المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

ماذا سيحدث إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا

رأت مجلة ”ناشيونال إنترست“ أن غزو روسيا لأوكرانيا أدى إلى تغير سياسي وأمني واضح في أوروبا، معتبرة أن انتصارها في الحرب سيحدث 6 تغييرات رئيسة في العالم.

وأشارت في تقريرها الذي نشرته أمس الجمعة، إلى أن التغيير الأول هو أن الغرب سيكون أكثر اتحادًا، ولكن أقل قوة في ذات الوقت، لافتة إلى أن سياسات الدول الغربية تجاه روسيا كانت تقليديًا نتيجة لعوامل تفكك، حتى بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.

وأوضحت: ”اليوم يتم أخذ التهديد بجدية أكبر، سواء فيما يتعلق بروسيا وحدها أو في تحالفها الاستراتيجي مع الصين“.

واعتبرت المجلة في تقريرها أن الوحدة الغربية لم تعد مسألة اختيار بل ضرورة استراتيجية وأن ”هذه ليست أخبارا جيدة لروسيا“.

القوة العسكرية

ورأت المجلة أن التغيير الثاني هو أن القوة العسكرية ستثبت أنها أداة قوة مكلفة، لكنها فعالة، وأنه إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا، بغض النظر عن حساباتها الخاطئة، وإخفاقاتها السياسية، والافتقار الدراماتيكي للقوة الناعمة، لم يكن ذلك ممكنًا إلا بسبب الهيمنة العسكرية.

وقالت: ”ستصبح قدرات القوة العسكرية الموسعة مرة أخرى عملة صعبة في السياسة الدولية وموردًا مركزيًا في النظام الدولي الجديد، وسيوفر الحفاظ على جيش فعال فوائد حقيقية في حين أن أدوات الاحتواء غير العسكرية ستبدو أقل قوة بكثير“.

وبالنسبة للتغيير الثالث، أوضحت المجلة أن الأسلحة النووية ستثبت أنها أكثر تكلفة وأكثر فعالية، لافتة إلى أن ضم شبه جزيرة القرم قبل ثماني سنوات أدى إلى إضعاف نظام عدم الانتشار النووي إلى حد كبير، وأن أوكرانيا التي تخلت طواعية عن ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية في نهاية الحرب الباردة مقابل ضمانات أمنية، فقدت جزءًا من أراضيها.

الميزة النووية

وقالت المجلة: ”أثار هذا السؤال حول ما إذا كان نزع السلاح النووي يزيد أو يقلل من أمن الدولة، لكن التهديدات النووية التي ألمحت إليها موسكو قبل وأثناء غزوها لأوكرانيا تشير ضمنًا إلى أن كل من يمكنه إصدار تلك التهديدات بمصداقية يكتسب ميزة هائلة“.

وتابعت: ”من الآن فصاعدًا، سينظر إلى الحصول على أسلحة نووية على أنه خيار منطقي لأولئك الذين يسعون إلى تحسين أمنهم، وقد تجد دول العتبة النووية أن أفضل رد على قواعد النظام الدولي الجديد هو إنتاج أسلحة نووية وهذه ليست أخبار جيدة لروسيا“.

وأشارت المجلة إلى أن التغيير الرابع هو أنه قد يتم تعليق سيادة الدولة وتقويض السيادة التي هي أساس النظام العالمي، مضيفة أن الهدف الأساسي لروسيا في أوكرانيا هو فرض حكومة جديدة في كييف بالقوة.

وقالت: ”لقد حدث هذا من قبل، لكن الحجم كبير لدرجة أنه إذا تمكنت روسيا من النجاح، فستصبح السيادة اسمية في كل من أوكرانيا ومن حيث المبدأ“.

الدول الصغيرة

ونبهت المجلة في تقريرها إلى أن التغيير الخامس هو أن الدول الصغيرة التي ليس لديها تحالفات ستبقى ضعيفة للغاية، مشيرة إلى أن مشكلة أوكرانيا الأمنية المزمنة تتمثل في الافتقار إلى الحلفاء مع فشل سياسة ”الباب المفتوح“ لحلف ”الناتو“ ومبادرات الأمن التعاوني الأخرى في توفير ضمان أمني.

وقالت: ”في عالم تهيمن عليه القوة العسكرية، ستقع الدول الأصغر بسرعة ضحية لضغط أو عدوان قوة أكبر، ولن تتوقف روسيا عن كونها قوة عظمى، لكن الدول الأصغر القريبة من حدودها قد تغير سياساتها وتتطلع إلى الانضمام إلى تحالفات أمنية“.

ولفتت إلى أن التغيير السادس قد يكون في أن تصبح المنظمات الأمنية الدولية بالية، مشيرة إلى أن إدارة النزاعات الدولية في المحافل المتعددة الأطراف كانت سيئة للغاية، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا وضع حداً متدنياً جديداً.

وختمت المجلة تقريرها بالقول: ”من خلال غزو أوكرانيا، اتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القرار الأكثر خطورة والأكثر تكلفة خلال 22 عامًا في السلطة، وسيتجاوز تأثيرها بسبب المصالح الأمنية لروسيا، ويعيد تشكيل الطريقة التي تنظر بها الدول إلى السياسة الدولية، وعلى المدى الطويل، ستجد روسيا نفسها في بيئة أكثر خطورة بكثير، وهي نتيجة ربما تجاهلها الكرملين تمامًا حتى الآن“.

اترك تعليقا