00:00:00
توقيت بغداد
2025مايو23
الجمعة
29 °C
بغداد، 29°
الرئيسية أخبار نشاطات منتدى بغداد الدولي للطاقة إتصل بنا

بقلم جون سبنسر وليام كولينز - معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)

إسرائيل تعزز قدرات الجيش الأمريكي بتقنيات مبتكرة

بعد حرب يوم اكتوبر 1973، قامت وزارة الدفاع الأمريكية بتقييم موسع للصراع، حيث كلفت ما لا يقل عن 37 دراسة منفصلة، بما في ذلك تقرير سري مكون من سبعة مجلدات حول أنظمة الأسلحة. سار العسكريون الأمريكيون في ميادين المعركة جنباً إلى جنب مع القادة الإسرائيليين الذين خاضوا تلك المعركة، لتحليل الاستراتيجيات والتقنيات التي مكَّنت إسرائيل من الانتصار ضد الظروف القاسية. 

الدروس المستفادة من نجاحات إسرائيل على أرض المعركة شكلت بشكل عميق العقيدة العسكرية الأمريكية، حيث أثرت بشكل مباشر على تطوير عقيدة "AirLand Battle" وأنظمة الأسلحة الخمسة الكبرى—طائرات الهليكوبتر أباتشي، وآليات القتال برادلي، وأنظمة صواريخ باتريوت، ودبابات أبرامز، وطائرات الهليكوبتر بلاك هوك. 

هذه التطورات، إلى جانب المناهج التشغيلية الجديدة التي تركز على السرعة، والقوة النارية، وتنسيق القوات المشتركة، أعادت تعريف الحرب الحديثة.

منذ ذلك الحين، استمر تفاعل الجيش الأمريكي المستمر مع الابتكارات الدفاعية الإسرائيلية في التأثير على استراتيجيات وأنظمة الجيش الأمريكي في القتال. من أنظمة حماية الدبابات إلى حلول الحروب المدعومة بالذكاء الاصطناعي، قدمت الشركات والمؤسسات البحثية الدفاعية الإسرائيلية ابتكارات متطورة وجدت طريقها إلى الجيش الأمريكي. العديد من هذه التقنيات وُلِدت من التحديات الأمنية الفريدة التي تواجهها إسرائيل واحتياجها إلى ابتكار سريع في الحروب الحضرية وغير المتكافئة. اعتمد الجيش الأمريكي على العديد من أنظمة إسرائيل ودمجها في العمليات القتالية في العراق وأفغانستان وفي العديد من عمليات مكافحة الإرهاب في أنحاء مختلفة من العالم.

الضمادة الطارئة الإسرائيلية: منقذة للحياة في ساحة المعركة

بينما شكلت الابتكارات الإسرائيلية العقيدة العسكرية وبنية القوات، كان لها أيضاً تأثير مباشر على الجنود الأفراد، كما يظهر في التقدم الطبي في ساحة المعركة. الضمادة الطارئة—وهي ضمادة بسيطة لكنها فعالة للغاية للسيطرة على النزيف التي طورها طبيب عسكري إسرائيلي—أنقذت العديد من الأرواح الأمريكية. تم تقديم الضمادة لأول مرة في التسعينيات، وتتميز بآلية ضغط مدمجة تسمح للجنود بمعالجة الجروح الشديدة باستخدام يد واحدة.

اعتمد الجيش الأمريكي الضمادة الطارئة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، خاصة في ظل تزايد الإصابات في العراق وأفغانستان بسبب العبوات الناسفة (IEDs) وإطلاق النار من الأسلحة الخفيفة. وهي الآن جزء من المعدات الطبية الشخصية للجنود الأمريكيين، وقوات العمليات الخاصة، والعاملين في مجال الطوارئ.

الجرافات المدرعة: أداة حاسمة في الحروب الحضرية

تكيف الجيش الإسرائيلي مع جرافة D9 وتحويلها إلى جرافة قتالية مدرعة كانت نموذجاً تم اختباره في ساحة المعركة وأثر مباشرة في العمليات الأمريكية في العراق. في عام 2003، اشترت القوات الأمريكية 14 جرافة D9 مدرعة من إسرائيل، طورتها وحدة الهندسة العسكرية الإسرائيلية، لاستخدامها في مناطق القتال مثل العراق. 

وعلى الرغم من أنه لا يزال من غير المؤكد مكان نشر هذه الوحدات في العراق، فإن اقتناءها يعكس الاعتراف المتزايد بالخبرة الإسرائيلية في تعديل المعدات الثقيلة للحروب الحضرية. 

وتشير بعض التقارير إلى أن الجرافات المدرعة D9 استخدمت في معركة الفلوجة الثانية، مزودةً بأطقم دروع مصممة في إسرائيل التي مكَّنت القوات الأمريكية من اختراق الحواجز، وهدم المواقع المحصنة، وتقليل الخطر على القوات المنتشرة.

في الخدمة الإسرائيلية، استخدمت D9 بشكل مكثف في غزة، حيث كانت تستخدم في إزالة المباني المفخخة، واكتشاف فتحات الأنفاق، واختراق الحواجز تحت النيران—غالباً في مواجهة تهديدات من العبوات الناسفة والصواريخ المضادة للدبابات لتوفير مزيد من الحماية للمشغلين ولضمان فائدة المنصة في البيئات الحضرية، طورت إسرائيل نسخة عن بعد من الجرافة.

هذه النسخة بدون طيار تسمح للقوات بأداء مهام الهندسة القتالية المهمة في المناطق ذات المخاطر العالية دون تعريض الجنود للنيران المباشرة، مما يوضح كيف تواصل D9 تطورها كأداة منقذة للحياة في ساحة المعركة الحديثة.

أنظمة الحماية النشطة: تأثير "تروفي" في ساحة المعركة

كان لتقدم إسرائيل في حماية القوات تأثير دراماتيكي في زيادة بقاء منصات الدروع في المعركة. يعد نظام الحماية النشط "تروفي" (APS) أحد أبرز المساهمات الإسرائيلية في حرب الدبابات. تم تطويره بواسطة شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، ويوفر "تروفي" دفاعاً متعدد الطبقات ضد الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات والقذائف الصاروخية (RPGs)، حيث يقوم بالكشف التلقائي، وتتبع، واعتراض التهديدات قبل أن تصل إلى المركبة. تم اختباره لأول مرة في ساحة المعركة من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية في عام 2011، وأثبت بسرعة فعاليته في المواقف القتالية.

أحد أكبر التحديات في الحروب الحضرية هو الحاجة الحيوية للقوة النارية المحمية المتنقلة- يجب أن تعمل الدبابات والمركبات المدرعة في بيئات كثيفة حيث تكمن التهديدات وراء كل زاوية ومن نافذة إلى نافذة. تقليديًا، كانت المعارك الحضرية تعرض هذه المركبات للهجمات المدفعية المضادة للدبابات من مواقع مخفية في المباني والأزقة والشبكات تحت الأرض، والنقاط المرتفعة مثل الطوابق العليا والأسطح- مما يبرز التهديد المتعدد الأبعاد الذي يطرحه ساحة المعركة الحضرية. أحدث "تروفي" ثورة في الحروب الحضرية من خلال تقليل هذه الضعف، مما سمح للدبابات بالمناورة عبر متاهة القتال الحضري الكثيف مع زيادة كبيرة في قدرتها على البقاء. لقد ساهمت قدرة النظام على تحييد القذائف المضادة للدبابات قبل تأثيرها في استعادة فائدة الدروع الثقيلة في القتال عن قرب، وهي قدرة حيوية سعت الجيوش الحديثة، بما في ذلك الجيش الأمريكي، إلى الحفاظ عليها.

مكافحة العبوات الناسفة (IEDs)

خلال حرب العراق، تسببت العبوات الناسفة (IEDs) في معظم الإصابات بين القوات الأمريكية. كانت هذه العبوات مدمرة لدرجة أن الجنرال جون أبيزيد، قائد القيادة المركزية الأمريكية، طلب أن يتم معالجة هذه التهديدات بطريقة تشبه "مشروع مانهاتن" في عام 2004. وكان أحد الأماكن الأولى التي توجهت إليها الولايات المتحدة للحصول على المساعدة هو إسرائيل. فمنذ سنوات، كانت إسرائيل قد واجهت تهديدات العبوات الناسفة من حماس وحزب الله ومنظمات إرهابية أخرى، وكان لديها قدرة تفوق قدرة الولايات المتحدة في هذا المجال. 

قامت إسرائيل بمشاركة هذه التقنيات مع الولايات المتحدة، حيث زودتها بأجهزة ميكروويف مركبة على المركبات مثل "دراجون سبايك" و"دراجون سبايك II" لاختبارها في العراق وفي قاعدة يما الأمريكية في أريزونا. لم تكن هذه الأجهزة حلاً سحرياً لمشكلة العبوات الناسفة، لكنها ساعدت في بدء جهود الولايات المتحدة لمكافحة العبوات الناسفة.

الكلاب العسكرية: قوات K9

شكلت تجربة إسرائيل القتالية في المناطق الحضرية الكثيفة تطور استخدامها المتخصص للكلاب، وقد أثرت هذه الدروس التشغيلية بشكل متزايد على ممارسات الجيش الأمريكي. 

وبدأت وحدة "أوكيتز" التابعة للجيش الإسرائيلي في تحسين تكتيكات الكلاب غير المقيدة، حيث كان المدربون يستخدمون أجهزة الراديو لإعطاء الأوامر للكلاب التي تعمل خارج نطاق الرؤية في التسعينات، حيث كانت الظروف أكثر خطراً أو معقدة بحيث لا يمكن للمدربين مرافقة الكلاب بشكل مباشر. وفي رده، طورت "أوكيتز" تقنيات لتدريب الكلاب على العمل بشكل مستقل- دخول المباني، والأنفاق، أو الممرات التي قد تكون مملوءة بالأفخاخ لاكتشاف التهديدات وتحييدها دون إشراف مباشر من المدرب. 

خلال العمليات في العراق وأفغانستان، بدأ الجيش الأمريكي في تبني نفس الأساليب، حيث أرسل الكلاب لاستكشاف الأماكن المحصورة وتقليل المخاطر على الأفراد. أسهمت نجاحات الجيش الإسرائيلي في استخدام الكلاب لتحديد فتحات الأنفاق، وتفجير الأفخاخ، وحتى الاشتباك مع المقاتلين في تعزيز تقدير الجيش الأمريكي للقدرة المنقذة للحياة للكلاب العسكرية في البيئات عالية المخاطر. كما عززت تدريبات تبادل الخبرات المشتركة، لا سيما بين قوات العمليات الخاصة الأمريكية ونظيراتها الإسرائيلية، هذه العلاقة، حيث ساعدت عقيدة الجيش الإسرائيلي وتجارب المعركة في تحسين كيفية استعداد المدربين الأمريكيين للقتال الحضري الحديث.

تعليقات الزوار