المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

نص كلمة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أمام قمة جدة للأمن والتنمية

ألقى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اليوم السبت، كلمته خلال مشاركته في قمة جدة للأمن والتنمية، أكد فيها أن القمة تأتي وسط تحديات إقليمية ودولية حساسة، وأيضًا وسط آمال وتطلعات كبيرة أن تثمر جهود التعاون ومد جسور الثقة، وتغليب لغة الحوار من أجل تحقيق بيئة مستقرة تضمن الحياة الكريمة لشعوب المنطقة.

وفيما يلي نص الكلمة:

“بسم الله الرحمن الرحيم”

أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية، الرئيس جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أصحاب المعالي والسعادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، 

يسرني أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير للأشقاء بالملكة العربية السعودية ملكًا وحكومة وشعبًا على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن تنظيم هذه القمة المهمة، التي نتمنى أن تسهم في تكريس التعاون والتكامل في منطقتنا.

نلتقي ليوم وسط تحديات إقليمية ودولية حساسة، وأيضًا وسط آمال وتطلعات كبيرة أن تثمر جهود التعاون ومد جسور الثقة، وتغليب لغة الحوار من أجل تحقيق بيئة مستقرة تضمن الحياة الكريمة لشعوب المنطقة.

لقد كان العراق بتعاون أشقائه وجيرانه وأصدقائه دور أساسي في محاربة الإرهاب والانتصار على تنظيم داعش، ولكن لا يزال أمامنا طريق إضافي لاقتلاع جذور الإرهاب، وما يستدعي لتعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، عبر التعاون الأمني المشترك وتبادل المعلومات والخبرات.

إن المخاطر التي أفرزتها الأزمة في أوكرانيا تتطلب تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد الحلول السريعة، وتوحيد المساعي في مجال ضمان الأمن الغذائي لشعوبنا وتأمين إمدادات الطاقة.

منطقة الشرق الأوسط تضررت بصورة ملموسة من تبعات لتغيير المناخي وأزمة المياه ومخاطر التصحر، بالإضافة لذلك كله التحديات الصحية إثر ظهور وانتشار أوبئة مثل جائحة كورونا، وكل هذه الأزمات تستدعي أن نتحرك سوية متكاتفين للتصدي لها.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، يقترب عمر النظام الديمقراطي الدستوري في العراق من العقدين عقب عقود من الديكتاتورية، وهذه الديمقراطية الناشئة لا تزال تتقدم رغم التحديات والأزمات الكبيرة، ولكن لا تزال هناك مصاعب سياسية بعد الانتخابات، وهذا ما يؤكد الحاجة على الحفاظ على القيم والمبادئ الديمقراطية في الحياة العامة، وهو مسار يستلزم المزيد من الوقت وتراكم الخبرات.

بعدما تجاوزنا مرحلة طرد تنظيم داعش من أرضنا، أمسكت قواتنا العسكرية والأمنية بالملف الأمني وهي في مرحلة تطور بشكل مستمر لحفظ أمن العراق ومقدرات شعبنا.

يسعى العراق إلى تعزيز بيئة الحوار في منطقتنا ويعتبر أن أجواء التعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني بين جميع الأشقاء في المنطقة تخدم بشكل مباشر مصالح شعبنا، كما تخدم شعوب المنطقة.

إن اللقاءات والمؤتمرات الثلاثية التي جمعت جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، قد أنتجت رؤية مشتركة لفتح مجالات التعاون والتكامل في مجالات مختلفة، كما كان مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة معبرًا عن الروابط التاريخية التي تجمع دول المنطقة، وقد خطى العراق ودول مجلس التعاون الخليجي خطوات مهمة لتمتين علاقاتهم الرامية لتحقيق التكامل في مختلف المجالات، ومن هذا المنطلق، أبرمنا مجموعة اتفاقات للربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية وكذلك مع دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك قمنا بالربط الكهربائي مع المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية.

وقد قمنا بمبادرات تعزيز الحوار والتعاون والشراكة، والعراق ماضٍ بهذا النهج الذي يصب في مصلحته الوطنية، ومصلحة المنطقة بشكل عام.

وفي هذا الصدد، تبرز أولوية إيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية بما يرضي الطموحات والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وضرورة وقف جميع الإجراءات العدوانية والانتهاكات والاعتداءات بحق الشعب الفلسطيني، إذ يؤكد العراق أن حل الصراع على أساس قرار الشريعة الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة،

 وكذلك يدعم العراق الهدنة في اليمن القائمة بصفتها بداية مثمرة لإنهاء الأزمة اليمنية وعودة الاستقرار ودعم المبادرات الدولية والإقليمية الرامية لإنهاء هذا الصراع، كما يدعم العراق الجهود الإقليمية والدولية الرامية لحل الأزمة السورية ومعالجة تداعياتها الإنسانية، وإيقاف هذه الحرب العبثية.

ويجدد العراق الوقوف إلى جانب لبنان من أجل تجاوز أزمته السياسية والاقتصادية، وبناء جسور الحوار والتعاون لعودة الاستقرار إلى هذا البلد.

وفي سياق التعاون البيئي بين الأشقاء، أود التذكير بأن العراق يبقى منتجًا مهمًا للنفط، ولكن الشريان الاقتصادي هذا يزيد من تحدياتنا البيئية، لذلك نعمل بسرعة على استثمار الغاز الذي يحرق في حقول النفط، كما نوسع نطاق الاستثمار في الطاقة البديلة.

إن دولنا التي تشكل الأجيال الشابة بنسبتها الكبرى تواجه استحقاقات مضافة، لفهم متطلبات هذه الأجيال التواقة إلى التقدم والانجاز والتكامل مع الآخر، وتطلعاتها إلى استثمار الإمكانيات وتحويل الأزمات إلى فرص نجاح.

وفي هذا السياق، يقترح العراق إنشاء بنك الشرق الأوسط للتنمية والتكامل بالشراكة مع مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، ويهتم البنك بالتنمية الإقليمية المستدامة عبر تمويل مشاريع في البنية التحتية التي من شأنها أن تساعد في ربط اقتصاديات المنطقة، ويضع البنك في أولوياته تطوير شبكة الكهرباء الإقليمية، وخطوط أنابيب النفط والغاز، وشبكات الطرق السريعة والموانئ والمطارات، والصناعات الثقيلة ذات السوق الإقليمية الواسعة، كما يمول المشاريع في مجالات الموارد المائية، والتصحر والتخفيف من آثار التغير المناخي.

وختامًا، نتمنى لهذه القمة تحقيق أهدافها المرجوة، خدمة لبلدنا، وأن نجتمع دائمًا لبناء مستقبل أفضل لشعوب لمنطقة في ظل وجود قادة من الشباب يستطيعون أن ينقلوا المنطقة إلى أفضل.

“والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”

اترك تعليقا