ترجمة: المعهد العراقي للحوار
"طريق التنمية" العراقي.. فرصة أم أزمة لإيران؟
في مذكرة لصحيفة "دبلوماسي إيراني"، يكتب أبو الفضل حسيني نيك: "يُعد طريق التنمية العراقي مشروعاً استراتيجياً لا يحمل في طياته تداعيات عميقة لبغداد فحسب، بل للمنطقة بأسرها. وبالنسبة لإيران، فإن هذا المشروع، في حين أنه يوفر فرصاً للمشاركة الاقتصادية والنقل، فإنه يمثل أيضاً تهديداً خطيراً للمكانة الجيوسياسية للبلاد. وفي مثل هذه الظروف، ستكون سياسة عدم التدخل مكلفة."
يُعد مشروع "طريق التنمية" العراقي، الذي يبدأ من ميناء الفاو جنوبي البلاد ويتصل عبر خطوط السكك الحديدية والطرق البرية بتركيا ثم أوروبا، إحدى أهم مبادرات النقل في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. هذا المشروع، الذي تعتبره بغداد العمود الفقري لتنميتها الاقتصادية المستقبلية، يحظى بدعم دول إقليمية مثل تركيا والإمارات وقطر، بالإضافة إلى بعض الأطراف الفاعلة من خارج المنطقة. يبدو أن طريق التنمية العراقي قادر على إعادة تعريف التوازنات الاقتصادية الجيوسياسية في المنطقة. والسؤال الرئيسي هنا هو: ما هي الفرص والتهديدات التي سيحملها هذا المشروع لإيران؟
يُتوقع أن يصبح ميناء الفاو، كنقطة انطلاق للمشروع، أحد أكبر الموانئ في المنطقة، بطاقة استيعابية سنوية تبلغ عشرات الملايين من الأطنان من البضائع. وتسعى العراق من خلال هذا المشروع إلى التحول إلى مركز نقل بين الخليج العربي وأوروبا، وتقليل اعتماده الكبير على صادرات النفط الخام. يبلغ طول المسار المقترح 1200 كيلومتر من السكك الحديدية والطرق البرية التي تربط الفاو عبر الأراضي العراقية بالحدود التركية، ومن هناك بشبكة النقل الأوروبية.
على المستوى السياسي، يُعد هذا المشروع أداة لبغداد لتعزيز مكانتها الدولية وتقليل النفوذ الأحادي للقوى الخارجية على بنيتها التحتية الحيوية. في الوقت نفسه، تعتبر تركيا طريق التنمية مكملاً لسياستها "كمحور نقل"، بينما تسعى دول الخليج، من خلال الاستثمار في هذا المشروع، إلى تنويع مساراتها التجارية.
الفرص والتهديدات لإيران
على الرغم من الطابع التنافسي لمشروع طريق التنمية العراقي، فإن هذا المخطط يحمل في طياته إمكانات لإيران أيضاً. إن ربط شبكات السكك الحديدية في غرب إيران بشكل فرعي بالمسار الرئيسي لهذا الممر يمكن أن يفتح الباب أمام تصدير السلع الإيرانية مباشرة إلى أوروبا ويخفف من ضغط العقوبات.
علاوة على ذلك، فإن خبرة الشركات الفنية والهندسية الإيرانية في مشاريع السكك الحديدية والموانئ، توفر فرصة مناسبة للمشاركة في بناء وتشغيل البنية التحتية لطريق التنمية. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي تطوير هذا الممر إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين، خاصة في مجال تصدير الكهرباء والغاز الإيراني إلى العراق في إطار عقود طويلة الأجل.
إن إضافة مثل هذه القدرات يمكن أن يمكّن إيران من ترسيخ مكانتها كحلقة مكملة في سلسلة ممرات أوراسيا-البحر المتوسط، والاستفادة من ربط طريق التنمية بمشاريع أخرى مثل ممر الشمال-الجنوب أو مبادرة الحزام والطريق الصينية.
ومع ذلك، لا ينبغي تجاهل التهديدات الجيوسياسية والاقتصادية لهذا المشروع على إيران. أولى التداعيات السلبية هي تراجع أهمية مسارات النقل الإيرانية؛ ففي حال نجاح طريق التنمية، فإن جزءاً كبيراً من التجارة من الخليج العربي إلى أوروبا لن يمر عبر إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن العراق، من خلال هذا الممر، سيقلل من اعتماده على المسارات الإيرانية، مما يضعف النفوذ الجيوسياسي لطهران في العلاقات الثنائية.
وفي الوقت نفسه، ستعزز تركيا، كنقطة وصول نهائية لهذا المسار، ودول الخليج، كمستثمرين رئيسيين، مكانتهما الجيوسياسية والاقتصادية في المعادلات الإقليمية، وهو ما قد يؤدي إلى تهميش تدريجي لإيران.
التهديد المهم الآخر هو تداخل هذا المشروع مع مشاريع خارج المنطقة مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، والذي يتجاوز إيران بوضوح ويشكل هيكلاً جديداً لشبكات النقل العالمية دون وجود طهران.
سياسة عدم التدخل مكلفة
يُعد طريق التنمية العراقي مشروعاً استراتيجياً لا يحمل في طياته تداعيات عميقة لبغداد فحسب، بل للمنطقة بأسرها. وبالنسبة لإيران، فإن هذا المشروع، في حين أنه يوفر فرصاً للمشاركة الاقتصادية والنقل، فإنه يمثل أيضاً تهديداً خطيراً للمكانة الجيوسياسية للبلاد. في مثل هذه الظروف، ستكون سياسة عدم التدخل مكلفة. يمكن لإيران، من خلال نهج استباقي يتمثل في الربط الفرعي بالممر، والمشاركة في استثمارات البنية التحتية، وتعزيز مكانتها في الممرات المكملة، أن تمنع التهميش التدريجي لها من شبكة النقل في المنطقة. وخلافًا لذلك، سيزداد خطر تهميش إيران في المنافسة الجيواقتصادية الإقليمية أكثر من أي وقت مضى.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار