00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر15
الاثنين
10 °C
بغداد، 10°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

اتفاق تجاري جديد بين واشنطن وإسلام آباد... شراكة اقتصادية أم صفقة عابرة؟

في خطوة أثارت اهتمام المراقبين، أعلنت الولايات المتحدة وباكستان عن توقيع اتفاق تجاري جديد يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للاستثمار بين الجانبين. يأتي هذا الاتفاق في وقت حساس، إذ تواجه باكستان ضغوطاً مالية واقتصادية داخلية، بينما تسعى واشنطن إلى توسيع نطاق نفوذها التجاري في جنوب آسيا، وسط منافسة متزايدة مع الصين.

الصفقة: ما هي أبرز بنود الاتفاق؟

بحسب البيان المشترك الصادر عن الحكومتين، يشمل الاتفاق الجديد النقاط التالية:

خفض الرسوم الجمركية على عدد من السلع الأساسية المتبادلة بين البلدين.

تشجيع الاستثمار الأمريكي في قطاعات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا في باكستان.

توسيع برامج التدريب ونقل التكنولوجيا، لا سيما في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.

تسهيل وصول المنتجات الباكستانية إلى السوق الأمريكية، بما يعزز صادرات المنسوجات والمنتجات الزراعية.

ورغم أن الاتفاق لا يُصنف كـ"اتفاق تجارة حرة"، إلا أنه يمهد لتوسيع العلاقات التجارية الثنائية بشكل ملحوظ.

الدوافع السياسية والاقتصادية وراء الاتفاق:

من جهة واشنطن:

الحد من النفوذ الاقتصادي الصيني في باكستان، خصوصاً عبر مبادرة "الحزام والطريق".

احتواء التوسع الروسي-الصيني في جنوب آسيا عبر تقوية علاقاتها مع دول إسلامية محورية.

خلق بدائل تجارية واستراتيجية بعد الانسحاب من أفغانستان.

من جهة إسلام آباد:

تنويع الشركاء الاقتصاديين وتقليل الاعتماد على الصين وصندوق النقد الدولي.

استقطاب الاستثمارات الأجنبية لتحفيز الاقتصاد الذي يعاني من التضخم وضعف النمو.

تحسين صورة البلاد على المستوى الدولي، وتأكيد التزامها بالاستقرار والشراكة الدولية.

هل نحن أمام تحوّل استراتيجي؟

رغم اللغة الإيجابية التي رافقت الإعلان عن الاتفاق، يظل من المبكر الحديث عن "تحوّل استراتيجي" في العلاقة بين البلدين. فالعلاقة بين واشنطن وإسلام آباد كانت دائماً متقلبة، تتأرجح بين التعاون الأمني المشروط والضغوط الاقتصادية. لكن توقيت الاتفاق يشير إلى رغبة متبادلة في إعادة تعريف العلاقة، بعيداً عن الطابع الأمني المحض الذي طغى عليها في حقبة ما بعد 11 سبتمبر.

تحديات محتملة:

المعارضة الداخلية في باكستان، لا سيما من التيارات التي ترى في التقارب مع واشنطن تهديداً للسيادة الوطنية.

ردّ فعل الصين، الشريك التجاري الأول لباكستان، والتي قد ترى في الاتفاق خطوة نحو اصطفاف إسلام آباد مع الغرب.

عدم استقرار المشهد السياسي الباكستاني، واحتمال تغير أولويات الحكومة المقبلة.

الخلاصة:

الاتفاق التجاري الجديد بين الولايات المتحدة وباكستان ليس مجرد صفقة اقتصادية، بل هو مؤشر على محاولات واشنطن لإعادة التموضع في جنوب آسيا. ومع أن الطريق نحو شراكة استراتيجية ما زال محفوفاً بالعقبات، إلا أن الاتفاق يمثل فرصة لكل من إسلام آباد وواشنطن لإعادة بناء علاقة قائمة على المصالح الاقتصادية المشتركة، لا على الضرورات الأمنية فقط.

تعليقات الزوار