المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هل يتوسع الإنقسام السياسي في تركيا

ترجمة خاصة لـ”المعهد العراقي للحوار” ـ أحمد الساعدي

يقول صحفيون ومحامون وخبراء سياسيون في تركيا إن قرار المحكمة بسجن عثمان كافالا مدى الحياة لمشاركته في الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2013 سيرسم صورة قاتمة لمستقبل تركيا السياسي ويحدث إنقساماً في هذا المجال.

وفي 25 أبريل/ نيسان الماضي، حكمت محكمة في تركيا ضد “عثمان كافالا”، الناشط المدني والمنتقد البارز للحكومة، بالسجن مدى الحياة.

وعثمان كافالا هو رجل أعمال وناشط تركي، ودعم العديد من منظمات المجتمع المدني منذ أوائل التسعينيات، وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة معهد الأناضول الثقافي وهي منظمة فنية وثقافية غير ربحية مقرها في إسطنبول.

عثمان كافالا

ووفق تقرير اطلع عليه موقع “المعهد العراقي للحوار” فقد أدانت المحكمة “عثمان كافالا” بالمشاركة في احتجاجات حديقة جيزي في عام 2013 والانقلاب الفاشل في عام 2016.

ونفى كافالا هذه المزاعم واتهم الحكومة “بسوء السلوك القضائي”.

وحكمت محكمة احتجاج حديقة غيزي في إسطنبول على سبعة نشطاء بارزين آخرين بالسجن 18 عامًا، وصف البعض الحكم بأنه قضية حاسمة، مما يشير إلى زيادة الإجراءات القمعية قبل انتخابات 2023. ووجهت إلى جميع المشتبه بهم تهمة “محاولة قلب نظام الحكم” وهي اتهام ينفيه الجميع.

وتمت تبرئة عثمان كافالا، المعروف بعمله الإنساني في عام 2020 من المشاركة في احتجاجات حديقة جيزي عام 2013، لكن أعيد اعتقاله فورًا بتهمة التورط في الانقلاب الفاشل عام 2016.

وقال دنيز تولغا آيتور، محامي كافالا، لقناة “هالك تي في” التركية المعارضة: “أنا قلق للغاية على بلدي، أنا قلق بشأن الديمقراطية”.

وأكد آيتور أن القرار جاء نتيجة “التطورات في السياسة الداخلية التي تتطلب معاقبة المتهمين في حديقة جيزي”، مضيفاً “لم يكن هناك دليل واضح، كانت التهم تتغير باستمرار، مثل القضاة في القضية”.

من جانبه، وصف الأستاذ الجامعي سينم فاردار حكم المحكمة بأنه “المسمار الأخير في نعش الحق في محاكمة عادلة وسيادة القانون”.
كما كتب الصحفي “مهوش إيفين”: “هذه القضية كانت إهانة للجمهور منذ البداية؛ الحكومة الفردية أعلنت أنها لا تعترف بالقانون”.

وفي إشارة إلى انتخابات 2023، قال الصحفي التركي نوسين مينجو إن حكم المحكمة أظهر أن “استراتيجية” الحكومة كانت واضحة؛ “تتجه تركيا نحو الانتخابات [التالية] في جو من الخوف والضغط”.

كما وصفت الاستاذ ابراهيم كابوغلو الذي يعتبر احد اشهر كبار القانون الدستوري في البلاد وعضو البرلمان من حزب الشعب الجمهوري المعارض التركي، الحكم بأنه نقطة “مظلمة” في عملية تحضير الحكومة للانتخابات المقبلة.

وقال كابوغلو في حديثه لموقع “ميديا سكوب” المستقل في تركيا، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يرى مرة أخرى الاحتجاجات المحتملة في الذكرى العاشرة لاحتجاجات حديقة جيزي، التي تتزامن مع الانتخابات على أنها “انتفاضة للإطاحة به”.

وغرد المحلل الإعلامي كمال جان أن حكم المحكمة كان “عتبة تاريخية حاسمة” وصورة لما “سيحدث في الأيام المقبلة”.
وقال تورغوت قزان ، الرئيس السابق لنقابة المحامين في اسطنبول “هذا الحكم مثال واضح على نهاية القضاء، وإنه مخالف للقانون أكثر مما كان عليه في القضايا السابقة”.

كما انتقد بعض محللي وسائل الإعلام السائدة الحكم. ونقل موقع شبكة “خبر ترك” عن كوبرا بير قوله إن نفس القضية أدت إلى تبرئته عام 2020.
وقال كوبرا “عندما لم تكن القضية مقبولة سياسياً، تمت إعادة مناقشة [القضية]، وفُرضت العقوبة على أدلة غير موجودة”. وحذر من أن “القانون استُخدم كأداة في خدمة الانتقام السياسي”.

كما ندد مراسل قناة “خبر ترك”، نيجان ألتشي، بحكم المحكمة، قائلا “هناك قضية مشبوهة وراء الإجراءات”.
وبدأت مظاهرات اسطنبول عام 2013 في شكل مسيرة صغيرة احتجاجًا على خطة الحكومة لهدم حديقة جيزي في ساحة تقسيم بوسط اسطنبول.

لكن المداهمات المكثفة للشرطة على نشطاء البيئة أشعلت شعلة من الغضب، وانتشرت الاحتجاجات في شكل مظاهرات مناهضة للحكومة أوسع نطاقا في جميع أنحاء البلاد.

وزعم أردوغان مرارًا وتكرارًا أن الحكومات الأجنبية “متورطة” في الاحتجاجات، وقال إن الاحتجاجات كانت تهدف إلى إضعاف الاقتصاد التركي وتقويض مصداقيته.

تظاهرات في اسطنبول للمعارضة

وتظاهر آلاف المواطنين الأتراك السبت في مدينة إسطنبول، تنديداً بقرار إدانة المعارضة جنان كفتانجي أوغلو بعد اتهامها بـ”إهانة الرئيس والدولة”.

وينظر مراقبون بحذر إلى استقلال القضاء في تركيا، خاصة عقب الانقلاب الفاشل عام 2016 والتحول إلى النظام الرئاسي العام الماضي.

وردد المتظاهرون بحي مالتيبي بوسط إسطنبول الأغاني ولوحوا بالعلم التركي وأعلام المعارضة.

المعارضة التركية تتظاهر

وترأس جنان، التي قضت المحكمة بسجنها مدة تقل قليلا عن خمس سنوات، فرع حزب الشعب الجمهوري المعارض في إسطنبول وتعد من أقوى الشخصيات بالحزب.

وفي عام 2019 لعبت جنان دورا مهما في الانتخابات المحلية بالمدينة والتي انتهت بفوز حزب الشعب الجمهوري برئاسة بلدية إسطنبول، التي شغلها حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان وأسلافه من الإسلاميين على مدى 25 عاما.

وتُسلط الأضواء على استقلال القضاء في تركيا في السنوات القليلة الماضية، خاصة في أعقاب حملة على القضاء ومؤسسات الدولة الأخرى بعد الانقلاب الفاشل عام 2016 والتحول إلى النظام الرئاسي العام الماضي.

وأيدت محكمة عليا في البلاد ثلاث تهم ضد جنان لكن المحكمة خفضت الحكم، الذي صدر في وقت سابق من الشهر الحالي، إلى أربع سنوات و11 شهرا و20 يوما.

وبموجب القانون التركي يتم وقف تنفيذ الأحكام التي تقل عن خمس سنوات، وقال اثنان من الخبراء القانونيين إن جنان كفتانجي أوغلو لن تدخل السجن.

واتهم الغرب أردوغان مرارًا وتكرارًا باستخدام البيئة الأمنية منذ الانقلاب الفاشل عام 2016 لقمع خصومه وجعل القضاء التركي متوافقًا مع حكومته.

اترك تعليقا