00:00:00
توقيت بغداد
2025يونيو16
الاثنين
32 °C
بغداد، 32°
الرئيسية أخبار نشاطات منتدى بغداد الدولي للطاقة إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

سوريا تبحث عن فرصة في عالم يصدّها

رغم ما أُعلن مؤخراً من خطوات غربية لتخفيف العقوبات الاقتصادية على سوريا، فإن الواقع اليومي للمواطنين السوريين، لا سيما أولئك الباحثين عن فرص للعمل عن بُعد، لا يزال مثقلاً بالقيود والعوائق البنيوية والرقمية.

وكانت المملكة المتحدة قد أزالت أسماء 12 كياناً سورياً من قائمة العقوبات، في خطوة سبقتها أيضاً بإلغاء قيود عن 24 كياناً تعمل في قطاعات النقل والطاقة والخدمات المالية. وعلى الصعيد الأمريكي، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) عن رفع بعض العقوبات، ما اعتُبر مؤشراً أولياً على اعتراف دولي بالتغيرات السياسية التي أعقبت سقوط نظام الأسد.

لكن، بحسب التقرير الذي نشره موقع LA Progressive، فإن هذا التحول لم ينعكس فعلياً على حياة المواطنين، خصوصًا في ملف العمل عن بُعد، حيث لا تزال سوريا خاضعة لعزلة مالية ورقمية خانقة.

عقبات في قلب الانفتاح: البنوك ترفض والسُحُب مغلقة

ورغم تخفيف العقوبات على البنك المركزي السوري، إلا أن العديد من البنوك العالمية ترفض التعامل مع الحسابات السورية، خشية الوقوع في فخ العقوبات المتبقية أو التداخل التنظيمي بين السياسات الأمريكية والبريطانية.

ويقول محمد كمال، شاب سوري يعيش في منطقة حدودية مع تركيا، إنهم يجدون فرص عمل عبر الإنترنت، لكنهم لا يستطيعون الحصول على مستحقاتهم بسبب حظر المنصات مثل "بايبال" و"بايونير".

ويضيف: "أحياناً نلجأ إلى وسطاء، لكنهم يقتطعون عمولات تصل إلى 50%، ما يجعل الأمر غير مجدٍ مادياً".

أما المهندس علي الخطيب، الذي يعمل في مجال تطوير الويب، فيؤكد أن الوصول إلى منصات تقنية مثل GitHub أو GitLab غير متاح، ما يعطل إنتاجيته. كما يشير إلى ظاهرة التمييز في الرواتب، إذ تُعرض عليه وظائف برواتب أدنى لمجرد أنه سوري.

التمييز الرقمي والمهني... وطن بلا منصات

ويبرز التقرير أن المنصات الكبرى مثل Upwork وFiverr ترفض تسجيل السوريين، بسبب قيود "العناوين الجغرافية" أو المخاوف من العقوبات، وهو ما يؤدي إلى إقصاء تلقائي من أسواق العمل الحرة.

علي الخطيب يروي حادثة مؤلمة حين تقدم لوظيفة تطوعية في إحدى المنظمات الدولية، لكنه لم يتلق ردًا بعد المقابلة لمجرد الإفصاح عن جنسيته. يقول: "الكثير منا بات يُخفي جنسيته عند التقديم، فقط للحصول على فرصة تقييم عادلة".

بنية تحتية مهترئة.. وأمل مُعلّق

البنية التحتية لا تقل عرقلةً عن القيود التقنية. يقول محمد كمال: "عشنا سنوات بلا كهرباء أو إنترنت. الآن الوضع أفضل قليلاً في المناطق القريبة من تركيا، لكن لا يزال غير مستقر". ويضيف أن تقطع الكهرباء والانترنت يجعل من تنفيذ أي عمل عن بُعد مهمة شبه مستحيلة.

ويشير التقرير إلى أن هذه العوامل تُجبر الآلاف من السوريين على الهجرة، لا لطلب الأمان فحسب، بل من أجل العمل وكسب الرزق، ما يحرم سوريا من نخبتها المهنية والمهارات الضرورية لإعادة الإعمار.

العقوبات خُففت... لكن الانعزال مستمر

ورغم أن الحكومة السورية الجديدة، بقيادة "هيئة تحرير الشام"، تسعى لتقديم نفسها كشريك دولي يحترم المعايير الجديدة، إلا أن تخوف الدول الغربية من تداعيات التعامل مع الكيانات السورية لا يزال قائماً.

وفي مقابلة مع وزير الخارجية السوري الجديد، أسعد الشيباني، قال: "ورثنا مشاكل كبيرة من النظام السابق، لكن رفع العقوبات الاقتصادية هو شرط أساسي لاستقرار سوريا".

فرصة تاريخية... لا ينبغي تفويتها

يختم محمد كمال حديثه قائلاً: "رفع العقوبات خطوة تاريخية، لكننا لا نزال محاصرين. نحتاج إلى قرارات حقيقية من المجتمع الدولي، ليس فقط على الورق، بل في الواقع الرقمي والمالي. كل فرصة عمل عن بُعد نحصل عليها هي انتصار صغير ضد العزلة المفروضة علينا منذ سنوات".

خلاصة التقرير

رغم الخطوات الدولية التي تشير إلى نهاية مرحلة العقوبات الشاملة، إلا أن السوريين لا يزالون يعانون من تبعات غير مرئية لتلك السياسات، خصوصاً في المجال الرقمي والمالي. ويبدو أن الخروج من الحصار لن يكون ممكناً دون مراجعة شاملة للمنظومات البنكية والتجارية العالمية التي لا تزال تتعامل مع سوريا على أنها "خارج النظام".

تعليقات الزوار