00:00:00
توقيت بغداد
2025يونيو16
الاثنين
31 °C
بغداد، 31°
الرئيسية أخبار نشاطات منتدى بغداد الدولي للطاقة إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

الولايات المتحدة وتحدي الحوثيين: نهاية وهم التفوق العسكري؟

في سابقة استراتيجية لافتة، كشفت حرب محدودة في البحر الأحمر عن خلل عميق في بنية القوة العسكرية الأمريكية، وألقت بظلال الشك على قدرة واشنطن في الحفاظ على تفوقها العسكري في النزاعات غير المتكافئة.

هذا ما تناوله الكاتب السويدي مالكوم كييوني في مقاله المنشور على موقع "UnHerd" البريطاني، حيث قدم شرحاً دقيقاً لفشل الولايات المتحدة في كبح جماح الحوثيين في اليمن، رغم استخدام أدوات الردع الجوي الأكثر تطوراً.

المقال لا يكتفي بوصف المأزق العسكري الأمريكي في البحر الأحمر، بل يذهب أبعد من ذلك، ليحذر من أن واشنطن، التي طالما بنت هيبتها على القدرة السريعة على الحسم من الجو، لم تعد قادرة حتى على إنهاء نزاع مع جماعة مسلحة في واحدة من أفقر دول العالم.

من "حارس الازدهار" إلى "الراكب الخشن": ثلاث مراحل من الفشل

واستعرض الكاتب مراحل الرد الأمريكي، منذ ديسمبر 2023 وحتى مطلع 2025، موضحًا أن كل عملية عسكرية بُنيت على وهم أن القوة الجوية وحدها كافية لكبح الحوثيين.

عملية "حارس الازدهار" (Prosperity Guardian) بدأت كتحالف دولي لحماية الملاحة، لكنه سرعان ما تفكك، فيما استمرت الهجمات الحوثية بوتيرة متصاعدة.

وعملية "رماح بوسيدون" (Poseidon Archer) دشّنت حملة قصف جوية أمريكية-بريطانية، لم تنجح في تحقيق أي أثر رادع.

وعملية "الراكب الخشن" (Rough Rider) في عهد الرئيس ترامب، أُطلقت حملة ضارية استمرت ستة أسابيع بمشاركة مقاتلات شبح وقاذفات بعيدة المدى، لتُعلن واشنطن بعد ذلك أن الحوثيين "استسلموا" – بينما لم يتضمن الاتفاق (بوساطة عمانية) سوى تعهدهم بعدم استهداف السفن الأمريكية، دون إنهاء الحصار البحري أو وقف دعم حماس.

عطب في البنية العسكرية الأمريكية: التفوق الجوي لم يعد كافيا

ويركز المقال على الأبعاد البنيوية لأزمة الردع العسكري الأمريكي، مبيناً أبرز نقاط الضعف: قلة الجاهزية العملياتية لحاملات الطائرات: رغم امتلاك 11 حاملة نووية، إلا أن اثنتين إلى أربع فقط يمكن تشغيلها في وقت واحد بسبب مشاكل الصيانة والطاقم.

الاعتماد على قاذفات "B-2" الشبحية القديمة: لا يمكن تصنيعها مجددًا، والصيانة تتم عبر تفكيك طائرات أخرى، ما يجعلها أصلًا غير قابل للتجديد.

نقص الذخائر الذكية بعيدة المدى مثل صواريخ JASSM، التي يصعب تعويضها، وتشير محاكاة البنتاغون إلى إمكانية نفادها خلال أيام في حال اندلاع نزاع مع قوة كبرى كالصين.

الاعتماد الصناعي على الصين في استيراد المعادن النادرة اللازمة لصناعة الأسلحة الدقيقة، ما يعرض أمريكا لانكشاف حاد في سلاسل الإمداد أثناء الحروب.

تحذير من وهم الحرب ضد إيران

وأحد أخطر استنتاجات المقال التي توصل إليها الكاتب مالكوم كييوني،  أن الولايات المتحدة غير قادرة فعليًا على شن حملة جوية ناجحة ضد إيران، بالنظر إلى: عمق الأهداف الحيوية الإيرانية داخل الجبال، وشبكة دفاع جوي واسعة وفعالة، وصعوبة تكرار نموذج الهجمات المحدودة الناجحة كما حدث في العراق أو ليبيا، والتحديات اللوجستية التي تحول دون تنفيذ عمليات جوية مستدامة في بيئة معادية ومعقدة مثل إيران.

ما بعد الهيمنة العسكرية؟

ويرى مالكوم كييوني أن الفشل الأمريكي أمام الحوثيين لا يجب قراءته كمجرد إخفاق تكتيكي، بل كعلامة على بداية "مرحلة الإفلاس العسكري الأمريكي"، حيث القوة التي لطالما راهنت على السماء لم تعد تملك ما يكفي للهيمنة من الجو.

ويرجّح أن تستمر هذه الحالة في التفاقم ما لم تُراجع واشنطن بنيتها العسكرية، وتعيد تعريف مفهوم الردع في ظل المتغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية. اليمن، في هذا السياق، لم يكن مجرد ساحة قتال، بل "مرآة كاشفة" لأزمة تفوق بدأت تتلاشى.

تعليقات الزوار