بقلم آمنة علي كاظم ذهب – جامعة النهرين
العراق ومستقبل أمن الطاقة العالمي
يُعد أمن الطاقة من أهم مرتكزات الأمن القومي للدول، حيث يرتبط بتأمين الموارد الطبيعية اللازمة لتلبية احتياجات الطاقة وضمان استدامتها. وقد أصبح حماية أمن الطاقة أولوية سياسية للقوى الكبرى في العالم، مما دفعها إلى وضع استراتيجيات واضحة لتحقيق هذا الهدف في المناطق الاستراتيجية، ومن أهمها منطقة الشرق الأوسط. ويُعتبر العراق من الدول الرئيسية المنتجة والمصدرة للنفط والغاز الطبيعي، ويتمتع باحتياطيات نفطية وغازية كبيرة تجعله لاعبًا مؤثرًا في استقرار إمدادات الطاقة العالمية.
يهدف هذا البحث إلى دراسة مفهوم أمن الطاقة وأهميته في العلاقات الدولية، وتحليل دور العراق الحالي والتاريخي في هذا المجال، بالإضافة إلى استعراض التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه قطاع الطاقة العراقي وتأثيرها على دوره المستقبلي في أمن الطاقة العالمي. كما سيتناول البحث التغيرات العالمية في أسواق الطاقة وضرورة تكيف العراق مع هذه التحولات.
وتتضمن أهداف البحث التعرف على مفهوم أمن الطاقة وأهميته، وبيان محددات أمن الطاقة العالمي، وتحليل الاستقراءات الداخلية والخارجية المؤثرة على سياسات العراق في مجال أمن الطاقة، وإبراز تداعيات السياسات الطاقية التي اتبعها العراق على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، واستشراف الاحتمالات المستقبلية لمسار أمن الطاقة العراقي في ضوء التحديات والاستراتيجيات المتبعة.
مفهوم أمن الطاقة ودور العراق التاريخي
يختلف مفهوم أمن الطاقة وتفسيره بين الباحثين والدول، ويتأثر بالظروف السياسية والأمنية والاقتصادية في البيئة الدولية. ويشير المفهوم بشكل عام إلى ضمان إمدادات الطاقة دون انقطاع وبأسعار مقبولة. وقد ارتبط هذا المفهوم تاريخياً بالصراعات والتنافس من أجل السيطرة على مصادر الطاقة وإمداداتها. وتجدر الإشارة إلى أن حماية أمن الطاقة يلعب دوراً أساسياً في دفع عجلة الاقتصاد العالمي وتجنب الصراعات المسلحة.
ويُعد العراق تاريخياً من الدول التي لعبت دوراً محورياً في استقرار أسواق الطاقة العالمية نظراً لاحتياطياته النفطية والغازية الكبيرة. وقد ساهم العراق، خلال فترات سابقة، في تلبية جزء كبير من الاحتياجات العالمية للطاقة. ومع ذلك، فقد تأثر هذا الدور بالعديد من التحديات والتحولات السياسية والأمنية التي مر بها العراق، خاصة بعد عام 2003. وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يزال قطاع الطاقة يمثل أهم القضايا في السياسة الدولية بالنسبة للعراق، حيث يؤثر على استقرار الإمدادات العالمية ويعتمد عليه العراق بشكل كبير في توفير الإيرادات المالية.
التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه أمن الطاقة في العراق
يواجه العراق تحديات داخلية كبيرة تؤثر على أمن الطاقة واستقراره. من أهم هذه التحديات الوضع السياسي والأمني غير المستقر، والذي يعيق جهود تطوير قطاع الطاقة وزيادة إنتاجه. كما يعاني العراق من مشكلة الفساد الإداري والمالي المستشري، والذي يؤثر سلباً على جميع القطاعات بما فيها قطاع الطاقة ويعيق الاستثمارات. بالإضافة إلى ذلك، توجد مشاكل بيئية ناتجة عن عمليات استخراج النفط وحرق الغاز والتسربات النفطية، مما يهدد استدامة قطاع الطاقة.
وعلى صعيد التحديات الخارجية، تأثر العراق بشكل كبير بالتدخلات والصراعات الإقليمية والدولية، والتي أدت إلى تدمير البنية التحتية النفطية وتعطيل الإنتاج في بعض الأحيان. كما أن العلاقات المتوترة مع بعض دول الجوار والنزاعات الحدودية المستمرة تشكل تحدياً إضافياً لأمن الطاقة العراقي. ويضاف إلى ذلك تأثير تقلبات أسعار النفط العالمية والأزمات الاقتصادية، مثل أزمة فيروس كورونا عام 2020، التي أدت إلى انخفاض حاد في الإيرادات النفطية العراقية وتأثر القطاع بشكل كبير.
مستقبل أمن الطاقة في العراق في ظل التغيرات العالمية
يشهد العالم تحولات كبيرة في مجال الطاقة، من بينها الاهتمام المتزايد بمصادر الطاقة المتجددة وسياسات مكافحة تغير المناخ. ويتطلب من العراق التكيف مع هذه التغيرات من خلال تنويع مصادر الطاقة والاستثمار في الطاقات النظيفة لضمان مستقبله في أسواق الطاقة العالمية.
ولضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية، يتعين على العراق تحقيق توازن دقيق بين زيادة إنتاج النفط والغاز وتحديث البنية التحتية والاستثمار في الطاقة المتجددة. كما يُدعى العراق إلى أن يكون عنصراً فاعلاً في تأمين هذه الإمدادات من خلال تعزيز التعاون الإقليمي والدولي وتبني سياسات طاقة مبتكرة تأخذ في الحسبان التحديات المختلفة. إن معالجة التحديات الأمنية والسياسية والإدارية تعتبر ضرورية لتحسين واقع أمن الطاقة في العراق وتمكينه من لعب دور أكثر استقرارًا وموثوقية في السوق العالمي.
استنتاجات وتوصيات
في الختام، يتبين أن أمن الطاقة يمثل قضية حيوية للعراق والعالم، وأن العراق، بما يمتلكه من ثروات نفطية وغازية، يقع في صلب هذا الموضوع. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها، لا يزال العراق يمتلك القدرة على لعب دور مهم في مستقبل أمن الطاقة العالمي إذا ما تمكن من تجاوز هذه التحديات وتبني استراتيجيات فعالة.
بناءً على ما تقدم، يوصي البحث بما يلي:
ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في البلاد كشرط أساسي لتطوير قطاع الطاقة وضمان استدامته.
مكافحة الفساد الإداري والمالي في قطاع الطاقة لضمان استغلال الموارد بكفاءة وجذب الاستثمارات.
تطوير البنية التحتية لقطاع الطاقة وتحديثها لزيادة كفاءة الإنتاج والتصدير وتقليل الخسائر.
الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتنويع مزيج الطاقة في البلاد للتكيف مع التغيرات العالمية في أسواق الطاقة.
تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال الطاقة وتبادل الخبرات والتكنولوجيا مع الدول الأخرى.
وضع استراتيجيات وسياسات واضحة ومستدامة لقطاع الطاقة تأخذ في الحسبان التحديات الداخلية والخارجية والتحولات العالمية.
إيجاد حلول للخلافات القائمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بشأن إدارة وتصدير النفط والغاز لضمان وحدة القطاع واستقراره.
إن تنفيذ هذه التوصيات من شأنه أن يعزز دور العراق في أمن الطاقة العالمي ويساهم في تحقيق الاستقرار والازدهار للبلاد.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار