الأمن الغذائي في ظل الحرب الروسية الأوكرانية

ذكرت تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية باللغة الفارسية “بي بي سي”، السبت، إنه قد تكون الحملة الروسية ضد أوكرانيا عواقب على ملايين الأشخاص حول العالم الذين يعيشون على بعد آلاف الأميال.

ولقرون، عُرفت أوكرانيا باسم سلة خبز أوروبا وتزودها بالحبوب التي تحتاجها دول من شمال إفريقيا إلى الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

ومن بين منتجات البلاد، يعتبر القمح هو المصدر الغذائي الأبرز للسكان الذين يعتمدون على الصادرات الأوكرانية.

وقال أليكس سميث، الباحث والمحلل في مجال الأغذية والزراعة في معهد بريكيتورو بالولايات المتحدة، لبي بي سي إن “لبنان يستورد 700 ألف طن من القمح الأوكراني، وهو ما يعادل 50٪ من موارده الغذائية”.

وفي ليبيا، حيث يعتبر القمح غذاء حيوي لسكان البلاد، يتم استيراد 43٪ من المحصول من أوكرانيا، والوضع مماثل في تونس.

ويقول أليكس سميث: “إنهم يعتمدون بنحو 32٪ على واردات القمح الأوكراني، وبشكل عام تعتمد 14 دولة في العالم بنسبة 10٪ على الأقل على واردات القمح الأوكراني”.

وأسعار القمح العالمية آخذة في الارتفاع، وأثار الهجوم الروسي مخاوف من انخفاض قدرة إنتاج القمح في أوكرانيا، مما سيزيد من أسعار القمح العالمية.

وتشير التقديرات إلى أن حوالي 35٪ من محصول القمح في البلاد يزرع في مناطقها الشرقية، وفي المناطق الواقعة بين العاصمة كييف والمناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون، كانت المنطقة الأكثر تضررًا من الهجوم الروسي.

وبمجرد انتشار نبأ الهجوم الروسي، وصل سعر القمح في أوروبا إلى أعلى سعر له.

وحذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) من ارتفاع مفاجئ في الأسعار قبل بدء الاشتباكات الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا، قائلة إن أسعار المواد الغذائية ستصل إلى أعلى مستوى لها في عشر سنوات في عام 2021.

والعالم العربي، الذي لم يتمكن بعد من التعافي من آثار جائحة فيروس كورونا والجفاف الشديد في العديد من بلدان شمال إفريقيا، سيواجه الآن أكبر زيادة في أسعار السلع نتيجة لهذه الحرب.

وفي هذه المنطقة، يعد الخبز أرخص غذاء متاح للناس، ويشير الخبراء الإقليميون إلى الغضب العام المتزايد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والذي كان أحد أسباب الانتفاضة الاحتجاجات المعروفة باسم الربيع العربي 2011.

الصادرات الروسية

بالإضافة إلى أوكرانيا، تعتبر روسيا منتجًا رئيسيًا آخر في سوق القمح العالمي، والتي تمكنت خلال العشرين عامًا الماضية من زيادة وارداتها بنسبة 50٪ لدرجة أنها ألغت الحاجة إلى الواردات.

وفي الواقع، تعد روسيا أكبر منتج للقمح في العالم، حيث تصدر حوالي 35 مليون طن سنويًا، وأوكرانيا هي خامس أكبر مصدر للقمح في العالم.

ومع بدء الهجمات على أوكرانيا، ارتفع الطلب على القمح الروسي بشكل حاد، مما أثار مخاوف بشأن الغذاء في جميع أنحاء العالم.

وتنتج روسيا وأوكرانيا معًا في المتوسط ​​ربع القمح في العالم، ولدى مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، نظرة مقلقة وفقًا لمرصد التجارة الدولية .

وتعد روسيا المصدر الرئيسي للقمح لمصر، والتي وفقًا لآخر تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية توفر حوالي 80٪ من القمح المستورد للبلاد، تليها أوكرانيا.

ونقلت صحيفة الأهرام عن المتحدث باسم الحكومة المصرية نادر سعد تحذيره من أن الأزمة بين أوكرانيا وروسيا يمكن أن تقلل من احتياطيات البلاد من القمح وتحث الناس على استهلاك الخبز باعتدال حتى لا يضطروا إلى حصص.

مخاوف بشأن الذرة

نظرًا لأهميته الاجتماعية والسياسية للعديد من البلدان، يجذب القمح اهتمامًا عالميًا، لكن أسعار المنتجات الزراعية الأوكرانية الرئيسية الأخرى ارتفعت أيضًا.

ووفقًا لرويترز، تعد أوكرانيا من أهم منتجي عباد الشمس وزيت الذرة الأوكرانيين، حيث تمثل حوالي 16٪ من الصادرات العالمية.

وتستورد الصين حوالي 90٪ من محصول الذرة من أوكرانيا، وكانت ذروة صادرات القمح الأوكراني في أغسطس وسبتمبر الماضيين، وفي الوضع الحالي أصبحت صادرات الذرة أكثر إلحاحًا.

وكان أكثر من نصف صادرات الذرة الأوكرانية جاهزة للشحن في الأشهر الخمسة المقبلة قبل بدء الهجوم.

ووفقًا لأليكس سميث، يجب أن يكون العالم حساسًا لتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الوضع الزراعي في هذه البلدان.

وقال لبي بي سي إن “المحادثات حول روسيا وأوكرانيا تقتصر بشكل أكبر على النفط والغاز، لكن يجب أن تؤخذ المخاوف بشأن انعدام الأمن الغذائي في الحسبان”.

ترجمة خاصة للمعهد العراقي للحوار ـ أحمد الساعدي