المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

كم عدد الدبابات التي تحتاجها أوكرانيا للتغلب على روسيا؟

كشفت القوى الغربية مؤخراً أنها ستبدأ دعم أوكرانيا بالدبابات لمساعدتها في التغلب على الغزو الروسي، والحرب التي تميزت بتغير الجبهات بدلاً من المناورات الجذرية.

في الآونة الأخيرة كانت القوات الروسية تعمل على تقوية مواقعها، الأمر الذي قد يشير إلى استعدادها لشن موجة جديدة من الهجمات، ما يترك كييف تحت الضغط لإيجاد حل لأزمتها هذا الربيع.

ونظراً لعدم استعداد الناتو لمساعدة أوكرانيا بقوة جوية قتالية، قررت القوى الغربية إمداد أوكرانيا بالدبابات.

بعد 4 سنوات من الجمود، كانت الدبابات هي القوة الحاسمة في الحرب العالمية الأولى، كما لعبت دورًا محوريًا في الحرب العالمية الثانية، لذلك يبدو أن القوى الغربية تخطط للمراهنة عليها مرة أخرى لإنهاء الحرب الأوكرانية- الروسية.

وفقا لصحيفة “الغارديان” البريطانية، قررت بريطانيا إرسال مجموعة مكونة من 14 دبابة تشالنجر 2، كما تعمل بولندا على إرسال 14 دبابة ألمانية من طراز ليوبارد 2، مع ذلك يعتبر هذا العدد أقل بكثير من العدد الذي طلبته أوكرانيا في نهاية العام الماضي، حيث طلبت أوكرانيا 300 دبابة وما لا يقل عن 600 مركبة قتالية.

وفي حين تعهدت الدول الأوروبية بإمداد أوكرانيا بجزء ضئيل من مطالبها حتى الآن، بإجمالي 28 دبابة و90 مركبة قتالية، أصبح السؤال الأبرز كم عدد الدبابات التي تحتاجه أوكرانيا بالفعل للتغلب على القوات الروسية؟

وفقا لتقديرات خبراء المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الصادرة الأسبوع الماضي، تحتاج أوكرانيا لحوالي 100 دبابة لشن هجومها الخاص على القوات الروسية، وهو تقدير أيده فيل أوزبورن، رئيس استخبارات الدفاع البريطاني السابق، مع التأكيد على أن التدريب المناسب وإمدادات قطع الغيار وخطط المعركة ستلعب دوراً كبيراً في تحديد القدرة القتالية لهذا العدد.

وقال نيك رينولدز، خبير الحرب البرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن الدبابات فقط هي التي تتمتع “بالحماية والقدرات الحركية والقوة النارية اللازمة للحفاظ على زخم القوات الأوكرانية بمجرد التحامها بقوات العدو”.

ورجح الخبراء أن تكون الخطط الحربية الأوكرانية طموحة بما يتماشى مع التصريحات العلنية لقادتها، التي تدعو إلى طرد الغزاة من أراضيهم، واستعادة شرق دونباس وشبه جزيرة القرم بالكامل.

ويشير الخبراء إلى أن تبرع المملكة المتحدة بـ14 دبابة من طراز تشالنجر 2 لن يكون كافيًا وحده، وحتى لو أرادت بريطانيا تقديم المزيد فهي لا تستطيع وحدها تقديم العدد الذي تحتاجه أوكرانيا من مخزونها البالغ 227 دبابة، وهنا يأتي دور دبابات ليوبارد 2 الألمانية الصنع، التي تتوفر بكميات أكبر في جميع أنحاء أوروبا، والتي إذا وافقت ألمانيا على إرسالها لأوكرانيا، فستكون بديلاً أكثر قدرة من الدبابات الأوكرانية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية.

ويبلغ عدد دبابات ليوبارد 2 الموجود في أوروبا حوالي 2300 دبابة مقسمة على 13 من جيوش دول الناتو، وعلى الرغم من الحالة السيئة لبعضها، إلا أن هناك ما يكفي لإرسال 100 دبابة إلى أوكرانيا إذا تعاونت عدة دول على ذلك.

وفي ما يتعلق بالتدريب، يعتقد الخبراء أن الجنود الأوكرانيين يحتاجون لما بين 3 و6 أسابيع لإتقان التحكم في دبابات ليوبارد 2 أو تشالنجر 2، ومع ذلك، سيكون الاختبار الحقيقي هو ما إذا كانت كييف قادرة على تطوير خطة لاستخدام الدبابات بفاعلية مع المدفعية، لتمهيد الطريق للمشاة وحماية المدرعات وتدمير المواقع الروسية الحصينة.

يذكر أن الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة، أعلن عن برنامج تدريبي متطور لنحو 500 جندي أوكراني، لما يعرف في الجيش باسم “الأسلحة المشتركة”، مشيراً إلى أن هذا البرنامج سيستغرق “ما بين 5 و8 أسابيع” حتى يدخل حيز التنفيذ، مما قد يقدم دلائل على التطورات المستقبلية في الحرب الأوكرانية- الروسية.

“دبابات أوكرانيا” تثير أزمة ببريطانيا

بدورها، سلطت صحيفة “ديلي إكسبريس” البريطانية الضوء على أزمة يواجهها الوسط السياسي في لندن بسبب دفعة الدبابات التي وعدت البلاد بتسليمها إلى أوكرانيا، حيث حذر مسؤولون عسكريون من أن القرار يجعل المملكة المتحدة عرضة للتهديد الروسي.

وفي حديث مع الصحيفة، قال رئيس أركان الجيش البريطاني، الجنرال باتريك ساندرز، إن لندن أصبحت الآن أكثر عرضة لتهديد من روسيا إذا أقدمت على إمداد 14 دبابة ثقيلة من طراز ” تشالنجر 2″ لأوكرانيا.

وقالت “ديلي إكسبريس” إن القرار يأتي وسط ضغوط متزايدة لإرسال دبابات إلى جانب عربات قتال مصفحة إلى الدولة التي مزقتها الحرب. وأضافت أن بعض المسؤولين العسكريين أعربوا عن مخاوفهم تجاه هذه الخطوة.

وقال ساندرز إنه في حين أن أوكرانيا “تحتاج إلى دباباتنا وبنادقنا، فإن ذلك يترك الجيش البريطاني ضعيفاً، على الأقل في الوقت الحالي”، وإنه من الضروري استعادة “القدرة القتالية” للجيش البريطاني بوتيرة سريعة.

وتابع: “ليس هناك شك في أن خيارنا سيؤثر على قدرتنا على تعبئة الجيش ضد التهديد الحاد والدائم الذي تمثله روسيا.. سيشعر أطقم دباباتنا ومدفعينا بالتأثير الأكبر، لكن القرار يوفر أيضًا فرصة كبيرة لنا لتحديث الجيش بشكل أفضل”.

وقالت الصحيفة البريطانية إن وزير الدفاع، بن والاس، يدرس في الوقت الحالي تخفيض عدد الدبابات المقرر أن تتسلمه أوكرانيا، وذلك بعد تحذير رئيس الأركان من أن الجيش سيكافح للوفاء بالتزامات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ووفقاً لتقرير الصحيفة، يرى مسؤولون عسكريون أن تصريحات رئيس الأركان تعد محاولة من قبل الجيش لضمان أن تعوض وزارة الدفاع العتاد الممنوح لأوكرانيا، وأن تمول وزارة الخزانة هذه الجهود. وقالت الصحيفة إن والاس يخوض حاليًا مفاوضات مع وزارة الخزانة بشأن التمويل المطلوب لسد حاجة الجيش الدفاعية.

وقال والاس إن “سرب دبابات تشالنجر 2 لن يغير مجرى التاريخ”، لكنه أضاف أنه يأمل في أن هذه الجهود ستشجع ألمانيا على السماح لدول أوروبية أخرى بإعطاء دبابات “ليوبارد 2” لأوكرانيا.

وترفض برلين حتى الآن الموافقة على تسليم دبابات “ليوبارد 2” الألمانية الصنع على الرغم من المناشدات المتكررة من كييف.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء دفاع غربيون في قاعدة “رامشتاين” الجوية في ألمانيا، الجمعة المقبل، مع برلين التي تتعرض لضغوط شديدة للموافقة على زيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

إجراءات روسية نحو “حرب شاملة”

نقلت مجلة “نيوزويك” الأمريكية عن “معهد دراسة الحرب” قوله إن روسيا تتجه الآن لجعل عملها العكسري في أوكرانيا، “حرباً شاملة”، بعد أكثر من 11 شهرًا من وصف الرئيس، فلاديمير بوتين، ومسؤوليه الغزو بـ”العملية العسكرية الخاصة”.

وقال تقرير صادر عن معهد الأبحاث الأمريكي إن الكرملين كان قد اتخذ تدابير، بما في ذلك تعبئة نحو 300 ألف جندي، وإجراءات صناعية واقتصادية مخففة لخدمة عمليته العسكرية في أوكرانيا حتى الآن. وأضاف أن موسكو “تتجه الآن نحو خطوات موسعة لمعاملة الغزو كحرب تقليدية كبرى”.

واستشهد التقرير، بحسب ما نقلته “نيوزويك”، بتصريحات الزعيم الروسي الشهر الماضي، عندما أشار علناً إلى “استعداد بلاده لحرب طويلة” في أوكرانيا، متعهداً بأن روسيا ستعمل على تحسين أخطائها العسكرية الأخيرة وتكريس كل جهود الدولة لخدمة الغزو.

وكما جاء في التقرير، “ظهر بوتين في ديسمبر الماضي في عدة أحداث علنية أخرى، أكد فيها بشكل غير مباشر على أهدافه المتمثلة في تحسين عمليات تعبئة المجهود الحربي، وتنشيط القاعدة الصناعية الدفاعية، وتركيز قبضة الكرملين على الفضاء المعلوماتي الروسي، وتوطيد سلطة وزارة الدفاع”.

وخلص التقرير إلى أنه خلال الأشهر الستة المقبلة، سيقدم الكرملين على إجراء “عمل استراتيجي حاسم يهدف إلى استعادة المبادرة وإنهاء سلسلة النجاحات العملياتية الحالية لأوكرانيا.” وأضاف: “من المرجح أن نشهد إجراءات روسية أكثر حسماً خلال الفترة المقبلة”.

وبدورها، أيدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الطرح السابق، وقالت إن موسكو قامت بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية بعدة إجراءات لتصحيح المسار وقلب المد لصالحها بعد سلسلة من الانتكاسات التي تعرضت لها قواتها في ساحات المعركة لصالح القوات الأوكرانية.

وأوضحت الصحيفة أن هذه الإجراءات شملت إعادة تنظيم جهود التعبئة والتدريب، وتعزيز إنتاج الأسلحة، وتعيين رئيس أركان الجيش الروسي مسؤولاً عن عملية أوكرانيا، وذلك في محاولة لزيادة الكفاءة العسكرية.

وبشأن “العمل الاستراتيجي الحاسم” الذي تحدث عنه “معهد دراسة الحرب”، رأت “الجورنال” أن المناورات العسكرية التي أجرتها روسيا مع أوكرانيا، أمس الاثنين، ربما تكون نواة لهذه الجهود، التي أثارت المخاوف بشأن هجوم روسي جديد خلال الأيام المقبلة.

ووصفت الصحيفة المناورات، التي أجرتها روسيا وبيلاروسيا على حدود أوكرانيا، بأنها “استعراض للقوة” يعتزم الزعيم الروسي من خلاله توجيه رسالة إلى حلفاء كييف مفاداها أن أهدافه “المتطرفة” بشأن الحرب لن تتغير.

وأطلقت روسيا وحليفتها بيلاروسيا سلسلة من التدريبات الجوية أمس على طول الحدود مع أوكرانيا في محاولة لتعزيز التعاون، لكن يخشى المسؤولون الأوكرانيون والمحللون العسكريون أن التدريبات قد تكون جهدًا جديدًا من قبل موسكو في الأشهر المقبلة لاستعادة الزخم في ساحات المعركة.

وقالت الصحيفة إنه بالرغم من أن روسيا قد استخدمت بيلاروسيا كنقطة انطلاق للمرحلة الأولى من غزوها العام الماضي دون توريط مينسك حتى الآن في الحرب، فإن إظهار القوة بين جيشي البلدين يؤكد الإرادة لمواصلة الضغط على أوكرانيا.

وأضافت أن التدريبات، التي شملت طلعات جوية مشتركة وعمليات إنزال للمظليين، جاءت بعد يوم من تصريح رئيس مجلس الأمن البيلاروسي، بافيل مورافيكو، بأن مينسك مستعدة للرد على أي تهديدات من أوكرانيا و”أن الوضع على الحدود متوتر حاليًا”.

اترك تعليقا