر عناوين الأخبار لأنه بلد يغلب عليه السود.“

وأشارت المجلة إلى أن إدارة بايدن ومسؤولي الأمن الداخلي كانوا قد أوقفوا في وقت سابق تمديدهم لنظام الحماية المؤقتة لطالبي اللجوء من السودان وجنوب السودان والصومال لمواجهة الادعاءات بأن نظام الهجرة واللاجئين يميز ضد الأفارقة.

اترك تعليقا