بقلم: أكبر نوروز
أذربيجان تدخل أوروبا من بوابة الطاقة والدبلوماسية
من الطاقة إلى الدبلوماسية.. أذربيجان تثبت أنها لا غنى عنها في أجندة أوروبا
مثّل حضور الرئيس إلهام علييف في القمة السادسة للمجتمع السياسي الأوروبي (EPC) في تيرانا لحظة محورية في تطور العلاقة بين أذربيجان والقارة الأوروبية. فبوصفها دولة كانت تاريخياً عالقة بين توازنات القوى بين الشرق والغرب، أعادت أذربيجان تموضعها تدريجياً، ليس فقط كفاعل إقليمي، بل كشريك استراتيجي يمكن الاعتماد عليه في المشهد الجيوسياسي والطاقي المتوسع في أوروبا.
وقد جاءت دعوة أذربيجان لحضور قمة الـEPC للمرة الثانية كضيف رفيع المستوى لتؤكد هذا التحول. فعلى الرغم من محاولات بعض الأطراف الغربية تهميش باكو عبر حملات سياسية وسرديات منحازة، إلا أن قمة تيرانا وجهت رسالة واضحة: صوت أذربيجان بات مسموعاً ومؤثراً. ويعود ذلك إلى سياسة خارجية مدروسة وناجحة، قائمة على تعددية الاتجاهات، وإدارة استراتيجية للموارد، ونهج عملي في قضايا الأمن الإقليمي.
الاجتماعات الثنائية المتعددة التي عقدها الرئيس علييف على هامش القمة مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي ورؤساء حكومات دول مثل المملكة المتحدة، المجر، سلوفاكيا، ألبانيا، وجمهورية التشيك، لم تكن مجرد استعراض للبراعة الدبلوماسية، بل كانت تعبيراً عن اعتراف أوروبي واسع بأن أذربيجان لم تعد مجرد جار على هامش الاتحاد الأوروبي، بل شريك لا غنى عنه في مواجهة قضايا تتراوح من تنويع مصادر الطاقة إلى تسوية النزاعات.
وتُعد دبلوماسية الطاقة في أذربيجان محور هذا التحول. فالبلد، الذي يسهم بشكل كبير في أمن الطاقة الإقليمي، يعزز تعاونه الطاقي مع الدول الشريكة. فقد ارتفعت صادرات الغاز الأذري إلى أوروبا بنسبة 8.6% في عام 2024 لتصل إلى 12.9 مليار متر مكعب، بينما بلغ الإنتاج السنوي من الغاز الطبيعي 50.3 مليار متر مكعب، بزيادة قدرها مليارا متر مكعب مقارنة بعام 2023.
لكن أهمية قمة تيرانا تتجاوز ملف الطاقة. إذ أن الهدف من تأسيس المجتمع السياسي الأوروبي كان ترسيخ وحدة القارة وتعزيز الحوار الاستراتيجي، خاصة في ظل التصدعات التي فاقمتها الحرب في أوكرانيا. وفي هذا السياق، تزداد أهمية دور أذربيجان كقوة استقرار في المنطقة. وقد قدّم الرئيس علييف رؤية متماسكة في ملفات إنسانية وأمنية، إلى جانب الاستعدادات لاستضافة مؤتمر COP29، مما يجعل من باكو شريكاً في تعزيز استقرار القارة، وليس فقط تنميتها الخاصة.
كما حملت القمة بُعداً رمزياً مهماً، إذ شكّلت منعطفاً في تصحيح الفكرة السائدة عن تدهور العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأذربيجان، وهي فكرة غذّتها السياسات السابقة لبعض قادة الاتحاد وقرارات منحازة من البرلمان الأوروبي.
أما اليوم، فإن الاهتمام الواضح من قيادات حالية مثل أورسولا فون دير لاين، أنطونيو كوستا وكايا كالاس، يشير إلى أن عملية "إعادة ضبط" حقيقية قد بدأت. حقبة التهميش التي ساهمت فيها جماعات الضغط الأرمنية تنحسر الآن لصالح تعامل أوروبي أكثر توازنًا وواقعية مع أذربيجان.
ومثلما تحسّنت العلاقات بين أذربيجان والولايات المتحدة بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، يبدو أن الاتحاد الأوروبي هو الآخر بصدد مراجعة نهجه. فقد حملت تصريحات الرئيس ترامب إشادة بدور أذربيجان في الإقليم ودعمها للسلام مع أرمينيا، في انعكاس لاعتراف غربي أوسع بأن الحلول المستدامة في جنوب القوقاز لا يمكن أن تتحقق من دون انخراط مباشر مع باكو.
ومع ذلك، فإن هذا الاهتمام المتجدد يجب أن يُترجم إلى سياسات متسقة. فقد عبّرت أذربيجان مراراً عن رفضها للمعايير المزدوجة في العلاقات الدولية، خاصة من قبل مؤسسات تدّعي الإنصاف بينما تتغاضى عن الاعتداءات الأرمينية، بما في ذلك انتهاكات القانون الدولي وعدم الالتزام باتفاقيات مثل إعلان ألمآتي. وإذا ما أرادت أوروبا تطبيع العلاقات بحق، فعليها أن ترفض الانتقائية وتدعم آليات تضمن الاحترام المتساوي للسيادة والسلامة الإقليمية.
ختامًا، قد تُسجَّل قمة تيرانا كنقطة انعطاف جيوسياسية، ليس فقط في مكانة أذربيجان في أوروبا، بل أيضًا في كيفية تعامل القارة مع جنوب القوقاز. فبوصفها الدولة الأقوى في المنطقة وجسراً يربط بحر قزوين بأوروبا، باتت أذربيجان تؤكد موقعها بوضوح: السلام والاستقرار والتعاون ممكنة، لكن على أساس الاحترام المتبادل والدبلوماسية الواقعية.
لقد كانت قمة EPC السادسة أكثر من مجرد حدث دبلوماسي؛ كانت اعترافاً علنياً بوزن أذربيجان المتصاعد. ورغم محاولات التهميش السابقة، أثبتت باكو أنها قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، مستندة إلى أوراق قوة تشمل الطاقة والموقع الجغرافي والقيادة السياسية المتمرسة.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار