00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر15
الاثنين
10 °C
بغداد، 10°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

بقلم د. حسين المولى

مشروع قانون التظاهر الجديد: حرية مقيّدة أم تقييد مُقنّن؟

من خلال الإطلاع على النسخة الأخيرة من مشروع القانون الذي سيعرض للتصويت يوم 2/8/2025 نسجل بعض الملحوظات التي نجدها ضرورية من أجل تقويم العمل التشريعي والخروج بتشريعات تتلاءم مع المعايير الدولية وتطبيقها بصورة واضحة ودقيقة.

قانون حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وهو المسمى الذي سيعرض للتصويت بعد إلغاء مصطلح حرية التعبير عن الرأي، وهذا ما يشاد اليه؛ بعدّ أن حرية التعبير مصطلح لا يمكن تقيده بكلمات أو عبارات وإنما يحتاج لدقة ومجموعة من الأفعال يمكن ضبطها.

كما ان مشروع القانون اضاف ما يسمى بالتجمهر العفوي قاصدًا منه الأحداث الطارئة التي تستجد ويراه المواطن ماسًا بحقوقهم أو حرياتهم، إذ أشترط القانون من أجل ذلك أن تتوفر قرائن على عدم إمكانية التأجيل. 

في محور الرد على هذا التعريف من يحدد هذه القرائن؟ ما معيار تقديرها؟ هل هو عنصر موضوعي أم تقديري للجهات الأمنية؟ كما أن الغموض هنا قد يؤدي إلى تعسف في التطبيق، ويحول الاعتراف بالتجمهر العفوي إلى استثناء فارغ من المضمون.

كما ألغى القانون أخذ أذن رئيس الوحدة الإدارية وجعلها فقط إشعاره سواء بصورة تحريرية أو إلكترونية، ويجب أن يكون على الأقل قبل 4 أيام من الموعد المقرر، ويقد من من 3 أفراد ممن لهم أهلية التصرف، وعلى رئيس الوحدة الإدارية أن يبلغ وخلال 24 ساعة من وصول الأشعار بالاعتراض المسبب تحريريا أو إلكترونيًا على تنظيم الاجتماع العام أو تغير مكانه لأسباب أمنية أو تنظيمية، وفي حال الإصرار من قبل المنظمين على عقد الاجتماع أو على إصرارهم على المكان المحدد له فعليهم إبلاغ رئيس الوحدة الإدارية بقرارهم وخلال 24 ساعة من إبلاغهم بالاعتراض، وهنا تكون سلطة تقديرية لرئيس الوحدة الإدارية بتقديم طلب مسبب إلى محكمة الاستئناف لإصدار قرار بإلغاء الاجتماع أو تأجيله أو التزام المكان المحدد من رئيس الوحدة الإدارية. 

ومحور الرد على هذا النص بانه يُعدّ -شكلياً- تطورًا تشريعيًا يتماشى مع المعايير الدولية، حيث أن حرية التظاهر لا تتطلب إذنًا مسبقًا بل مجرد إشعار إداري، كما التحول نحو الوسائل الإلكترونية يعكس توجهًا معاصرًا نحو الرقمنة، وهو أمر محمود إداريًا، اما إقحام القضاء في وظيفة ليست من طبيعته إذ ان النص يعطي رئيس الوحدة الإدارية سلطة إحالة الأمر إلى محكمة الاستئناف لـ:

* إلغاء الاجتماع

* تأجيله

* أو تغيير مكانه

المشكلة هنا مزدوجة القضاء يُستخدم كأداة تنفيذية لتقييد حق دستوري بناءً على تقدير إداري أحادي الجانب، كما ان المحكمة لا تفصل في نزاع موضوعي بل تنظر طلبًا إداريًا، ما يحوّلها إلى أداة تقييد لا حماية، كما ان النص يعطي سلطة تقديرية واسعة بدون ضوابط، إذ أن النص يمنح رئيس الوحدة الإدارية “سلطة تقديرية” واسعة جدًا، دون ضوابط موضوعية (ما المقصود بدقة بـ”أسباب أمنية أو تنظيمية”؟

 إن النص يحمل قيدًا كبيرًا ومبطنًا على حرية الاجتماع، ويتضح أن التحول من الإذن إلى الإشعار تحول شكلي فقط، لأن السلطة النهائية تبقى بيد رئيس الوحدة الإدارية وليس القضاء، القضاء يُستخدم كـ”ختم” قانوني -وفقا لهذا النص- لقرارات إدارية مسبقة، لا كضامن للحريات، هذا القيد يجعل ممارسة الحق رهينة لسلطة السلطة المحلية، وليس لإرادة الشعب.

حتى في حال صدور قرار من محكمة الاستئناف برد طلب رئيس الوحدة الإدارية واختيار موعد آخر جديد هو تقيد لكل المعايير في هذا الجانب، كما انه لا توجد هنالك دواعي لإقحام السلطة القضائية في هذا الشأن.

كما واشار مشروع القانون لبعض من المحظورات نذكر جزء منها، من بينها قطع الطرق إذ تعدّ من المحظورات التي وضعها القانون، وهو حظر يحتاج لضبط أيضًا.

واشار مشروع القانون إلى حظر حمل السلاح بجميع أنواعه من المشاركين حتى وان كان مرخصًا، كما يمنع حمل الأدوات الجارحة أو السامة أو الحارقة أو المتفجرة أو اية مواد اخرى تلحق الاذى بالأنفس أو الممتلكات.

يحظر القانون ارتداء الأقنعة أو الأغطية من قبل المجتمعين أو المتظاهرين السلميين لإخفاء ملامح الوجه عمدًا.

سمح القانون لوسائل الإعلام تغطية الاجتماع العام أو التجمهر العفوي أو التظاهر السلمي أو الاعتصام وعلى الأجهزة الامنية توفير الحماية للصحفيين والإعلاميين، هنا القانون اقر بحماية مهمة، وكذلك اقر بقانونية الإعتصام.

من خلال ذلك لا بدَّ من المشرع وخاصة في القوانين التي تنظم موضوعات الحرية وتقيدها أن يكون أكثر دقة وشفافية في التعامل مع المفردات وصياغة النصوص؛ لما لها من تأثير كبير على المجتمع.

تعليقات الزوار