المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هددت روسيا بإيقاف خط أنابيب الغاز الواصل إلى ألمانيا فجاء الرد الدولي

هددت روسيا بإغلاق خط أنابيب الغاز الرئيسي الواصل إلى ألمانيا، وحذرت من ارتفاع أسعار النفط بمقدار 300 دولار إذا مضى الغرب قدماً في فرض حظر على صادراتها من الطاقة. قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الإثنين في كلمة بثها التلفزيون الرسمي: “من الواضح تماماً إنّ التخلي عن النفط الروسي سيؤدي إلى عواقب وخيمة على السوق العالمية”. حيث سيكون الارتفاع في الأسعار غير متوقع. فقد يصل سعر البرميل إلى 300 دولار إن لم يكن أكثر.

واستشهد نوفاك أيضاً بقرار ألمانيا الشهر الماضي بوقف المصادقة على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 المثير للجدل، قائلاً: “لدينا كل الحق في اتخاذ قرار مماثل وفرض حظر على ضخ الغاز عبر خط أنابيب الغاز نورد ستريم 1”. وأضاف: “حتى الآن، لم نتخذ مثل هذا القرار”. لكن السياسيين الأوروبيين بتصريحاتهم واتهاماتهم لروسيا يدفعوننا نحو ذلك. وجاءت هذه التعليقات مع دخول الهجوم الروسي على أوكرانيا أسبوعه الثاني، مع توقع تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل في ظل استمرار الكرملين في غزوها. قالت الأمم المتحدة إن 1.7 مليون لاجئ غادروا أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي للبلاد في 24 فبراير، وأنّ “أزمة اللاجئين الأسرع نمواً في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”.

كانت الولايات المتحدة تدرس ما إذا كانت ستفرض حظراً على صادرات النفط والغاز الروسية كوسيلة لمعاقبة موسكو. لكن يبدو أن ألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة تراجعت عن الحظر الغربي المنسق على صادرات الطاقة الروسية.

حذر محللو الطاقة من أنَّ فرض الحظر على النفط والغاز الروسيين سيكون له تداعيات مزلزلة على أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي. ذلك أنّ روسيا تعد ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وأكبر مصدّر للنفط في العالم إلى الأسواق العالمية. كما أنها منتجة ومصدّرة رئيسة للغاز الطبيعي.

يتلقى الاتحاد الأوروبي حوالي 40٪ من احتياجاته للغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية التي يمر العديد منها عبر أوكرانيا. لذلك قال نوفاك: “إنّ الساسة الأوروبيون بحاجة إلى أن يحذروا المواطنين والمستهلكين بالنتائج المتوقعة”. فإذا كنتم تريدون إيقاف واردات الطاقة من روسيا، بإمكانكم الاستمرار في ذلك. ونحن جاهزون لذلك. فنحن نعلم متى وكيف يمكننا إعادة توجيه الكميات”، دون أن يذكر أية تفاصيل أخرى.

 وقد ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 14 عاماً يوم الاثنين، حيث ركز المشاركون في سوق الطاقة على احتمالية فرض عقوبات كاملة على صادرات الطاقة الروسية. وشهدت العقود الآجلة لخام برنت القياسي الدولي ارتفاعاً بنسبة 2.1٪ لتتداول عند 125.75 دولاراً للبرميل صباح الثلاثاء في لندن، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت الأمريكي بنسبة 2٪ عند 121.83 دولارًا.

يتعرض صناع السياسة الأوروبيون لضغوطٍ هائلة في وضع حدٍ سريع لاعتمادهم على الوقود الأحفوري الروسي، لا سيما مع استمرار الدول المستوردة للطاقة في إعادة ملء صندوق حرب الرئيس فلاديمير بوتين بعائدات النفط والغاز على أساسٍ يومي. في الواقع، كان يُنظر إلى عائدات النفط والغاز الروسي على أنها مسؤولة عن ما يقرب من 43٪ من الميزانية الفيدرالية للكرملين بين عامي 2011 و 2020، مما يسلط الضوء على الدور المركزي الذي يمثله الوقود الأحفوري في الحكومة الروسية. وقد دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الحلفاء الغربيين إلى فرض “حظرٍ كامل” على واردات النفط والغاز الروسي، قائلاً عبر Twitter ” إنّ شرائهم الآن يعني دفع ثمن قتل الرجال والنساء والأطفال الأوكرانيين”.

وعلى صعيد متصل، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين :” إن إدارة الرئيس جو بايدن تجري “مناقشات نشطة للغاية” مع الحكومات الأوروبية حول حظر واردات الخام والغاز الطبيعي الروسي. وتم حتى الآن وضع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب الغزو بعناية لتجنب التأثير المباشر على صادرات الطاقة في البلاد، رغم وجود علامات تؤكد بالفعل أن الإجراءات تدفع البنوك والتجار عن غير قصد إلى تجنب الخام الروسي.

وقد رفض المستشار الألماني أولاف شولتز الدعوات لحظر النفط والغاز الروسي، قائلاً إن مثل هذه الخطوة قد تعرض أمن الطاقة في أوروبا للخطر وأنَّ الواردات من روسيا لها أهمية بالغة في حياة المواطنين اليومية.

أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فقد بدا متحالفاً مع شولتز الألماني في التراجع عن خطط فرض حظر نفطي على روسيا. فقد صرح خلال مؤتمرٍ صحفي: “لا يمكنكم ببساطة إغلاق صنبور أنابيب النفط والغاز بين عشية وضحاها، ولو كان من روسيا. ومن الواضح أنه من العسير على أية دولة حول العالم القيام بذلك.

وفي غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في نفس المؤتمر الصحفي:” إن قطع واردات النفط والغاز الروسية يجب أن يكون “عملية تدريجية”. وقال روتي: “علينا أن نتأكد من تقليص اعتمادنا على الغاز الروسي، وعلى النفط الروسي، مع الاعتراف في الوقت الحالي بأن الاعتماد لا يزال موجوداً إلى حد ما”. ومن المقرر أن يحدد الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء مجموعة من الإجراءات لتقليل اعتماد الاتحاد على الغاز الروسي. من جهة أخرى، قدم كبار علماء المناخ في العالم تقريراً تاريخياً الأسبوع الماضي أكدَّ من جديد الحاجة الملحة للتخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري حتى تتجنب البشرية الآثار السيئة لأزمة المناخ. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بشأن التأثيرات الواقعية لحالة الطوارئ المناخية بأنه “أطلس للمعاناة الإنسانية”. وقال جوتيريس إن النتائج التي توصلت إليها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ توضح مرة أخرى أن “الوقود الأحفوري يخنق البشرية”.

المصدر: شبكة CNBC  الأمريكية

المؤلف: Sam Meredith  

ترجمة وتحرير: المعهد العراقي للحوار/ رغد غالي

اترك تعليقا