00:00:00
توقيت بغداد
2025يوليو13
الأحد
36 °C
بغداد، 36°
الرئيسية أخبار نشاطات إتصل بنا

عاشوراء والرسالة الخالدة للإمام الحسين (عليه السلام)

مع حلول شهر محرّم، أول شهور السنة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم الأربعة، يستحضر المسلمون في أرجاء العالم ذكرى واحدة من أعظم المحطات في تاريخهم الروحي والسياسي: معركة كربلاء، التي جسّدت أسمى معاني الفداء والعدالة والتمسك بالحق.

ففي اليوم العاشر من محرّم (عاشوراء)، عام 680 ميلادي، وقف الإمام الحسين (عليه السلام)، سبط النبي محمد (ص)، بثبات وإصرار في وجه طغيان يزيد بن معاوية، رافضًا مبايعة الحاكم الجائر، في وقتٍ آثر فيه أغلب الناس الصمت والخنوع.

لم يكن الحسين طالب سلطة، بل شهيد مبدأ

في موقفٍ يُجسّد روح الإسلام الأصيلة، اختار الإمام الحسين (ع) طريق الشهادة على الركوع للظلم. فقد خرج من المدينة إلى كربلاء مع أهل بيته وأصحابه – 72 رجلاً وامرأة وطفلاً – وهو يدرك تمامًا أنه يسير نحو الموت، لا النصر العسكري. لكنه اختار البقاء على درب الحق، رافضًا بيع الضمير مقابل النجاة.

حين مُنع عنهم الماء في صحراء كربلاء، وتحت شمس لاهبة، أبدى الإمام وأصحابه صبرًا أسطوريًا. قاتل الإمام حتى الرمق الأخير، متحديًا جيشًا يفوقه عددًا وعتادًا، قبل أن يُسقط شهيدًا وجسده مثخن بالجراح والسهام، بينما بقى صوته مدويًا في ذاكرة التاريخ.

كربلاء: امتدادٌ لتضحية إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)

أن موقف الإمام الحسين (ع) يمثل الامتداد الأعلى لتضحية النبي إبراهيم وولده إسماعيل، الذين قدّما أروع مثال على الامتثال لإرادة الله. لكن هذه المرة، لم يتدخل الله بمعجزة لإنقاذ الحسين، بل شاء أن تكون كربلاء درسًا خالدًا للبشرية جمعاء، في أن طريق الله ليس سهلًا، بل مليء بالاختبارات المؤلمة، والنجاة فيه لمن يصبر ويثبت.

الإمام الحسين فوق المذاهب والطوائف

ان الحسين (ع) ليس ملكاً لطائفة دون أخرى. بل هو قيمة إنسانية جامعة. في كل عاشوراء، تهتز القلوب من مشارق الأرض إلى مغاربها: صدور تُضرب، دموع تُذرف، وصرخة واحدة تُطلق: «لبّيك يا حسين»، وهي دعوةٌ تتجاوز المذهب، وتعانق الضمير الإنساني الحر.

الرسالة الأبدية: الإسلام موقف وشجاعة

ما فعله الإمام الحسين (ع) لم يكن مجرد تضحية فردية، بل بياناً عمليًا بأن الإسلام لا يُباع، ولا يُساوم عليه. فحين يطغى الظلم من الداخل، يجب مواجهته، حتى لو كان الثمن الحياة نفسها. 

كربلاء ليست قصة… إنها منهاج حياة

إن الإمام الحسين (ع) لم يكن باحثاً عن نصر سياسي أو انتقام شخصي، بل مجدداً لوصية جده النبي محمد (ص): «إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر». ولذلك، ستبقى ذكراه حيّة، يتعلم منها الأحرار كيف تكون الكرامة أغلى من الحياة، وكيف تكون السكوت على الظلم خيانة للحق.

تعليقات الزوار