00:00:00
توقيت بغداد
2025مايو23
الجمعة
32 °C
بغداد، 32°
الرئيسية أخبار نشاطات منتدى بغداد الدولي للطاقة إتصل بنا

شرعنة القصف في اليمن وتحذير من التصعيد مع إيران

موقف مراكز الفكر الغربية من التصعيد في اليمن

مع تصاعد التوتر الإقليمي عقب الضربات الجوية الإسرائيلية على الحديدة غربي اليمن، تبرز مواقف متباينة في أوساط مراكز الفكر الغربية بشأن جدوى التدخلات العسكرية الأميركية في اليمن واحتمالات التصعيد مع إيران.

وتشير قراءة معمقة لسياسات هذه المراكز إلى وجود توجه مزدوج: تأييد نسبي للعمليات العسكرية ضد الحوثيين ضمن استراتيجيات احتواء النفوذ الإيراني، مقابل تحذيرات صريحة من أن التصعيد المفرط قد يؤدي إلى انفجار إقليمي يصعب احتواؤه.

مراكز محافظة: الحديدة مسرح لمعركة جيوسياسية

يرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) أن الضربات الأميركية، سواء المباشرة أو عبر دعم التحالف، تأتي في إطار الحفاظ على أمن الممرات البحرية واحتواء التمدد الإيراني في البحر الأحمر. ويعتبر أن العمليات التي نُفذت منذ 2024 ضرورية لضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب، رغم إشارته إلى ضرورة تقليل الأضرار الإنسانية.

أما مؤسسة هيريتيج (Heritage Foundation)، المعروفة بميولها المحافظة، فتتبنى موقفاً أكثر صراحة، مؤيدة لسياسات إدارة ترامب الحالية في التعامل الحازم مع الحوثيين. وتعتبر أن الضربات تأتي ضمن سياسة أشمل لمواجهة إيران، وتنتقد إدارة بايدن السابقة على أنها تهاونت مع التهديدات الأمنية المتصاعدة في اليمن.

مراكز نقدية: الكلفة الإنسانية والدبلوماسية

في المقابل، تدعو مؤسسة بروكينغز (Brookings Institution) إلى مقاربة أكثر توازناً، منتقدة استمرار الدعم الأميركي للتحالف السعودي. وتُحمّل بعض دوائر الضغط المؤيدة لإسرائيل مسؤولية تغذية سياسة معادية لإيران تؤثر على قرارات واشنطن في الملف اليمني. وتدعو إلى رفع الحصار وتكثيف الضغوط الدبلوماسية للوصول إلى تسوية سياسية.

كما يبرز معهد راند (RAND Corporation) المعروف بتحليلاته الاستراتيجية والعسكرية المتعمقة، تحذيراً من أن الانخراط العسكري الأميركي يحمل كلفة استراتيجية ودبلوماسية، مشيراً إلى أن استمرار الضربات قد يعمّق الصراع مع طهران ويزيد من هشاشة الاستقرار في المنطقة. ويعتبر أن الأزمة الإنسانية في اليمن تُضعف من شرعية السياسة الخارجية الأميركية.

مؤسسات أوروبية: التركيز على القانون الدولي

تعكس مراكز أوروبية مثل المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) ومعهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) قلقاً متزايداً من التداعيات الإنسانية. فرغم تفهمها للدوافع الأمنية، ترى أن تكرار استهداف البنية التحتية في اليمن يُعد خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتدعو إلى تجميد مبيعات الأسلحة والتركيز على الحلول الدبلوماسية.

هل التصعيد مع إيران خط أحمر؟

أكثر ما تتفق عليه هذه المراكز هو التحذير من فتح جبهة مباشرة مع إيران. فحتى المؤسسات الداعمة للضربات ترى أن جرّ طهران إلى مواجهة عسكرية سيؤدي إلى تعقيد المشهد الإقليمي.

ويشدد معهد الشرق الأوسط (MEI)، المعروف بمقاربته المتوازنة، على أهمية إدماج الحوثيين في أي مفاوضات سلام، محذراً من أن تهميشهم سيُبقي الصراع مفتوحاً أمام مزيد من التدخلات الخارجية.

خاتمة

تكشف هذه المقاربات عن ازدواجية قائمة في التفكير الاستراتيجي الغربي: دعم للعمليات العسكرية كأداة ضغط واحتواء، لكن دون رغبة فعلية في التصعيد الواسع، خصوصًا مع إيران. وتبقى الأولوية – بحسب أغلب هذه المؤسسات – للدفع نحو تسوية سياسية تُنهي الحرب في اليمن وتجنب المنطقة كارثة أمنية وإنسانية أوسع.

تعليقات الزوار