المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

حيرة الغرب إزاء عقلية بوتين النووية

تناول مقال بصحيفة “إندبندنت” (The Independent) البريطانية احتمالات أن يستخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلاح النووي خلال حربه في أوكرانيا، مستشهدا بتاريخ الأزمات الكبيرة بين أميركا وروسيا التي كان فيها التهديد باستخدام الأسلحة النووية مماثلا للتهديد الحالي.

في بداية المقال الذي كتبه الدكتور #ريشي_بول -الباحث في السياسات ومدير البرامج بمجلس معلومات الأمن البريطاني الأميركي- ونيكولاس جي ويلر -أستاذ العلاقات الدولية بجامعة برمنغهام- قالا إنهما خبيرا أسلحة نووية، وأشارا إلى أنه إذا اقترن الخوف وانعدام الأمن بالأسلحة النووية، فإن كل المقومات موجودة لتصعيد خطير.

ويضيفان أنه في خضم المعاناة الإنسانية الرهيبة على الأرض في أوكرانيا، فإن السؤال المخيف هو إذا ما كانت الحرب يمكن أن تتصاعد إلى مواجهة نووية بين حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) وروسيا.

السيناريو الأكثر إثارة للخوف
وأوضح الكاتبان أن السيناريو الأكثر إثارة للخوف هو الذي يصبح فيه الناتو أكثر انخراطا عسكريا في دعم القوات الأوكرانية، وهذا يؤدي إلى أن تصبح روسيا أكثر يأسا. وفي مثل هذا السياق، حيث يكون الناتو طرفا نشطا في الصراع، مع العقوبات الأكثر تعقيدا المفروضة على روسيا من قبل المجتمع الدولي، فلا يُستبعد -بالنظر إلى عقلية بوتين النووية- أن يأمر الرئيس الروسي باستخدام ما يسمى بالأسلحة النووية “التكتيكية”. وسيكون الهدف هنا هو صدمة الغرب وإنهاء الوضع العسكري في أوكرانيا، وبث الخوف في الغرب من أن أي رد قد يؤدي إلى مزيد من الاستخدام النووي.

وقالا إن الاستنتاج المتردد هو أن تقليل مخاطر الاستخدام النووي يعتمد على إيجاد حل لا يكافئ بوتين، وفي الوقت نفسه لا يتركه ذليلا أو يائسا. ولدى بوتين مصالح أمنية أساسية على المحك في هذه الأزمة وسيتعين الاعتراف بها في أي تسوية. وهذا هو الدرس المستفاد من الإنهاء السلمي لأزمة الصواريخ الكوبية بين موسكو وواشنطن عام 1962.

الناتو في ورطة
ويضيف الكاتبان أن حكومات الناتو على أعتاب ورطة؛ فإذا لم تدعم الأوكرانيين عسكريا، سيتم اتهامها بالخضوع للابتزاز النووي الروسي، ويمكن لمثل هذه النتيجة أن تشجع بوتين على المزيد من المغامرات العسكرية. ويُعد القرار بشأن نقل مقاتلات “ميغ-29” (Mig-29) البولندية حالة اختبار رئيسية هنا، كذلك القرار بشأن منطقة الحظر الجوي في أوكرانيا.

وإذا صعد الناتو مشاركته العسكرية ودفعت القوات الأوكرانية الروس إلى الوراء عسكريا، قد يصبح بوتين يائسا بشكل متزايد، وسيقترب من استخدام السلاح النووي، لأن القادة اليائسين هم الأصعب في ارتداعهم وطمأنتهم.

وأضافا أن إحدى النوايا الواضحة وراء حالة التأهب النووية التي زعمها بوتين هي ردع الناتو عن تقديم دعم عسكري أكبر للقوات الأوكرانية. ولكن إذا كانت هذه هي النية، فإنها لم تفعل شيئا لمنع حكومات الناتو من شحن الأسلحة إلى أوكرانيا.

ريغان-غورباتشوف
ولفت الكاتبان الانتباه إلى أن آخر مرة وُضعت فيها القوات النووية الروسية في حالة تأهب نووي كانت في أكتوبر/تشرين الأول 1983، عندما أساء صناع القرار السوفيات تفسير مناورة للناتو للإطلاق النووي على أنها عد تنازلي محتمل لحرب نووية، واكتشف صناع القرار في الولايات المتحدة وحلف الناتو، بعد عدة أشهر، مدى خوف القادة السوفيات. وكان لهذه المعرفة تأثير عميق على تصميم الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان على لقاء نظيره الروسي ميخائيل غورباتشوف وجها لوجه في جنيف عام 1985، حيث اتفقا على أن الحرب النووية لا يمكن كسبها وتعاهدا على عدم خوضها أبدا.

واختتم الكاتبان بلفت الانتباه إلى أنه من المطمئن أن حالة التأهب التي أعلن عنها بوتين مؤخرا لم تكن مصحوبة باستعدادات علنية لهجوم نووي، وأن بوتين أعاد التأكيد على بيان ريغان-غورباتشوف مع الرئيس الأميركي جو بايدن في يونيو/حزيران الماضي في قمة بينهما بجنيف، وكذلك تمت إعادة التأكيد على الالتزام نفسه في الثالث من يناير/كانون الثاني الماضي ضمن بيان للدول الخمس.

المصدر : إندبندنت

اترك تعليقا