المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

واشنطن بوست عن أحداث تونس: الدكتاتوريات القوية ليست حلاً

يبدو أن الانقلاب على الدستور الذي قام به الرئيس التونسي قيس سعيد هذا الأسبوع، محاولة واضحة لاستبدال النظام الديمقراطي الهش في تونس بحكم الرجل القوي، فهو يلبي رغبات ملايين التونسيين الذين خاب أملهم في ديمقراطيتهم الهشة التي كشف تفشي جائحة كورونا عجزها.

هذا ما يراه الروائي والأكاديمي المصري عز الدين فشير في مقال له بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post) الأميركية، أبرز في بدايته أن تجربة دول عربية أثبتت أنه رغم أن حكم الرجل القوي يمكن أن يحقق مستوى من الاستقرار والتقدم على المدى القصير، فإنه لا يستطيع حل مشاكل البلاد المتجذرة.

وقال إنه رغم الإصلاحات التي تحققت في هذه البلاد، فإن العنف المرتبط بتلك الإصلاحات تسبب في مستوى من التوتر شكل تهديدا لمجتمعاتها.

وأوضح أن الحكام المستبدين يشجعون الرأسماليين المحسوبين عليهم فحسب، وليس قوى السوق المستقلة القادرة على تحقيق النمو المستدام. وأن الأنظمة الدكتاتورية في البلاد العربية تعمد إلى تدمير أي رأس مال يتمتع بالاستقلال، خلافا للدكتاتوريات في كوريا الجنوبية وتشيلي التي قامت ببناء اقتصادات السوق لأنها كانت متحالفة مع القوى المسيطرة عليه.

وأشار الكاتب إلى أن من ضمن مشاكل الأنظمة الاستبدادية العديدة اعتمادها على المحسوبية والخوف للسيطرة على مؤسسات الدولة، ولذلك تعمد إلى تقديم الولاء على الأداء والامتثال على التفكير النقدي، كما تسلب مؤسسات الدولة استقلالها وتحولها إلى أدوات طيعة في يد الحاكم.

وقال إن قيس سعيد، الأستاذ الجامعي الذي لا يتمتع بدعم مؤسسي، يعد زعيما أضعف بكثير من غيره من الدكتاتوريين في المنطقة، وقد يتمكن من تقديم بعض العون لملايين التونسيين الذين يعانون جراء الوضع الاقتصادي إذا حصل على دعم قطاع الأمن التونسي وعلى دعم أجنبي كافٍ، كما يمكنه أن يلهب حماس الشباب التونسي بخطابه المناهض لإسرائيل.

لكنه لن يستطيع فعل الكثير حيال التحديات عميقة الجذور التي تعاني منها بلاده، بما في ذلك افتقار السوق للقوى المستقلة، وغياب المؤسسات العقلانية المستقلة، وكذلك غياب ريادة الأعمال والتفكير الإبداعي، والأنظمة السياسية التي تشمل الجميع.

وختم عز الدين فشير مقاله بأن النقاط المذكورة آنفا هي المشاكل التي ترجع إليها حالة الهشاشة والاستبداد التي ترزح تحتها الدول العربية، حتى تلك التي تدعي أنها مستنيرة تساهم في تفاقمها.

اترك تعليقا