00:00:00
توقيت بغداد
2025يوليو13
الأحد
36 °C
بغداد، 36°
الرئيسية أخبار نشاطات إتصل بنا

ترجمة المعهد العراقي للحوار

بريجينسكي... عبقري السياسة الخارجية الذي تنبّأ بشكل العالم اليوم

منذ الحرب العالمية الثانية، احتفظت الولايات المتحدة بمجموعة من نُخب السياسة الخارجية الذين حافظوا على مسافة من الخلافات الحزبية، وركّزوا على تشكيل النظام العالمي.

شخصيات مثل هنري كيسنجر، جورج كينان، روبرت مكنامارا، وجيمس بيكر. لكن بين هؤلاء يبرز زبغنيو بريجينسكي، اللاجئ البولندي الذي فر من ويلات الحرب، ليصبح مستشار الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس جيمي كارتر.

كانت حياة بريجينسكي حافلة بالتاريخ. من ذكريات الطفولة في ألمانيا ومشاهدته صعود النازيين، إلى دوره في تطبيع العلاقات مع الصين، وتقديم المشورة في أزمة الرهائن الإيرانية، ولعب دور محوري في اتفاقيات كامب ديفيد. وكان من أوائل من اعتقدوا أن الاتحاد السوفيتي لا يمكن احتواؤه فقط، بل يمكن هزيمته.

في سنواته الأخيرة، أطلق بريجينسكي تحذيراً: رغم انهيار الاتحاد السوفيتي وازدهار الاقتصاد الأمريكي، إلا أن تراجع القيادة الأمريكية سيشكّل كارثة للولايات المتحدة والعالم.

الصحفية كاتي كاي تحدثت إلى إدوارد لوس، كاتب السيرة الجديدة "زبيغ: نبي القوة العظمى الأمريكية"، الذي شرح لماذا تُعد أفكار بريجينسكي أكثر راهنية في عام 2025.

ما الذي جعل بريجينسكي فريداً؟

لوس يوضح أن نشأته في بولندا بين الحربين العالميتين، وتجربته مع الاحتلالين النازي والسوفيتي، شكّلت رؤيته. ومثل كيسنجر، الذي فقد أقاربه اليهود في الهولوكوست، رأى أن الحضارة الإنسانية هشة، وأن أمريكا ليست بمنأى عن قوانين التاريخ القاسية.

يقول لوس: "حين نرى ما يحدث الآن من انتقامات جيوسياسية، علينا أن نتذكر كم نحن بحاجة لفهم قيمة ما نملكه قبل أن نفقده، تمامًا كالصحة."

نبوءات تحققت

بريجينسكي حذّر مبكراً من الغرور الأمريكي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وأبدى خشيته من فقدان البوصلة الاستراتيجية. في زمن كان فيه الآخرون يحتفلون بـ"نهاية التاريخ"، كان هو يرى في الداخل الأمريكي التهديد الأكبر.

أحد أبرز إنجازاته كان إقناع الصين بالاقتراب من أمريكا في سبعينيات القرن الماضي، ما أدى إلى كسر تحالفها مع الاتحاد السوفيتي. لكن المفارقة، كما يوضح لوس، أن هذا القرار ساعد لاحقاً على صعود الصين لتصبح الخصم الأكبر لأمريكا اليوم.

كما لعب دوراً محورياً في دعم المجاهدين ضد الغزو السوفيتي لأفغانستان، وهو ما ساهم في سقوط موسكو لاحقاً، لكنه فجّر أيضاً صعود الإسلاموية السياسية والجهاد العالمي.

"التاريخ لا يتوقف"

بريجينسكي وكيسنجر كانا يدركان أن التاريخ لا يعرف حلولًا نهائية. كل أزمة تخلق أخرى، وكل استراتيجية تنتهي إلى نتائج غير متوقعة. كانا براغماتيين حدّ الصلابة، يدعوان إلى التعامل مع الواقع، لا الأحلام.

هل لدينا قادة استراتيجيون اليوم؟

يرى لوس أن الجامعات الأمريكية ما تزال تنتج عقولاً ممتازة، لكن السياسة الخارجية باتت أكثر تسيّسًا. لم يعد هناك طلب على مفكرين كبار من طراز بريجينسكي أو كيسنجر. السياسة الخارجية تحوّلت إلى أداة للصراع الحزبي الداخلي.

ماذا عن ترامب؟

يقول لوس إن ترامب لا يحمل "استراتيجية كبرى"، بل يمارس ردود أفعال كبيرة. يرى العالم كغابة، القوي فيها يأكل الضعيف. في نظره، نصف الكرة الغربي هو ملعب أمريكا، وروسيا لها الحق في أوكرانيا، والصين في تايوان.

بريجينسكي، بالمقابل، كان سيحاول إثارة المخاوف الروسية من الصين، للتفريق بين الخصمين. أما ترامب، فبالعكس، وحد بينهما. "في لعبة الشطرنج، من الغباء أن توحد أعداءك، الأفضل أن تُبقي بينهم شكاً متبادلاً".

تعليقات الزوار