
بقلم: دوغ باندو - زميل أقدم في معهد كاتو، متخصص في السياسة الخارجية والحريات المدنية. عمل كمساعد خاص للرئيس ريغان
هل سيرفض دونالد ترامب الحرب مع إيران؟
أنهت إدارة ترامب والحكومة الإيرانية جولة أخرى من المحادثات النووية يوم السبت. ووصف "مسؤول كبير في إدارة ترامب" النقاش بأنه "إيجابي ومثمر"، بينما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه "متفائل ولكن حذر للغاية".
الكثير يتوقف على مدى جدية الرئيس دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق مع الدولة الإسلامية. لطالما بدا وكأنه واقع تحت تأثير مجموعة متنوعة من الصقور المتشددين والمحافظين الجدد، كثير منهم من مروّجي كارثة العراق، وهم الآن يدفعون باتجاه حرب مع إيران. وبينما يدعي ترامب أنه يريد حلاً دبلوماسياً، إلا أنه، بحسب تقرير نشره موقع "ذا وور زون"، يقوم بتحريك "قاذفات الشبح B-2، وطائرات مقاتلة، وطائرات دعم، ومجموعة ضاربة من حاملات الطائرات، وأنظمة دفاع جوي، والمزيد" نحو الشرق الأوسط.
في الشهر الماضي، صرّح ترامب: "إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، ستكون هناك قنابل. قنابل لم يسبق لهم أن رأوا مثلها من قبل". وفي مقابلة نُشرت يوم الجمعة، تجاهل المخاوف بشأن حملة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المستمرة لجر الولايات المتحدة إلى الحرب مع إيران، قائلاً: "قد أتدخل بكل سرور إذا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق. إذا لم نتوصل إلى اتفاق، سأكون في طليعة المتدخلين".
لا شك أن ترامب، مثلما تفعل الصين مع تايوان، يأمل أن يؤدي الترهيب إلى نتائج مرضية. لكن، كما قاومت تايبيه، فإن طهران أنفقت سنوات في مقاومة الضغوط. ماذا لو رفضت إيران شروط ترامب؟ قبل أن يوافق على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، عليه أن يتذكر أن التسرع غالباً ما يعقبه ندم طويل — في حالته، طوال ما تبقى من ولايته وربما ما بعدها. شن حرب غير مبررة على إيران سيجعل إرث جورج دبليو بوش الكارثي يبدو جيداً بالمقارنة.
من المؤكد أن القوى المتطرفة التي تهيمن على النظام الإيراني الحالي خبيثة. لكن العديد من الإدارات الأميركية السابقة أسهمت في تحويل إيران — الدولة وشعبها — إلى خصم إن لم يكن عدواً. ففي عام 1953، وبتشجيع من بريطانيا الغاضبة من تأميم طهران للنفط، ساعد الرئيس دوايت أيزنهاور في الإطاحة برئيس الوزراء المنتخب محمد مصدق، وعزز سلطات الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان في الغالب شخصية رمزية. وعلى مدى ربع قرن، دعمت واشنطن هذا الشريك المستبد والفاسد رغم صعوبة التعامل معه. حتى الرئيس جيمي كارتر، الذي روّج علناً لحقوق الإنسان، أقام مأدبة عشاء رسمية محرجة للشاه وقام بزيارة متملقة لإيران. ومن المفارقات أن هذا الحليف الأميركي الظاهري هو من بدأ البرنامج النووي الإيراني.
ومع تصاعد الغضب الشعبي، انهارت سلالة بهلوي، رغم دعم إدارة كارتر لقمع دموي. وبحسب تقرير نيويورك تايمز، فإن المبعوث الأميركي الخاص إلى طهران الجنرال روبرت هايزر، حث القادة العسكريين الإيرانيين على قتل أكبر عدد ممكن من المتظاهرين للإبقاء على الشاه في السلطة.
وبعد تجاهل جرائم الشاه، منحت واشنطن ملاذاً له وهو يحتضر. أعقب ذلك قيام دولة إسلامية متشددة، ولكن رغم احتجاز الرهائن الأميركيين في البداية، لم تُشكل طهران تهديداً جاداً للولايات المتحدة. بل كانت واشنطن من هدد إيران مراراً. فقد دعمت الإدارات الأميركية المتعاقبة نظام الشاه القمعي، وسلّحته. وبعد سقوطه، دعمت إدارة ريغان عدوان العراق الدموي ضد إيران، وأعادت تصنيف ناقلات النفط لحماية عائدات بغداد. وأسفر ذلك عن ثماني سنوات من الحرب وأكثر من مليون ضحية. كما سلّحت الولايات المتحدة السعودية وإسرائيل، وفرضت العقوبات على طهران، وهددت مراراً بشن ضربات عسكرية، واغتالت قاسم سليماني، ودعمت الهجمات الإسرائيلية حتى ضد أهداف دبلوماسية إيرانية.
من الطبيعي، إذن، أن يسعى صانعو القرار الإيرانيون إلى امتلاك ترسانة نووية رادعة. ومع ذلك، وبالرغم من النفوذ الكبير للحرس الثوري، فإن هناك قادة أكثر اعتدالاً تفاوضوا على خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) مع إدارة أوباما، والتي حدّت من البرنامج النووي الإيراني. علاوة على ذلك، عملت الحكومات الإيرانية المتعاقبة على تحسين العلاقات مع السعودية، رغم تصريحات محمد بن سلمان السابقة بوصف خامنئي بـ"هتلر الشرق الأوسط". وفي نيسان/أبريل الماضي، زار وزير الدفاع السعودي طهران، وهي أول زيارة لمسؤول ملكي سعودي كبير منذ نحو 30 عاماً.
ورغم أن صقور الحرب في واشنطن يشككون في أهلية طهران كشريك تفاوضي، إلا أن إيران التزمت بالاتفاق النووي. أما واشنطن، فقد كانت الطرف غير الموثوق. فحتى مع التزام إيران، انسحب ترامب من الاتفاق وأعاد فرض العقوبات، ما دفع طهران لإحياء برنامجها النووي. ثم جاءت إدارة بايدن، وبدلاً من إعادة العمل بالاتفاق، سعت لفرض شروط أشد.
ومع كل ذلك، فإن الولايات المتحدة تهدد الآن باستخدام القوة. لكن الحرب ليست مجرد أداة في السياسة الخارجية؛ إنها وسيلة استثنائية تؤدي إلى القتل والتدمير. الكلفة الاقتصادية أيضاً عالية. تخيلوا أميركا لو لم تُهدر آلاف الأرواح وتريليونات الدولارات في حروب متهورة بالشرق الأوسط خلال الربع قرن الماضي.
لكن، حتى إن كانت الحرب قابلة للنجاح نظرياً، فهي لا تُبرر إلا عند وجود تهديد خطير ووشيك للمصالح الحيوية. وإيران لا تشكّل مثل هذا التهديد.
أولاً، أظهر الاتفاق النووي فعالية الدبلوماسية. ورغم معارضة الرياض وتل أبيب، فقد قلّص الاتفاق من احتمالات الانتشار النووي وأبعد شبح الحرب. لكن بعد أن استأنف ترامب العقوبات الاقتصادية، أعادت إيران تفعيل برنامجها النووي، ما منحها موقعاً أقوى. وهدد محمد بن سلمان باللحاق بالسباق النووي، بينما شنت إسرائيل هجمات مباشرة على البرنامج الإيراني.
ثانياً، إيران ليست هدفاً سهلاً. فهي تضم ثلاثة أضعاف سكان العراق، ولديها هوية وطنية راسخة. حتى الشباب الإيرانيون المتطلعون للحرية لن يرحبوا بالقنابل الأميركية. ويمكن لإيران إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الأميركية في المنطقة. وكما قال القائد الإيراني أمير علي حاجي زاده: "الأميركيون لديهم 10 قواعد تضم 50 ألف جندي في المنطقة، أي أنهم جالسون في بيت من زجاج". وستؤدي أي ضربة إلى تعزيز قناعة طهران بالحاجة إلى سلاح نووي للدفاع عن النفس. وقد تستلزم الحملة العسكرية الطويلة تحالفاً واسعاً واستخدام أدوات متعددة من القوة الأميركية.
ثالثاً، لن تستخدم إيران السلاح النووي ضد الولايات المتحدة، إذ تدرك قدرات الردع الأميركي الهائلة. هي تسعى للردع في بيئة إقليمية عدائية تتفوق فيها إسرائيل عسكرياً. على العكس، فإن توازن القوى الإقليمي سيكون مفيداً.
رابعاً، لم تعد مصالح أميركا في الشرق الأوسط حيوية كما كانت. فقد تقلّص التهديد الروسي، وتعزز الإنتاج الأميركي من الطاقة، وتنوّعت الأسواق. حتى دعم إسرائيل لم يعد يبرر التدخل العسكري. الخطر الأكبر على تل أبيب اليوم داخلي، إذ يصعب عليها الحفاظ على هويتها الديمقراطية واليهودية في آن.
لذلك، فشن حرب على إيران سيكون عملاً إجرامياً آخر في سجل التدخلات الأميركية العقيمة. ترامب يدرك ذلك، وقد عارض الحروب الدائمة، وانتقد غزو بوش للعراق. بل ورفض عام 2019 الرد عسكرياً على إسقاط طائرة أميركية وهجمات أرامكو. لا يوجد سبب اليوم للحرب مع إيران. وإذا كانت السعودية نفسها تدعو للتهدئة، فعلى ترامب أن يصغي.
نُشر في مجلة The American Conservative بتاريخ 1 أيار/مايو 2025

المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري

استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية

رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية

إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى

دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"

ندوة في المعهد العراقي للحوار (اليابان وفلسطين.. لغز الثقافة والانتصار للمظلومية)

كلمة مدير المعهد العراقي للحوار في مؤتمر حوار بغداد الدولي السادس

تعليقات الزوار