إيران والسعودية يدخلان مرحلة العلاقات الرسمية بلقاء في بكين

بدأت إيران والسعودية، اليوم الخميس، بشكل رسمي بالدخول في مسار العلاقات الرسمية بين البلدين بعد قطيعة دبلوماسية استمرت قرابة سبعة أعوام على خلفية هجوم تعرضت له سفارة المملكة في طهران مطلع يناير/كانون الثاني 2016.

والتقى وزيرا خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان والسعودي فيصل بن فرحان في بكين للمرة الأولى، واتفقاً على استئناف العلاقات الدبلوماسية.

وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية وسعودية، إن “عبداللهيان وبن فرحان شددا على الاستئناف الرسمي للعلاقات الثنائية، وناقشا الخطوات التنفيذية تجاه إعادة فتح سفارتي وقنصليات البلدين، وناقشا وتبادل الآراء حول بعض قضايا العلاقات الثنائية”.

وكانت طهران والرياض قد وقعتا على اتفاق في بكين مؤخرًا يقضي بعودة العلاقات الدبلوماسية، بعد انقطاع هذه العلاقات لمدة ثماني سنوات.

ودعا البيان المشترك الصادر بعد لقاء وزيري خارجية السعودية وإيران، فيصل بن فرحان وحسين أمير عبد اللهيان، إلى متابعة تنفيذ اتفاق بكين وتفعيله، بما يعزز الثقة المتبادلة ويوسًع نطاق التعاون بين الطرفين، ويُسهم بتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.

وأكد الجانبان حرصهما على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين، الموقعة في 2001/4/17، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في 1998/5/27.

واتفق الجانبان على إعادة فتح الممثليات خلال المدة المقررة، والمضي قدماً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتيهما العامتين في جده ومشهد، ومواصلة التنسيق بين الوفود الفنية في الجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون، بما في ذلك استئناف الرحلات الجوية، والزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين، بما في ذلك تاشیرة العمرة.

وعبر الجانبان عن تطلّعهما إلى تكثيف اللقاءات التشاورية وبحث سبل التعاون لتحقيق المزيد من الآفاق الإيجابية للعلاقات، بالنظر لما يمتلكه البلدان من موارد طبيعية، ومقومات اقتصادية، وفرص كبيرة لتحقيق المنفعة المشتركة.

وفي ختام الاجتماع، عبّر الطرفان عن شكرهما وتقديرهما للجانب الصيني على استضافة هذا الاجتماع.

وجدد بن فرحان الدعوة الموجهة لعبداللهيان لزيارة المملكة وعقد اجتماع ثنائي في العاصمة الرياض، كما رحّب الأخير بالدعوة، ووجه لبن فرحان دعوة لزيارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعقد اجتماع ثنائي في العاصمة طهران.

وصرًح عبد اللهيان قائلًا إنّ “مباحثات اليوم كانت إيجابية”، واصفًا إياها بالجيدة والمتقدمة، موضحاً في تغريدة على تويتر أن “اللقاء بحث بدء العلاقات الرسمية الدبلوماسية بين طهران والرياض، واستئناف العمرة، والتعاون الاقتصادي والتجاري، وإعادة فتح السفارات والقنصليات، والتأكيد على الاستقرار والأمن المستدام وتنمية المنطقة”.

بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إنه يمكن القول أن طهران والرياض دخلتها مرحلة العلاقات الرسمية.

من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن استعادة العلاقات بين السعودية وإيران أوجدت أجواء إيجابية في المنطقة، وأبدى وفق وكالة “ارنا” الرسمية استعداد الرياض للمساعدة والتعاون مع إيرام لتقوية أواصر العلاقات في المنطقة.

ما حجم الدور الذي تلعبه الصين في الاتفاق السعودي – الإيراني؟

من جانبه، رأى محلل الشؤون الدولية دياكو حسيني أن دور الصين في التقارب الإيراني السعودي هو أكثر من مجرد وساطة.

وأوضح حسيني في مقال له بصحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية الإيرانية، أن العقود التجارية الضخمة التي وقعتها الصين مع كل من إيران والسعودية بمليات الدولارات، هي أحد الأسباب التي دفعتها لاتخاذ خطوة نحو الوساطة لإعادة العلاقات بين طهران والرياض.

وأشار إلى أن “الصينيين يحاولون توسيع دائرة نفوذهم في المنطقة وتعزيز موطئ قدمهم حتى يتمكنوا من الحصول على أكبر تأثير في الشرق الأوسط كقوة غير إقليمية، وليس من المستغرب أن يصبح الصينيون أكثر اعتمادًا على المنطقة وعلى الخليج لأن هاتين المنطقتين مهمتان جدًا كحلقات وصل لمشاريع الصين الكبرى، بما في ذلك مشروع خط الحرير”.

محلل الشؤون الدولية أشار إلى رغبة الصين الشديدة بملء الفراغ الذي خلّفته الولايات المتحدة في المنطقة، مما يدفعها إلى بذل جهود كبيرة لتطبيع العلاقات الإيرانية – السعودية، والتي يمكن أن يكون لها آثار عميقة على الاستقرار في المنطقة.

وأكد حسيني أن هناك نوعًا من الضمان من الصين لهذه العلاقة، كضمان الالتزامات التي تعهّدت بها إيران والسعودية لتقليل التوتر والوصول إلى نقطة استقرار استراتيجي.

تحسن العلاقات انتصار للصين

من جانبها، رأت شبكة سي بي إس الأمريكية، أن الاتفاقية بين الرياض وطهران تمثل انتصاراً دبلوماسياً مهماً للصين في ظروف توصلت فيه الدول العربية المطلة على الخليج إلى نتيجة مفادها أن أمريكا تنسحب ببطء من المنطقة.

وقالت الشبكة الأمريكية في تقرير لها عبر موقعها الرسمي إن “الصين حققت هذا الانتصار في ظل توتر علاقتها مع الولايات المتحدة فيما يتعلق الأمر بـ”تايوان”.