المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

صحف عالمية: أزمة أوكرانيا لحظة فاصلة وحرب شوارع في كييف

اعتبرت صحف عالمية أن الأزمة الأوكرانية الراهنة، لحظة فاصلة في التاريخ الحديث، مشيرة إلى ”فشل واضح“ في صفوف الجيش الروسي منعه من تحقيق هدفه حتى الآن، في وقت تشهد فيه ضواحي العاصمة كييف ”حرب شوارع“.

ووصفت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية في تحليل لها الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه لحظة فاصلة في التاريخ الحديث، ونقطة تحول يمكن مقارنتها من حيث الأهمية بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وسقوط جدار برلين في عام 1989، وحتى اغتيال الرئيس الأمريكي السابق، جون كينيدي، عام 1963.

وقالت الصحيفة إنه ليس هناك شك في أنه في الأيام العنيفة والصاخبة التي تلت 24 فبراير/ شباط (بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا)، اهتز النظام الدولي القائم، وانقلب في بعض النواحي بشكل غير عادي وغير متوقع وغالبًا ما يكون غير مرحب به.

وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا – الدولة الواقعة على مفترق طرق بين أوروبا وآسيا والتي لا يعرفها الكثيرون وغالبًا ما يتم تجاهلها – أصبحت بين عشية وضحاها بوتقة نظام عالمي جديد، وحافزًا ومحفزًا لاضطراب جذري.

وضربت الصحيفة بعض الأمثلة على التغيرات العالمية التي جلبتها الأزمة الأوكرانية، وأشارت في تحليلها إلى ”الأسلحة الذرية، حيث اقترب التهديد غير المقنع من قبل فلاديمير بوتين بأن يصبح نووياً في حال تدخل الغرب لوقف الغزو“.

وأضافت ”قد تقوض الحرب فترة حكم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حيث تمت الإشادة به لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا. ولكن كما حدث في أفغانستان العام الماضي، فقد فشل في منع وقوع كارثة إنسانية، أو حتى إيقاف بوتين، فضلاً عن الغضب الداخلي من ارتفاع أسعار الطاقة“.

ورأت أن ”الصين ستكون الرابح الاستراتيجي الأكبر إذا أصبحت أوكرانيا، كما يبدو مرجحًا، تجربة مطولة لصراع النفوذ بين روسيا والغرب. ويبدو أن رئيسها، شي جين بينغ، قد أعطى الضوء الأخضر لبوتين عندما التقيا قبل الغزو مباشرة“.

وذكرت الصحيفة أن ”الجوع والاضطرابات السياسية اللاحقة التي تؤثر على البلدان الفقيرة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا هي مخاوف متزايدة مع قطع صادرات القمح والحبوب والزيوت النباتية من أوكرانيا وروسيا“.

واعتبرت أن ”حلف شمال الأطلسي (الناتو) برز موحداً وأقوى حتى الآن، لكنه يواجه انتقادات لعدم القيام بالمزيد لمساعدة كييف. وأعادت الحرب إحياء الجدل حول ما إذا كان توسع الحلف باتجاه الشرق بعد الانهيار السوفييتي خطأ فادحًا ساهم في الأزمة الحالية“.

وأشارت إلى أن ”النفط والغاز يعتبران ثغرة قاتلة في الدروع الغربية عند مواجهة روسيا، وأن الارتفاع الصاروخي في الأسعار الذي أضر بالشركات والمستهلكين صوّر مدى القوة الهائلة لـ(سلاح الطاقة) الذي يمتلكه لبوتين“.

ولفتت ”الغارديان“ في ختام تحليلها إلى ”تايوان الخائفة“ والتي قد تواجه مصير أوكرانيا نفسه، وقالت ”تراقب تايوان الأحداث في أوكرانيا بقلق عميق، حيث تسبب رفض واشنطن مساعدة كييف بدعم عسكري مباشر في إثارة المخاوف لدي تايبه، إذ ليس لدى واشنطن أي التزام قانوني أو معاهدة للقتال من أجل تايوان“.

فشل واضح

وذكرت صحيفة ”فاينانشال تايمز“ البريطانية أن الحرب في أوكرانيا أثبتت فشل روسيا الواضح والخطير، نظراً لحجم الأخطاء العسكرية الروسية الناجم عن ضعف الاستخبارات وسوء التخطيط واللوجستيات.

وقالت الصحيفة إنه بعد ثلاثة أسابيع من غزوها لأوكرانيا، لا تزال نتيجة الحرب غير مؤكدة حتى الآن، موضحة أن هناك القليل من المعلومات المتوفرة حول معدلات استنزاف القوات الأوكرانية، في حين أن الجيش الروسي لا يزال يفوق نظيره الأوكراني بكثير.

وأضافت الصحيفة في تقرير لها ”قدر مسؤولو دفاع غربيون عدد الضحايا الروس بما يتراوح بين 2000 و6000. واستنادًا إلى النسب في نزاعات مماثلة، فإن هذا يعني أن عدد الأسرى والجرحى يبلغ ثلاثة إلى أربعة أضعاف“.

وتابعت ”كما أن خسائر روسيا في العتاد كبيرة، حيث سجلت تقارير استخباراتية موثوقة نحو 1034 مركبة روسية وقطع مدفعية وطائرات دمرت أو أتلفت أو تم التخلي عنها أو تم الاستيلاء عليها. وتشمل هذه القطع 173 دبابة، و261 عربة قتال مصفحة ومشاة، و28 نظام صواريخ أرض – جو“.

ونقلت الصحيفة عن محللين عسكريين قولهم إن الخسائر الروسية ”أكبر بكثير من أي صراع آخر“ بما في ذلك جورجيا والشيشان وأفغانستان في الثمانينيات، مؤكدين أن ”السبب الرئيس للعيوب في الهجوم العسكري الروسي هو فشل الاستخبارات الذي أدى إلى انحراف التخطيط العسكري“.

وأردفت ”نتج عن هذا الفشل المرتبط بالتسرع في اتخاذ القرار، وعدم الاستعداد اللوجستي، وسوء صيانة المعدات واستخدام قوات شابة عديمة الخبرة، انهيار الروح المعنوية لروسيا في الخطوط الأمامية“.

وعلى ساحات القتال، قالت الصحيفة في تقريرها إن آلاف الصواريخ المضادة للدبابات التي تزودها القوى الغربية لأوكرانيا منذ أسابيع قد أثبتت فاعليتها، حيث تمكن جنود مشاة متنقلون من نصب الكمائن ومهاجمة مجموعات متطورة معزولة من المركبات الخفيفة الروسية.

ووفقاً للصحيفة، ”تشير معلومات استخبارية إلى أن البنية التحتية للاتصالات العسكرية الروسية كان أداؤها ضعيفًا، حيث نُشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي لروس يستخدمون أجهزة راديو صينية رخيصة وغير مشفرة وهواتفهم المحمولة للاتصال بالقادة“.

وزعمت الصحيفة أنه نتيجة لذلك، تمكن الأوكرانيون ”الهواة“ على بعد مئات الأميال من ضبط الاتصالات العسكرية الروسية، كما تظهر سلاسل تغريدات عبر موقع ”تويتر“ ك تحتوي على عشرات الرسائل الروسية المسجلة.

على صعيد آخر، نقلت الصحيفة عن مسؤول دفاعي أمريكي كبير قوله إن أوكرانيا كانت ”مبدعة للغاية“ في كيفية استخدام دفاعاتها الجوية، حيث استخدمت طائرات دون طيار ”رخيصة الثمن“ بشكل فعال للغاية.

وأضاف المسؤول أن الجيش الروسي ليس لديه خبرة في خوض مثل هذه الحرب البرية والجوية المشتركة الواسعة النطاق، موضحاً أن ”هذه عملية لم ينفذها الروس منذ الحرب العالمية الثانية، وروسيا تواجه مشكلة أيضاً في دمج قواتها البرية والجوية في قوة مشتركة“.

حرب شوارع

وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أن ”حرب شوارع“ اندلعت بين الجنود الأوكرانيين والروس في بلدة إيربين، وهي إحدى ضواحي مدينة كييف، أمس السبت، مشيرة إلى أنها أقرب المعارك إلى العاصمة حتى الآن.

ونقلت الصحيفة عن محللين عسكريين قولهم إنه في حال انتصرت القوات الروسية في هذه المعركة، فهذا الانتصار من شأنه أن يساعد في إحكام الطوق حول كييف، على الرغم من أن القوات الروسية قد اقتربت من العاصمة بهذا القدر كثيراً منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا.

ووفقاً للصحيفة، فإن القوات الأوكرانية فجرت المعبر فوق نهر إيربين منذ أكثر من أسبوع لمنع الدبابات الروسية من التوغل.

وأشارت إلى أن المعركة من أجل الضاحية الشمالية الغربية لإيربين – على بعد حوالي ثلاثة أميال من حدود مدينة كييف – تردد صداها فعليًا في العاصمة، حيث كان الدوي المنخفض للنيران المستمرة قريبا بما يكفي لسماعه في معظم أنحاء المدينة.

ضغوطات على بايدن

من ناحية أخرى، ذكرت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية – في تقرير حصري لها – أن وكالة حكومية أمريكية حثت بايدن على تصنيف أوكرانيا وجورجيا ”كحليفين رئيسيين من خارج الناتو“.

وقالت المجلة إن ”لجنة هلسنكي“، وهي وكالة حكومية أمريكية مستقلة مكلفة بتعزيز حقوق الإنسان والأمن في أوروبا، طلبت من إدارة بايدن ترقية العلاقات الدفاعية للولايات المتحدة مع أوكرانيا، حيث تسعى الوكالة من خلال هذه الخطوة إلى تسهيل المساعدة العسكرية والاقتصادية لكييف مع تحرك القوات الروسية لتطويق العاصمة الأوكرانية.

ووفقاً للمجلة، كتبت اللجنة أنه ”على الرغم من أن الولايات المتحدة تدعم باستمرار عضوية أوكرانيا وجورجيا في الناتو، فإن الاحتلال الروسي والغزو المستمر يفضحان مأساة التوسع الأوروبي الأطلسي المتوقف منذ فترة طويلة“.

وجاء في الخطاب ”في غياب الدعم الأمريكي القوي والاستباقي لعضوية الناتو الأوكرانية والجورجية، سيستمر بوتين في الاستفادة بشكل كبير من تطلعاته لقلب الأمن والتعاون في أوروبا وأجندته الاستعمارية الجديدة“.

ونقلت ”فورين بوليسي“ عن اللجنة قولها إن ”هذا التصنيف هو انعكاس عادل لعلاقاتنا الدفاعية الثنائية الحالية ولا يلزم الولايات المتحدة بعمل عسكري“، مشيرة إلى أنها أوصت أيضًا بأن تنظر الإدارة الأمريكية في تمديد الوضع إلى أعضاء آخرين من خارج ”الناتو“ على طول الجناح الشرقي لأوروبا، مثل فنلندا ومولدوفا والسويد.

اترك تعليقا