المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

رحيل رئيسي.. حطام الطائرة يخلف تساؤلات حائرة

منذ الإعلان عن تحطم طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد من مرافقيه من بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في منطقة ورزقان الجبلية شمال غرب إيران، الاحد الماضي، تزايدت الاسئلة كما تضاربت الروايات بشأن ما حدث.

فيما رأى بعض المسؤولين أن هذه الحادثة سببها سوء الأحوال الجوية، بينما رفض آخرون هذه الرواية، كما اختلفت الروايات في طبيعة انقطاع الاتصالات بين المروحية الثلاث التي كانت أحدهما وهي الوسط للرئيس إبراهيم رئيسي.

وفي أحدث رواية يتم تناولها في وسائل الإعلام هو “وجود عوامل خارجية” وراء ما حصل، وتورط الكيان الصهيوني الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع جمهورية آذربيجان الدولة المحاذية للجمهورية الإسلامية.

ووقعت حادثة تحطم مروحية رئيسي بعد ساعة ونصف من إقلاعها من منطقة “خدا آفرين” الحدودية مع آذربيجان بعد افتتاح سد مائي مشترط بين طهران وباكو بحضور الرئيس إبراهيم رئيسي ونظيره الآذربيجان إلهام علييف.

مؤامرة خارجية

وأشرت صحيفة “جمهوري إسلامي” التابعة للتيار الأصولي المعتدل، الخميس، على عدة نقاط بشأن تحطم مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان ومسؤولين آخرين، مرجحة وجود مؤامرة خارجية وراء تحطم هذه الطائرة.

وقالت الصحيفة إن “هناك احتمال وجود مؤامرة خارجية”، مضيفة “حقيقة أنه من بين ثلاث مروحيات إيرانية عائدة من المنطقة الحدودية إلى مدينة تبريز، لم تتعرض لهذا الحادث سوى المروحية التي تقل الرئيس (إبراهيم رئيسي)، وفي حين يمكن استبعاد ارتباط الحادث بالعوامل الجوية، فإنه يعزز احتمال وجود مؤامرة”.

وشرحت الصحيفة في تقرير قضية تحطم المروحية الرئاسية، وقالت “رغم أن الأخبار الأولية يوم الحادثة أشارت إلى أن العوامل الجوية لعبت دوراً فيها، إلا أن التكهنات تحولت تدريجياً نحو المؤامرة، حتى أن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء علي باقري كلف مجموعة بالتحقيق في الحادث لمعرفة كيف حدث التباطؤ”.

ولم تعلن هذه المجموعة بعد نتائج تحقيقاتها، لكن هناك تكهنات كثيرة حول كون الحادثة مؤامرة لدرجة أن كل العقول مشغولة بها الآن، بحسب الصحيفة.

وأوضحت “بطبيعة الحال، سيكون التقرير الذي ستنشره مجموعة التحقيق التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بلادنا رسميا ويمكن الاستشهاد به، وفي الوقت نفسه فإن الرأي العام يتابع القصة عن كثب ويريد معرفة الحقيقة”.

وأضافت “في مثل هذه الحالة، ومن أجل منع إساءة معاملة الغرباء الذين عادة ما ينتهزون الفرصة لإثارة رغباتهم، يجب أن توفر مصادر المعلومات المحلية مزيدًا من المعلومات للجمهور وبهذه الطريقة تغلق الطريق أمام انتهاكات الانتهازيين”.

وتناول الصحيفة في تقريرها عدة نقاط، وقالت “ومن النقاط التي تبرز احتمال وجود مؤامرة في المروحية التي تقل الرئيس رئيسي ورفاقه هو المكان الذي وقع فيه الحادث”.

ولفتت إلى أن “الحادثة وقعت بالقرب من حدود بلادنا مع جمهورية أذربيجان، حيث نشر النظام الإسرائيلي العديد من المرافق الاستخباراتية والاتصالاتية والعسكرية، إن إنشاء هذه المنشآت على الجدار الحدودي لجمهورية أذربيجان يمنح النظام الصهيوني إمكانية تنفيذ أي مؤامرة في المنطقة الحدودية لبلادنا”.

وأضافت “والنقطة الأخرى الفعالة في تعزيز المؤامرة المحتملة للمروحية التي تقل الرئيس رئيسي ورفاقه هي أن بعض الخبراء الفنيين قالوا إن المروحية انفجرت أولاً في الهواء ثم سقطت، وفي هذا الافتراض يمكن أن يكون الحادث بسبب تدخلات خارجية أو داخل المروحية، وفي كلتا الحالتين الأمر معقد ويمكن متابعته”.

وتابعت “الافتراض الآخر هو أن المروحية تعطلت بسبب تعطل أجهزة الرادار والملاحة وسقطت بسبب خروجها عن السيطرة، في هذا الافتراض، هناك احتمال وجود مؤامرة، ويمكن اعتبار كل هذه الحالات ناجمة عن عوامل خارجية”.

وقالت “ومع التأكيد على أن ما هو رسمي ويمكن الاعتماد عليه هو التقرير الذي ستقدمه مجموعة المراجعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، إلا أننا نرى أنه من الضروري التأكيد على ثلاث نقاط”.

وتابعت أيضاً في سرد النقاط الخاصة بسقوط المروحية الرئاسية “أولا، أظهرت هذه الحادثة أن مخططي رحلة الرئيس كان لديهم نقطة ضعف أساسية ولم ينتبهوا إلى الكثير من نقاط السلامة، ثانياً، ملاحتنا ضعيفة، وإذا كان حادث المروحية التي تقل الرئيس كان بسبب مؤامرة، فإن هذا الضعف أيضاً ساهم في وقوعه، وثالثاً، نحن ضعفاء جداً في القطاع الأمني ​​أمام المؤامرات الخارجية”.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول “لذلك فإن إزالة ضعف التخطيط وتحديث المرافق الملاحية وتعزيز الأمن الوطني ليصبح منيعاً أمام الأعداء يجب أن يكون على أجندة مسؤولي النظام ولا يسمح بالتهاون في هذا المجال”.

المعلومات المقدمة غامضة

من جانبها، وصفت صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية الإيرانية، الخميس، إن المعلومات التي يقدمها المسؤولون حول تحطم المروحية الرئاسية يوم الأحد الماضي، غامضة.

وقالت الصحيفة في تقرير لها إنه “لا يوجد تفسير لماذا يزعمون أن الظروف الجوية كانت جيدة ولم تكن هناك مشاكل أو منع للطيران؟ أم أنهم لا يفسرون لماذا لم تتم هذه الرحلة الجوية كالمعتاد من مطار بارس آباد موغان (محافظة اردبيل)، التي لا تحتاج في الأساس إلى هذا الطريق الإضافي بطائرة هليكوبتر؟”.

وأضافت “في اليوم الأول لتحطم المروحية، ظهرت مشكلتان ونقاط ضعف في غاية الأهمية ومترابطة، والتي للأسف استمرت في الظهور في اليومين الماضيين”.

وأوضحت “المشكلة الأولى هي المعلومات غير الدقيقة والغامضة، مما يسبب الدهشة ويزيد من عدم اليقين لدى الجمهور، ويمكن ملاحظة هذه المشكلة في طريقة تواجد الصحفيين الأتراك في المكان وتقديم تقارير مباشرة من هناك، أو وجود قوات شعبية على دراجات نارية إلى المكان قبل تواجد القوات الرسمية”.

وأشارت إلى أنه “هذا على الرغم من أن رئيس الديوان الرئاسي (غلام حسين إسماعيلي) صرح بوضوح أنهم رأوا المروحية التي تقل الرئيس تدخل داخل السحابة ثم انقطع اتصالها اللاسلكي، ومن الطبيعي أن المروحية الثانية كانت لديها الإحداثيات هناك وحلقت هناك مرتين”.

من ناحية أخرى، وفقا له، هبطت مروحيتهم في منجم سونغون للنحاس، الموجود في نفس المنطقة، وواجهت مرافق جيدة، وعلى الفور (ربما قبل الساعة 14:00) بدأت الإجراءات اللازمة للعثور على المروحية المحطمة.

وأضافت “وأخيرا والأهم يدعي أنه تحدث عدة مرات عبر جوال الطيار، وهو ما أجاب عليه المرحوم محمد علي آل هاشم، وهذا يعني أن هناك إشارة واتصال مع أبراج الاتصالات التي يمكن بسهولة العثور على مكان وجوده،  لكن لم يتم تقديم أي تفسير لسبب عدم تمكنهم من العثور على الجثة إلا بعد مرور 6 ساعات عندما حل الظلام؟”.

وبين الصحيفة “هناك أسئلة كثيرة، وللأسف، لم تتمكن هذه الطريقة في الإعلام من تقديم الإجابة المناسبة لأي منها لفهم القصة والقضاء على الشائعات”.

ولفتت التقرير إلى أن “النقطة الثانية والأهم هي العبارات غير المفهومة التي لا تزيل الغموض فحسب، بل تزيده أيضًا. كلام رئيس الديوان الرئاسي الذي تحدث مع السيد الهاشم عدة مرات، وما شابه ذلك من كلام نائب الرئيس التنفيذي، وهم بطبيعة الحال المديرين التنفيذيين الرئيسيين لهذه الرحلة، ليس معقولاً ولا مقبولاً”.

وأضافت “كيف يمكن لشخص ما أن يتعرض لمثل هذا الحادث ولا يزال بإمكانه الوصول إلى هاتفه الخلوي، ناهيك عن إتاحة الهاتف الخلوي للطيار والرد عليه؟ هل هذا هاتف شخص آخر يقول أنه لا يراه على الإطلاق؟”.

وقالت “كما نقل المسؤولون، فإن المرحوم آل هاشم بطبيعة الحال لم يكن قادراً على الحركة، ومن الطبيعي أن الاصطدام بالجبل بهذه السرعة وتحطم المروحية يتسبب في تشتت الناس، رغم أن احتمال النجاة أقل من الصفر”.

وأوضحت “يبدو أن الإدارة تحاول تجاهل بعض الحقائق، ومن الحقيقة التي كانت على موقع الطقس وكلام ممثل تبريز السيد آل هاشم فأن الطقس لم يكن مناسباً للطيران بطائرة هليكوبتر ويبدو أنه تم إصدار تحذير برتقالي في هذه الحالة، فهل تحركت طائرة الرئيس بالقدرة المناسبة أم كانت فوق طاقتها؟ فهل يشترط لهذا النوع من الطائرات المروحية التي تقل المسؤولين التحرك فوق الطريق الرئيسي أم لا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، لماذا انتقل من الطريق الجبلي العالي؟ فهل هذا النوع بالذات من المروحيات مناسب للتنقل في المناطق الجبلية والمرتفعة؟ وإذا كان قائد الرحلة هو طيار مروحية الرئيس وأعطى الأمر بالإقلاع، فلماذا لم يتمكن من القيام بذلك بنفسه؟”.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول “للأسف هناك نقاط أخرى وغموض وشائعات لم يتم توضيحها فحسب، بل أحدثت بلبلة في أذهان الناس من خلال تأخير الرد، ولعل أحد أسباب هذا السلوك هو الدخول المبكر لبعض التيارات السياسية داخل الحكومة إلى الانتخابات التي بدأت قبل انتهاء مراسم التشييع الرسمية”.

ولقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد من الوفد المرافق له، بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، مصرعهم، الأحد الماضي، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر قرب جبال محافظة اذربيجان الشرقية شمال غرب إيران.

اترك تعليقا