حرب السرديات في الأردن: الشرعية في زمن الغضب
في ضوء التحديات المتصاعدة التي تواجه الأنظمة السياسية في الشرق الأوسط، وخاصة في أعقاب الحرب على غزة، يبرز الأردن كنموذج فريد يتقاطع فيه الأمن والسياسة والدين في معركة سرديات حاسمة.
وقد نشر مهند العربيات – المحلل السياسي والكاتب مقيم في الأردن مقالاً بعنوان "حرب السرديات في الأردن" بمجلة New Lines Magazine التي تُعنى بالتحقيقات المعمقة والتقارير الطويلة التي تتناول قضايا السياسة والثقافة والتاريخ، مع تركيز خاص على الشرق الأوسط وشؤون العالم الإسلامي.
وتطرق الباحث الأردني مهند العربيّات، لفهم أعمق لما يحدث داخل الأردن من صراع غير مرئي على الشرعية والخطاب السياسي، في ظل تصاعد نفوذ القوى في بلاده
هذا المقال يساهم في تسليط الضوء على أحد أكثر الملفات حساسية في المنطقة، حيث تتحول السرديات إلى أدوات للشرعية، وتُعاد صياغة مفاهيم مثل "المقاومة" و"الوطنية" و"التهديد" وفق اعتبارات جديدة.
و رأى الكاتب العربيات، أن إعلان السلطات الأردنية في 15 نيسان/أبريل عن إحباط مخطط لتنفيذ هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ من داخل المملكة واعتقال 16 شخصاً على صلة بجماعة الإخوان المسلمين، لم يكن مجرد تحرك أمني تقليدي، بل مؤشر على تصاعد ما وصفه بـ"حرب الروايات" في الأردن والمنطقة.
وبحسب الرواية الرسمية، فإن الموقوفين خضعوا لتدريبات في لبنان، وخزنوا متفجرات في مدينتي عمّان والزرقاء، في حين تم التنسيق مع جهات في كلٍّ من تركيا والسعودية. السلطات شددت على أن التهديد "داخلي"، ما يضع المسألة في إطار يتجاوز العمل الخارجي أو الاحتجاج الأيديولوجي، ليصل إلى تحدّ مباشر لسيادة الدولة.
لكن جماعة الإخوان المسلمين، بحسب العربيات، حاولت تأطير الحادثة ضمن ما تسميه "محور المقاومة"، مدعية أن القضية جزء من المواجهة الأخلاقية مع إسرائيل وليست عملاً تخريبياً يستهدف الأردن. هذا السجال حول توصيف الفعل ذاته يعكس -برأي الكاتب- سؤالًا أعمق وأكثر تعقيدًا: من يملك الحق في تعريف "المقاومة" في الشرق الأوسط اليوم؟
من السلاح إلى السردية
يُشير العربيات إلى أن الحرب على غزة، التي دخلت شهرها الثامن عشر، غيّرت قواعد الاشتباك ليس فقط ميدانيًا، بل سرديًا. إذ باتت "المقاومة" وسيلة للحصول على شرعية شعبية تتجاوز هياكل الدولة، خصوصاً في ظل ما يعتبره كثيرون "صمتًا رسميًا" من الحكومات العربية.
ويؤكد الكاتب أن الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، باتت تطرح نفسها باعتبارها الصوت الأخلاقي الأوحد، بل والمخول بترجمة الغضب الشعبي إلى فعل مباشر. هذا التحول يعيد تشكيل المشهد السياسي، حيث تنبع الشرعية من "الوضوح الأخلاقي" وليس من الاعتراف المؤسسي.
الأردن في قلب العاصفة
ويرى العربيات أن الأردن أكثر عرضة لهذا النوع من التصعيد من جيرانه، بسبب تعقيدات ديموغرافية وسياسية. فرغم حل الجماعة رسميًا، فإنها لا تزال حاضرة سياسيًا عبر "جبهة العمل الإسلامي"، التي تصدرت نتائج الانتخابات البرلمانية عام 2024، ما يعقّد أي محاولة حكومية لاحتوائها.
ويحذر الكاتب من أن أي خطوة ضد الجماعة الآن قد تُفسَّر باعتبارها استهدافاً لفكرة "المقاومة" ذاتها، خصوصاً في الأوساط الشعبية التي ترى في غزة قضية شخصية ووجدانية. كما أن الرواية الرسمية تبدو، في هذا السياق، أقل قدرة على منافسة الخطاب العاطفي والتعبوي الذي تستخدمه الجماعة.
اختلال التوازن الإقليمي
ويوضح العربيات أن اختيار لبنان كموقع تدريب، لا سوريا كما جرت العادة، يعكس تحولات جيوسياسية في خريطة "محور المقاومة"، مع تراجع نفوذ إيران ووكلائها في سوريا، وبروز لبنان كموقع بديل رمزي ولوجستي.
أما الاجتماعات التي جرت في تركيا والسعودية، حتى وإن كانت ذات طابع ديني أو عابر، فإنها تسلّط الضوء على اتساع النطاق الجغرافي للخطاب المقاوم، وتحوّله إلى شبكة رمزية تتجاوز العمل الأمني أو العسكري المباشر.
ما بعد الضبط الأمني
في الختام، يرى العربيات أن الأردن لا يواجه تهديدًا أمنيًا فقط، بل تحديًا على مستوى "الشرعية السردية". فالمعضلة، كما يصفها، ليست فقط في احتواء المخططات، بل في احتواء الرواية البديلة التي قد تكسب تأييد الشارع.
ويخلص الكاتب إلى أن استمرار الحرب في غزة دون أفق واضح قد يؤدي إلى تآكل شرعية الدول القائمة، لصالح فواعل غير حكومية تبرّر أفعالها بمرجعية دينية وأخلاقية، ما يضع الأردن، وغيره من دول المنطقة، أمام اختبار وجودي: كيف تحافظ الدولة على سيادتها وسرديتها في وقت واحد؟
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار