المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

 ما سيناريوهات الحرب المحتملة في لبنان؟

تسير الجبهة العسكرية في جنوب لبنان نحو الاشتعال، رويدًا رويدًا، بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله”، تزامنًا مع اشتداد المعارك في غزة ورفح الفلسطينيتين، وسط تساؤلات تُثار عن مدى استعداد تل أبيب لبدء معركة جديدة على حدودها شمالاً، مع اختلاف معطيات الحرب بين جبهتي غزة والجنوب عسكريًا وعملياتيًا.

وخلال زيارة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى بيروت، عبّر عن قلقه من توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية ونطاق العمليات الميدانية جغرافيًا، فيما شاركته أطراف الصراع تلك المخاوف، في ظل ترقب مصير القرار الأممي 1701 الذي حافظ على الهدوء في الجنوب على مدى 17 عامًا.

هل إسرائيل مستعدة لفتح جبهة؟

يقول الخبير السياسي نضال السبع إن “انخراط إسرائيل في الحرب جنوب لبنان ليس بالضرورة أن يكون تدخلاً بريًا، بل قد يكون عبارة عن عمليات جوية تستهدف المطار والجسور والأماكن الحيوية في لبنان، أي دون أن تزجّ تل أبيب بجيشها كما حدث في غزة”.

ويؤكد السبع أن “إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر، أعلنت مباشرةً في تصريح لافت أنها تتجه إلى تغيير وجه الشرق الأوسط، وهذا لا يمكن أن يحدث من رفح إلى الشجاعية، بل هو مخطط كبير قد يمتد إلى سوريا ومصر وإيران”.

فيما يقول الخبير العسكري والسياسي الدكتور مهند العزاوي، إنه “رغم أن أولوية إسرائيل هي الانتهاء من غزة، ولكن لا يمنع، وفقًا للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، أن تخوض حربًا ثانية، علمًا أن الجبهة مفتوحة والعمليات العسكرية تتوسع، ونشهد يوميًا استهدافًا مباشرًا بالمروحيات والطائرات لتجريف قدرات حزب الله العملياتية على الحدود الشمالية لإسرائيل، ويرد حزب الله بصواريخ ومسيرات انتحارية”.

ويضيف العزاوي: “هناك 20 كيلومترًا كمسرح عمليات حربي بين الطرفين المتنازعين، من الناقورة غربًا الى شبعا شرقًا، وفي العمق أكثر من 15 كم، وكذلك الجليل الأعلى بالنسبة لإسرائيل ومناطق حدودية وثكنات عسكرية تحت نيران حزب الله”.

ما الفرق بين جبهتي غزة في الجنوب؟

وتمنح الفروقات المتعلقة بالجغرافيا وخطوط الإمداد والتضاريس وغيرها من المعطيات كل جبهة خصوصية تميزها عن الأخرى، الأمر الذي يساهم في تحديد آجال المعركة.

ويشير الدكتور مهند العزاوي إلى “الاختلاف العملياتي والتكتيكي بين الحالتين؛ فجبهة غزة تُعد معارك داخلية، أما لبنان فهي حرب خارجية، ما يعني حرباً إقليمية في المتوسط، الأمر الذي يستدعي تدخل أطراف حلفاء الطرفين، وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة وإيران وتحاولان ضبط الاشتباك لهذا الحد بدلاً من توسيعه”.

ويوضح نضال السبع أن “حزب الله لديه عمق إستراتيجي وخطوط إمداد عسكرية وغذائية ومستشفيات بديلة وطرق لإرسال الدواء وإسعاف المصابين، وكذلك امتداد جغرافي إلى مناطق كثيرة في سوريا، ما يمكّنه من مشاغلة إسرائيل أكثر من 10 سنوات، على عكس حماس في غزة التي لا تتمتع بأي عمق إستراتيجي خارج القطاع، فضلاً أن قطاعها الصحي تعرض للتدمير”.

هل مات القرار 1701؟

يشير خبراء إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول استعادة سيناريو إسحاق رابين (رئيس وزراء إسرائيلي أسبق)، الذي سيطر على سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان، إذ يسعى نتنياهو لإظهار نفسه كبطل أمام المجتمع الإسرائيلي، بقضائه المرتقب على حماس وتغيير واقع غزة واستهداف قدرات حزب الله في لبنان وسوريا..

وينص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1701، والمتخذ العام 2006، على وقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان ونشر قوة إضافية للأمم المتحدة مهمتها مراقبة وقف الأعمال الحربية بالتنسيق مع الجيش اللبناني.

وفي هذا الشأن، يقول نضال السبع إن “القرار لم يمت، بل لا تزال الأطراف المتصارعة في جنوب لبنان تتمسك به حرفيًا، على الرغم من أن هناك نقاطًا خلافية حدودية قيد المناقشة، ولكن القرار حافظ على الهدوء والاستقرار في الجبهة، واحترم الالتزامات المتبادلة بين الطرفين”.

ويضيف: “القرار فرض التزامات متبادلة على طرفي الحدود، وهذا ما أكده أيضًا الموقف الرسمي اللبناني، من خلال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإضافة إلى أمريكيا ممثلةً بآموس.. لذا، لن يكون هناك أي قرار جديد بخصوص جنوب لبنان بوجود القرار 1701، إذ أكد آموس أنه بمجرد حلحلة الأمور في غزة، فإنه سيُنجز الترتيبات المتعلقة بالقرار”.

اترك تعليقا