المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هل يعيش العالم حرباً عالمية ثالثة؟

يمكن القول إن الأسابيع الأخطر في عمر الصراع الجاري في أوكرانيا الدائر منذ نحو سبعة أشهر قد بدأت، والسبب المباشر لذلك هو الاختبار الذي سيخضع له الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته أمام الأمريكيين في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث ستكون انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونجرس بمثابة استفتاء على أدائه إلى الآن.

مع التصعيد الأخير في أوكرانيا، سارت رياح مقلقة في العالم، حاملة جدلا حول اللحظة الراهنة على الساحة الدولية، وهل نعيش حربا عالمية ثالثة؟

هذا السؤال الشائك ينبع من التطورات المتسارعة؛ فبعد ضم روسيا أراض أوكرانية لا تسيطر على جانب كبير منها، وتلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسلاح النووي، يقرأ العالم صفحة جديدة من كتاب التصعيد؛ استهداف بنية الطاقة.

وطوال 7 أشهر مروعة من الحرب في أوكرانيا، تمسك الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ قائد رد الفعل الغربي، بخط ثابت عندما يتعلق بمواجهة روسيا: مساعدة أوكرانيا على الفوز مع ضمان ألا يؤدي ذلك أيضا إلى مواجهة مباشرة مع موسكو واندلاع حرب عالمية ثالثة.

لكن مع تعرض القوات الروسية لانتكاسات في ساحة المعركة في الأيام الأخيرة إثر هجوم أوكراني مضاد، رد بوتين بتصعيد الضغط، وإعلان تعبئة جزئية للاحتياط، وضم 4 مناطق أوكرانية بعد استفتاءات لاقت معارضة واسعة دوليا.

وفي اللحظة الراهنة، خاصة بعد تعرض خطوط أنابيب نورد ستريم في بحر البلطيق لعمل تخريبي يتبادل فيه الغرب وروسيا الاتهامات، ليس من الواضح كيف ستكون واشنطن قادرة على مواصلة السعي لتحقيق هدفي دعم كييف ومنع توسع الحرب في وقت واحد.

كما أن الغرب ليس كتلة واحدة في المواجهة الحالية، ففريق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والفصيل المتنامي من المشجعين الموالين لبوتين داخل أمريكا وفي وسائل الإعلام الأمريكية، مثل تاكر كارلسون، يطالبون بمزيد من التنازلات لروسيا لإنهاء الحرب.

بل إن كارلسون، المذيع والصحفي الأمريكي، ألقى قبل يومين باللوم على الولايات المتحدة، لقيامها بطريقة ما بدور في الهجمات على خطوط أنابيب الغاز “نورد ستريم”، وهو نفس الرأي الذي تبناه بوتين في خطابه، الجمعة.

“انتصار سياسي؟”

يقول ألكسندر فيرشبو، السفير الأمريكي الأسبق في موسكو، لصحيفة “نيويوركر” الأمريكية، إنه “بعد أن فشل في إيقاف الأوكرانيين في ساحة المعركة، يحاول بوتين انتزاع النصر بالوسائل السياسية”.

وأضاف فيرشبو أن الزعيم الروسي يأمل في أن “يتمكن من إضعاف وحدة حلف الأطلسي، ودفع الغرب لتقليص دعمه العسكري لكييف، خوفا من استخدام روسيا الأسلحة النووية”.

ومضى قائلا “تخريب خطوط أنابيب نورد ستريم وتهديد بنية الطاقة يعزز بشكل أكبر هذا التحليل، والرهان على لجوء بعض الحلفاء في الناتو للضغط من أجل وقف إطلاق النار وتدشين مفاوضات تعني حتما تخلي أوكرانيا عن مساحات كبيرة من الأراضي”.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، وعد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، برد “كارثي” إذا ما نشر بوتين أسلحة نووية في ساحة المعركة في أوكرانيا.

ووفق “نيويوركر”، لا شك أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين قدموا العديد من الخيارات الجادة للقيادة، للنظر فيها في حال اتخذ بوتين خطوة نشر الأسلحة النووية، بما في ذلك الدخول المباشر في الحرب إلى جانب أوكرانيا، أي سيناريو الحرب العالمية الثالثة الذي يصمم بايدن على تجنبه.

هل بدأت الحرب العالمية؟

الخبيرة في الشأن الروسي فيونا هيل تذهب أبعد من ذلك، وتقول إن “هناك عملية خداع ذات في الغرب، خاصة في ظل التعليقات الحالية حول إمكانية استمرار واشنطن والغرب في دعم أوكرانيا مع تجنب الصراع المباشر مع روسيا”.

وتتابع “نحن بالفعل نقاتل في الحرب العالمية الثالثة، سواء اعترفنا بذلك أم لا”، مضيفة: “نحن فيها منذ فترة طويلة، وفشلنا في إدراك ذلك”.

لكن الخبير في معهد السياسة الخارجية والخبير في شؤون الدفاع الروسية روب لي لا يتفق مع هذا الطرح، ويقول “إذا كان هذا صحيحا، ألن تُعتبر المساعدة السوفياتية (لخصم واشنطن) أثناء حرب فيتنام والمساعدات الأمريكية أثناء الغزو السوفياتي لأفغانستان بمثابة حربين عالميتين؟”.

وتابع “الجيش الروسي لا يطلق النار على الجيش الأمريكي في الوقت الحالي، وعلينا أن نبقي ذلك هدفاً بينما نستمر في مساعدة أوكرانيا”.

اترك تعليقا