
ترجمة: المعهد العراقي للحوار
حلّ حزب العمال الكردستاني.. تأثير القرار في سوريا والعراق
أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) حل نفسه وتسليم السلاح، استجابةً لنداء عبد الله أوجلان، زعيم الحزب المسجون في تركيا منذ 26 عاماً، والذي دعا إلى هذا الحل في 27 فبراير.
رحبت تركيا رسمياً بهذا القرار، حيث وصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بيان الحزب بأنه «مرحلة تاريخية ومبشرة»، ووصف عمر تشيليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، القرار بأنه خطوة مهمة نحو «تركيا بلا إرهاب»، مؤكداً أن إنهاء العنف سيفتح أبواب مرحلة جديدة.
من جهتها، أعلنت رئاسة الاتصالات التركية أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لحل الحزب بشكل هادئ ومنظم، لضمان إنهاء نزاع استمر 40 عاماً.
ونظراً لوجود مجموعات مرتبطة بالحزب وحضور عسكري له في سوريا والعراق، يطرح السؤال المهم: ما تأثير هذا القرار على الجماعات المسلحة الكردية الأخرى في هذين البلدين؟
حاولنا الاتصال بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لكن المتحدث الرسمي فرهاد شامي اكتفى بالقول: «ليس لدينا رأي في هذا الموضوع حالياً.»
تفسير الخبراء السياسيين
قال رستم محمود، الباحث السياسي، لـ«بي بي سي عربي» إن قرار الحل جاء في إطار جهود الحكومة التركية لمعالجة قضية الأكراد «حتى بشكل محدود»، خاصة بعد توقعات دولت باهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية في تركيا، بأن تغييرات جذرية ستحدث في المنطقة خلال السنوات القادمة.
وأضاف محمود أن تركيا تريد تحويل الصراع الكردي التركي من إطار عسكري إلى مسارات سياسية وبرلمانية وقانونية.
وبدأت تركيا من أشهر، بعد نداء غير متوقع من دولت باهتشلي في أكتوبر 2024، في مناقشة احتمال حل حزب العمال الكردستاني، حيث طالب باهتشلي بالسماح لأوجلان بالظهور في البرلمان للإعلان عن الحل.
وتعتبر تركيا والعديد من الدول الغربية حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية بسبب هجماته على المدنيين وعمليات الانتحار التي نفذها. رفضت أنقرة التفاوض معه، لكنها عرضت عفواً محدوداً على أعضائه.
الصراع بين الطرفين استمر 40 عاماً وأودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص. وأوجلان، الذي يبلغ من العمر 76 عاماً، محتجز في زنزانة انفرادية بجزيرة إمرالي قرب إسطنبول منذ 1999.
كادر بري، المحللة السياسية ومديرة مؤسسة «الأكراد بلا حدود»، توافق محمود وتقول إن حزب العمال لم يكن يعارض التخلي عن السلاح شرط التوصل إلى اتفاق يعترف بقضية الأكراد وحقوقهم وممثليهم في تركيا.
وأضافت أن السلاح لم يكن هدف الأكراد بل أداة فرضتها ضرورات تاريخية بدأت قبل قرن.
ويرى محمود أن القرار جاء من تلاقي رغبتين: رغبة الحكومة التركية في تجاوز الصراع عسكرياً تحسباً للتغيرات الإقليمية، ورغبة الحزب في تحويل القضية إلى موضوع سياسي.
وتشير بري إلى أن التغيرات الإقليمية بدأت بمعركة كوباني وهزيمة داعش ثم امتدت لتشمل هزيمته في سوريا والعراق، وما تلاها من أحداث في غزة وضربات ضد أذرع إيران في لبنان وسوريا واليمن.
وترى أن الشرق الأوسط يشهد تغييرات استراتيجية حقيقية مع بروز حديث جدي عن شرق أوسط جديد.
ويضيف محمود أن القرار تزامن مع تغييرات داخلية في الحزب والحكومة التركية، وأن المقاتلين متعبون، وأدرك الطرفان عدم إمكانية القضاء على الآخر.
ويشير محمود إلى أن بعض الخطوات الصغيرة مثل الاعتراف باللغة الكردية وإنشاء قناة تلفزيونية كردية ساعدت في تهدئة الأجواء.
ويقول إن حزب العمال تجاوز فكرة «الدولة القومية الكردية» التي كانت تؤدي إلى تقسيم تركيا، وهو الآن يسير باتجاه أكثر واقعية.
يرى محمود أن هذه العوامل المتراكمة مع متغيرات إقليمية جديدة أدت إلى عقد المؤتمر الـ12 للحزب واتخاذ قرار إنهاء الكفاح المسلح.
تأثير القرار في سوريا والعراق
يرى محمود أن تأثير القرار يمتد إلى مستويين: الأول أيديولوجي عبر آلاف المؤيدين في المنطقة، والثاني عسكري.
تقول بري إن الحزب كان قوة مؤثرة في كردستان بأربعة أقسام (تركيا، سوريا، العراق، إيران) على المستويات العسكرية والثقافية والإعلامية والسياسية والدبلوماسية.
لكن على الصعيد العسكري، يتفق الخبراء على أن تأثير القرار في سوريا سيكون محدوداً.
يشير محمود إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تمثل قضية سورية بحتة وترتبط بالديناميكيات الداخلية لمحاولة بناء هيكل لامركزي يعترف بحقوق الأكراد ومناطق أخرى.
ويعتقد أن القرار قد يساعد لأن تركيا قد تقلل من اعتبار قسد فرعاً لحزب العمال، مما قد يخفف من التهديدات العسكرية والسياسية ضدها.
ترى بري أن البعض يحاول تشتيت الرأي العام بالقول إن قسد ستنحل أو انتهت، لكنها مرتبطة بملف سوريا والائتلاف الدولي المكون من 76 دولة. ويدعم الائتلاف الدولي الذي تقوده أمريكا قسد منذ 2014.
تضيف أن قسد والمجلس الديمقراطي السوري يسعيان لحل شامل لسوريا عبر نموذج لامركزي أو فيدرالي، يضمن مصالح جميع المناطق والمكونات، بما فيها الساحل والجنوب والمسيحيين.
الوضع في العراق أكثر تعقيداً
يقول محمود إن قوات الحزب في العراق ليست مرتبطة بقضية عراقية بل تُعتبر جزءاً من الصراع مع تركيا، وهي متمركزة في مناطق حدودية مع تركيا داخل إقليم كردستان العراق.
وتأسست قواعد عسكرية للجيش الإيراني في هذه المناطق منذ 25 عاماً لمواجهة هذه القوات. ويضيف: «إذا انسحبت قوات الحزب من هذه المناطق، يجب إغلاق عشرات القواعد العسكرية التركية في الإقليم».
تشير بري إلى وجود أكثر من قاعدة تركية عسكرية في الإقليم، وإن انسحاب القوات التركية منها قد يسمح بعودة نحو 900 قرية نزح سكانها بسبب الحرب.
فيما يؤكد محمود أهمية دراسة وضع منطقة سنجار الخاضعة لسيطرة مجموعات مقربة من الحزب.
إيران وحزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك)
بعيداً عن سوريا والعراق، يشير الخبراء إلى قضيتين أخريين. يتحدث محمود عن إيران، حيث ينشط حزب «حياة كردستان الحرة» (بيجاك) المرتبط بحزب العمال.
يرى أن مستقبل هذا الحزب من أهم القضايا الجيوسياسية والأمنية، وأن تقارب تركيا مع حزب العمال يشكل جزءاً من «المشاورات الجارية بين إيران وأمريكا في المنطقة».
ويضيف أن مصير هذا الحزب لا يزال غامضاً وقد يكون أحد أكثر الملفات تعقيداً في المرحلة القادمة.
أما بري فتؤكد أن تركيا يجب أن تركز على قضاياها الداخلية، مشددة على أن «الوقت قد حان لحل قضية الأكراد بتعديل الدستور التركي ليعكس التنوع الإثني في البلاد، ولتحويل تركيا إلى وطن لكل مكوناتها بأسمائهم الحقيقية في أرضهم التاريخية.»

المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري

استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية

إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى

دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"

رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية

ندوة في المعهد العراقي للحوار (اليابان وفلسطين.. لغز الثقافة والانتصار للمظلومية)

كلمة مدير المعهد العراقي للحوار في مؤتمر حوار بغداد الدولي السادس

تعليقات الزوار