المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

إيران.. سجال حاد تجاه استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الرئاسية

ارتبطت استطلاعات الرأي بالانتخابات بشكل وثيق، ففي معظم دول العالم، تُجرى استطلاعات لبيان الميول الانتخابية ونسبة المشاركة في أي انتخابات، ولهذه الأسباب وغيرها اكتسبت أهمية كبيرة.

لكن قائد شرطة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية الإيرانية، الجنرال وحيد مجيد، حذّر قبل أيام مما أسماها بـ”إعادة نشر سلسلة من الاستطلاعات أو الآراء الكاذبة التي تنعكس من قنوات غير رسمية وغير واضحة المصدر، فيما يتعلق بالانتخابات أو المرشحين للانتخابات”.

واعتبر الجنرال مجيد أن نشر مثل هذه الاستطلاعات هي “جريمة” يحاسب عليها القانون الإيراني، مؤكدا بأنه “يجب على المستخدمين الانتباه إلى أن نشر وإعادة نشر أي محتوى بهدف التشجيع أو التحريض أو الإقناع بشأن تقليل المشاركة قضايا يعاقب عليها القانون وتعتبر جريمة، كما تعتبر الدعوة إلى التجمهر والاعتصام أو أي عمل من شأنه تعطيل الانتخابات في الفضاء الإلكتروني جريمة”.

الاستطلاعات مؤثرة

ويقول عضو لجنة الأمن القومي السابق في البرلمان الإيراني منصور حقيقت بور: “لقد أجريت استطلاعات في إيران خلال السنوات الماضية وفي فترات مختلفة من الانتخابات، ولا بد من الاعتراف بأن نتائج هذه الاستطلاعات أصبحت أكثر واقعية وملموسة”.

وأضاف، في تصريح لـ”إرم نيوز”، قائلا: “في الواقع، مع تطور العلوم والتكنولوجيا، يمكن للمراكز التي تجري المسوحات أن تظهر بشكل أفضل وأكثر دقة مما يحدث في المجتمع في مخططاتها”.

وأوضح: “على سبيل المثال، في عامي 2017 و2021، من المسوحات الصحيحة التي أجرتها بعض المنظمات المعروفة، تبين أخيرًا أن نتائج هذه المسوحات لا يوجد فيها فرق كبير مع النتائج النهائية للانتخابات؛ ولهذا السبب ظهرت نتائج بعضها تعتبر الاستطلاعات مهمة هذه الأيام، فهي مفيدة لمقار الانتخابات”.

وعن تخوف السلطات وتحذيرها من الاستطلاعات، أجاب حقيقت بور قائلا: “عادة ما تركز الاستطلاعات في إيران خصوصًا مع قرب الانتخابات على القاعدة الرمادية التي لا تزال مترددة بشأن المشاركة في الانتخابات أو مترددة في التصويت لأي مرشح”.

وأضاف: “في مثل هذه الاستطلاعات ستكون مقنعة لشريحة واسعة من هؤلاء الذين يترددون في المشاركة ونسبتهم كبيرة في إيران، وهذا ما أفرزته الانتخابات السابقة حيث كانت نسبة المشاركة بحدود 40 بالمائة”.

نتائج متضاربة

وأظهرت نتائج الاستطلاع الهاتفي الذي أجراه مركز أبحاث الثقافة والفنون والاتصال خلال الأسبوع الماضي، على مستوى الجمهورية أن نسبة المشاركة ستكون 51.2 بالمائة على الأقل، و55.9 % على الأكثر.

وبحسب هذا الاستطلاع، فإن 62% من المشاركين عبروا عن نيتهم المشاركة في الانتخابات، لكنهم لم يقرروا بعد مرشحهم المرغوب، فيما كشف استطلاع نشره موقع “خبر أون لاين” الإيراني المقرب من المرشح المستبعد علي لاريجاني، أن أكثر من 64% من المشاركين فيه ما زالوا مترددين في المشاركة في الانتخابات.

وفي سياق متصل، يقول المحلل السياسي المقرب من الإصلاحيين محمد عطریانفر، إن هناك سجالا بين الإصلاحيين والمتشددين بشأن استطلاعات الرأي التي تنشره في الأيام الأخيرة، مبينًا أن “هناك خبراء يؤكدون أن بعض الجهات تستخدم برامج الروبوتات من أجل إقناع شريحة لا تريد المشاركة في الانتخابات”.

ويوضح عطريانفر، في تصريح لـ”إرم نيوز”، قائلا: “على الرغم من تقدم العلم والتكنولوجيا إلا أن قضية الاستطلاعات لها جانب آخر وهو نشاط الروبوتات والبرامج الضارة بدلاً من البشر، وفي مثل هذه الحالات يحاولون جعل نتائج الاستطلاع غير صالح. لذلك؛ من المهم جدًّا تحديد المؤسسة والمنظمة التي تُجري المسح وما هو تاريخها”.

وأضاف: “النقطة التالية هي مسألة الدعاية لمقر الانتخابات، ولكن سواء كان الأمر صحيحًا أم خطأ، فقد ثبت في بعض المقرات أنه تم إجراء استطلاعات وهمية ونشرها لتحقيق بعض الأهداف، من بينها تقديم مرشح على آخر أو منح القوة والحماس للجماهير”.

وتابع: “إن إحصائيات أولئك الذين يترددون وأولئك الذين لا يريدون التصويت هي أيضًا مهمة وفعالة للغاية، وبناء على نتائج الاستطلاعات، إذا كان هؤلاء المترددون متأكدين من أنهم يجب أن يصوتوا، أو أولئك الذين قالوا إنهم لن يشاركوا غيّروا قرارهم، فإن غالبيتهم ستصوت لصالح مسعود بزشكيان”.

ومن الاستطلاعات التي يكثر الاستشهاد بها لكنها تبقى سرية في هذه الفترة هي استطلاعات الإذاعة والتلفزيون، والتي لها أهمية كبيرة بحسب الخبراء. ومؤخرًا، كتب بيمان جبلي، رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون: “سيتم إرسال نتائج استطلاعات الرأي الخاصة إلى جميع المرشحين للانتخابات”.

بيانات الاستطلاع

كما تناول الصحفي والمحلل والباحث عباس عبدي، خلال الأيام الماضية، نتائج استطلاع أجراه معهد السؤال في رسائل على منصة “إكس”، أشار فيها إلى نسبة مشاركة أهالي طهران في الانتخابات، وبناءً على نتائج الاستطلاع المذكور، فإن الإحصائيات المحددة للمشاركة المتوقعة في طهران هي 14.2، والإحصائيات المشكوك فيها هي 16.9، ومن المتوقع أن تكون إحصائيات عدم المشاركة 68.8.

وذكر عبدي في هذه الرسائل أن محرك طهران ليس ساخنًا بعد، وسيكون أكثر سخونة الأسبوع المقبل.

وعن نتائج هذه الاستطلاعات، قال إن بيانات هذا الاستطلاع تظهر أن مستوى عدم الرضا عن الوضع الحالي مرتفع للغاية، ومن المؤكد أن جليد الانتخابات لم يذب بعد وخاصة في طهران؛ لأن الإحصائيات المعلنة في هذا الاستطلاع مرتبطة بطهران، وطهران هي المدينة الرئيسية في البلاد والمدينة الأكثر تأثيرًا في سياسة البلاد؛ ولذلك يجب إجراء مراجعة لزيادة مشاركة الشعب في الانتخابات.

وتابع: “موجة المشاركة في الانتخابات نشأت بشكل خامل، ويظهر العديد ممن تحدثنا إليهم، ونفس استطلاعات الرأي التي أجريت، أنه إذا تمت إضافة أولئك الذين لم يقرروا المشاركة بعد إلى الناخبين، فإن عددًا كبيرًا من الناس سيشاركون في الانتخابات مقارنة بالماضي؛ لذلك يبدو أن التردد والغموض والتفكير قد نشأ بشأن المشاركة في الانتخابات، ولذلك نأمل أن يتم إقناع المتشككين بالمشاركة في الانتخابات”.

وبين بأنه “إذا كان مستوى المشاركة منخفضًا فسوف تذهب الانتخابات إلى الجولة الثانية، أما إذا كان مستوى المشاركة مرتفعًا فلا شك أن الانتخابات ستنتهي بالجولة الأولى”.

وقال الخبير أيضًا عن تزايد شعبية المرشحين في استطلاعات الرأي: “أنا لا أتحدث كثيرًا عن هذا الأمر، ولكن بصرف النظر عن الجهود التي يبذلها المرشحون للانتخابات للتحدث إلى الناس والناخبين، فإن سوق التكهنات والتقديرات الانتخابية قد احتدم”.

ويعتقد العديد من الخبراء أن المشاركة العامة في هذه الانتخابات ستكون مذهلة، وأن التأييد الشعبي سيؤدي إلى إجراء الانتخابات على مرحلتين.

ويقول المحلل السياسي الأصولي حبيب الله بور: “تُظهر نتائج بعض استطلاعات الرأي أن الشخصيتين الرئيسيتين من الأصوليين هما محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي لديهما مسافة كبيرة من المنافسين الآخرين”.

وأضاف، في تصريح لـ”إرم نيوز” قائلا: “إن نتائج الاستطلاعات التي تجريها مراكزنا تظهر تقدم قاليباف وجليلي، كما أن نسبة المشاركة ستصل إلى قرابة 59 %”، منوهًا أن “الإصلاحيين يحاولون أن تذهب الانتخابات إلى جولة إعادة (ثانية) حتى يتمكنوا من إقناع المترددين بالمشاركة في الانتخابات”.

وعن أهمية الاستطلاعات، أجاب حبيب الله بور: “هذه الاستطلاعات سوف تعزز إقناع المرشحين الأصوليين بضرورة الانسحاب لإبقاء مرشح واحد حتى لا تذهب الانتخابات إلى جولة ثانية من أجل منع فوز مسعود بزشكيان، مرشح الإصلاحيين”.

استطلاعات الأصوليين والإصلاحيين

وتعلن وسائل الإعلام التابعة لكلا الفصيلين نتائج مختلفة تمامًا في استطلاعاتها، وتقول قناة “برس تي في” الداعمة للتيار الأصولي، إن 22% من المستطلعين قالوا إنهم سيصوتون لقاليباف، وأقل من 10% لصالح الإصلاحي بزشكيان يؤيدونه، وأن مؤيدي سعيد جليلي كانوا أكثر من 19 % في هذا الإستطلاع.

في الوقت نفسه، أظهر استطلاع «اعتماد» الإلكتروني، الذي يدعم الفصيل الإصلاحي، أن أكثر من 48 % من المستطلعين قالوا إنهم سيصوتون لمسعود بزشكيان.

وكتب اعتماد أونلاين أيضًا في تقرير أنه استنادًا إلى نتائج بحث “غوغل”، فقد حظي مسعود بزشكيان بأكبر قدر من الاهتمام مقارنة بالمرشحين الآخرين.

اترك تعليقا