المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

لماذا تعززت قيمة الروبل رغم الحرب والعقوبات؟

ترجمة خاصة لـ”المعهد العراقي للحوار” ـ احمد الساعدي

على الرغم من الحرب والعقوبات، تعزز سعر الروبل الروسي مؤخرًا بشكل حاد مقابل العملات الدولية الرئيسية مثل اليورو والدولار، حيث وصل إلى أعلى مستوى في عدة سنوات.

وبلغ سعر صرف الدولار مقابل الروبل الروسي نحو 64.5 وهي أعلى قيمة مسجلة لهذه العملة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وفي الوقت نفسه تقترب العملة الوطنية الروسية من أعلى سعر صرف لها مقابل اليورو منذ خمس سنوات.

وتراجعت قيمة الروبل الروسي مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 من فبراير/شباط الماضي، بفعل حزمة العقوبات الغربية التي كان سببها الحرب.

وفي بداية شهر مارس/آذار الماضي، تم تداول كل دولار عند حوالي 143 روبل، وهو اتجاه تغير بمرور الوقت.

وأدى تقوية الروبل إلى جعله العملة الأكثر نجاحًا في أسواق العملات العالمية حتى الآن، متجاوزًا بذلك الريال البرازيلي، الذي كان يتصدر القائمة سابقًا.

ومنذ بداية هذا العام، ارتفع الروبل بنحو 3٪ مقابل الدولار.

الدفع بالروبل

من بين أسباب تعزيز الروبل في الأسابيع الأخيرة السياسة النقدية للحكومة الروسية والقيود المفروضة بسبب العقوبات على المعاملات مع الروبل؛ الإجراءات التي دفعت الطلب إلى تجاوز العرض.

وبعد فرض حزمة عقوبات شديدة على روسيا، أعلنت أن على “الدول غير الصديقة” يجب عليها دفع ثمن الغاز بالروبل؛ الغاز الذي تحتاجه أوروبا واستبداله يستغرق وقتًا طويلاً ويتطلب بنية تحتية.

وطلبت موسكو من مشتري الغاز دفع ديونهم بالروبل لدى مصرف “غازبروم بنك” الخاص؛ وكانت روسيا قد قطعت في السابق إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا لأن البلدين رفضا الدفع بالروبل.

ووافق بعض موردي الغاز في أوروبا على سداد ديونهم باليورو من خلال بنك غازبروم، ويقوم البنك بتحويل العملات مثل اليورو والدولار إلى روبل.

ويقول الاتحاد الأوروبي إن مشتري الغاز من روسيا يجب أن يكملوا مدفوعاتهم باليورو وأن يتلقوا تأكيدًا قبل تحويل الدين إلى روبل.

وفي عام 2019، قدمت روسيا 41٪ من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز؛ إيطاليا وألمانيا هما أكبر مستوردي الغاز الروسي وستعانيان أكثر من غيرهما عندما يتم إغلاقه بالكامل.

وتعززت العملة الوطنية لروسيا حيث توقع صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير أن الاقتصاد الروسي سينكمش بنسبة 5.8٪ و 3.2٪ في 2022 و 2023 على التوالي.

وأعلنت شركة «إيني» الإيطالية للطاقة، أمس الثلاثاء، أنها قررت فتح حساب باليورو وآخر بالروبل لدى مصرف “غازبروم بنك” لتسديد مدفوعاتها لقاء إمدادات الغاز الروسي المستحقة خلال الأيام المقبلة، امتثالاً لطلب موسكو.

استعداد روسيا قبل الحرب

ويبدو أن روسيا كانت كانت تستعد لتلقي حزمة من العقوبات الغربية قبل أن تقرر بدء العملة العسكرية ضد أوكرانيا بذريعة مواجهة “النازين الجدد” كما وصفهم الرئيس فلاديمير بوتين.

وبحسب البنك المركزي الروسي، بلغت قيمة احتياطيات البلاد اعتبارًا من يناير من هذا العام (2022) أكثر من 630 مليار دولار؛ وشملت هذه الاحتياطيات الذهب والعملات الأجنبية، والتي كانت بالطبع محدودة بعد الحرب.

ومع هذا الرقم (أكثر من 630 مليار دولار)، تم تقديم روسيا باعتبارها صاحبة أحد أكبر احتياطيات النقد الأجنبي في العالم، والتي يمكن لبعض الوقت استخدام هذه الاحتياطيات كأداة لمنع انخفاض قيمة الروبل؛ ومن المثير للاهتمام أن 16٪ فقط من احتياطيات النقد الأجنبي لروسيا هي بالدولار.

وقبل خمس سنوات، كان الدولار يمثل حوالي 40٪ من احتياطيات النقد الأجنبي لروسيا.

وتحاول روسيا أيضًا في السنوات الأخيرة إيجاد فرص تجارية جديدة بعيدًا عن الأسواق الغربية، مع كون الصين جزءًا كبيرًا من هذه الإستراتيجية الجديدة.

واتخذت الحكومة الروسية أيضًا الخطوات الأولى لإنشاء نظام محلي للمدفوعات الدولية حتى لا تكون أسيرة للنظام المالي الدولية المعروف بـ”سويفت” في حالة فقدانه.

وفي أوائل مارس/آذار الماضي، بينما لم يكن هناك أي مؤشر على انسحاب روسيا من الحرب واستمرت العقوبات في التصعيد، قطعت شركتا Visa و MasterCard الخدمات لروسيا وتحولت البنوك في البلاد إلى استبدال نظام يونيون باي (UnionPay) الصيني.

ونظام يونيون باي  هو مزود خدمة بطاقات ائتمان يعمل بموجب قانون الحكومة الصينية.

وفي التطورات الأخيرة، استخدمت روسيا الطاقة كورقة رابحة في وجه العقوبات الغربية، ورقة تحجم أوروبا عن استخدامها ولكن لا يمكن تجنبها على المدى القصير.

اترك تعليقا