المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

طالبان تسرع في بناء المدارس الدينية بأفغانستان.. هل بداية “لنشر التطرف”

ترجمة خاصة لـ”المعهد العراقي للحوار” ـ احمد الساعدي

أصبح بناء المساجد والمدارس الدينية في مناطق مختلفة من أفغانستان منافسة بين قادة ومسؤولي طالبان، ويقال إن كل قائد من قادة طالبان يحاول الآن بناء مدرسة دينية في مقاطعته أو منطقته.

وبحسب بعض رجال الأعمال، فإن طالبان تطالبهم باستمرار بالمال لبناء هذه المدارس في مدن مختلفة من أفغانستان.

وفي الوقت نفسه، فإن بناء المدارس الدينية هو أيضًا على جدول أعمال حكومة طالبان التي تشكلت في مطلع أيلول/سبتمبر 2021 بعد استيلاء الحركة المتشددة على الحكم مع إنسحاب القوات الأمريكية والأجنبية من البلاد.

ووفقًا لمسؤولين في وزارة التربية والتعليم في طالبان، فإن “مدرسة جهادية كبيرة” في كل مقاطعة وثلاث إلى عشر مدارس ابتدائية دينية في كل منطقة هي جزء من خطة الوزارة.

وبعد عودة حكم طالبان أصبح إنشاء المدارس الدينية وتشييدها أحد الأنشطة الحكومية الرسمية وغير الرسمية الرئيسية.

ويقول بعض الداعمين الماليين أيضًا أن وجود مدرسة دينية يعتبر أحد أسباب إظهار الالتزام بحكومة طالبان، لذلك فإن غالبية أفراد طالبان يحاولون بناء مدرسة دينية في المقاطعة أو المنطقة وحتى في قراهم.

وقال العديد من الأثرياء ورجال الأعمال لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن “طالبان، وخاصة قادة هذه المجموعة وبعضهم يشغل مناصب رسمية الآن، يطلبون منهم مساعدة مالية لبناء مدرسة دينية في مقاطعتهم أو منطقتهم”.

وقال أحد هؤلاء الذي لم يرغب في الكشف عن هويته: “بالنسبة لطالبان، فإن امتلاك مدرسة هو حلم، من مستوى المحافظات إلى مستوى القرى، وطلب كل مسؤول في حكومة طالبان التقيت به أو قدمته لبعضنا البعض مساعدة مالية لبناء المدارس الدينية”.

وأضاف: “كل مدرسة دينية يجب أن يكون بجوارها مسجد، ومنهم من يقول إن المدرسة تحت الإنشاء وتحتاج إلى مواد بناء، ومنهم من يطلب مساعدة مالية لدفع أجور العمال، والبعض الآخر يطلب مساعدة مالية لتوفير الطعام لطلبة المدرسة، ولقد أثيرت مثل هذه المطالب عدة مرات”.

ووفق تقارير صحفية فقد انتشرت المدارس الدينية في ولايات عدة من بينها ننكرهار وقندوز وتختار وبعض المقاطعات الأخرى من قبل حركة طالبان.

ويقول أحد سكان إحدى المقاطعات الشرقية من البلاد، والذي لا يريد الكشف عن هويته، “إن تركيز طالبان ينصب على جذب المزيد من الطلاب إلى هذه المدارس الدينية، بطريقة تجعل، حسب قوله، جذب المزيد من الطلاب إلى المدارس الدينية أصبحت “منافسة” بين طالبان.

وقال: “مع حكم نظام طالبان تسارع بناء المدارس الدينية في كل منطقة”. وأضاف أن “أفراد طالبان لا يفعلون ذلك من أجل تعزيز التعليم الديني، لأن أفغانستان مجتمع ديني وجميع الناس مسلمون، لكن الهدف الرئيسي لطالبان في إنشاء مدارس دينية هو مواصلة هيمنتهم على المجتمع”.

ما يمكن ملاحظته هو أن إنشاء العديد من المدارس الدينية يتسبب في صراعات طائفية في المجتمع وسيكون من الصعب احتواؤها في المستقبل.

وفي غضون ذلك، تتابع وسائل الإعلام التابعة لحركة طالبان، وخاصة وكالة الأنباء الحكومية بختيار، تقاريرها باستمرار عن افتتاح مدارس دينية جديدة في مختلف المحافظات.

وفي وقت سابق، قال كرامة الله أخوند زاده، وكيل التربية الإسلامية في وزارة التربية والتعليم بحكومة طالبان، إن “إنشاء وبناء مدارس دينية على جدول الأعمال في إطار الأنشطة الرسمية للحكومة”.

وقال: “أقيمت مدارس الجهاد المركزية في أكثر من 25 محافظة، كل منها تتسع لألف شخص، ويجري إنشاء 3 إلى 10 مدارس ابتدائية ريفية في كل منطقة من جميع المقاطعات، وتم ترتيب الخطة السنوية للتربية الإسلامية على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي وإرسالها إلى جميع المديريات المركزية والعلمية”.

وأضاف: “تم اختبار المئات من المعلمات بمراكز التربية الإسلامية في كابول، وتم تقديم 160 منهن ممن اجتازن الاختبار إلى دار العلوم المختلفة”.

كما يوضح هذا المسؤول في طالبان، يتم تمويل المدارس الدينية والمدارس الابتدائية الريفية من ميزانية وزارة التعليم.

وتمول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) المدارس الريفية / المدارس الابتدائية، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت تساعد أيضًا في تمويل مدارس طالبان الدينية.

ووفقًا للإحصاءات الرسمية لوزارة التربية والتعليم، يوجد حاليًا ما يقرب من 1200 مدرسة دينية ومركز تعليم إسلامي نشط في محافظات أفغانستان، و 85 مدرسة خاصة والباقي مدارس دينية.

ويقال إن عدد المدارس الدينية غير المسجلة النشطة في مجالات النشاط المختلفة أعلى بكثير من الإحصائيات التي قدمتها وزارة التربية والتعليم في طالبان، كما أن المدارس التي كانت قيد الإنشاء في العام الماضي تضاف إلى العدد الكبير من المدارس الدينية.

ويعتقد بعض المراقبين أن عملية بناء مدارس طالبان السريعة في أفغانستان هي تسريع التطرف الديني في أفغانستان، لكن طالبان تصر على أن تركيز هذه المدارس هو التعليم الديني.

اترك تعليقا