00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر15
الاثنين
10 °C
بغداد، 10°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

بقلم زوهـا عزيز

المخاوف العلمية بشأن تغيّر المناخ

من خلال أيدينا نحن جميعاً مسؤولون بالتساوي عن تدمير وطننا الأم، مثل حرق الوقود الأحفوري، الذي يتسبب في تغيّر طويل الأمد في أنماط الطقس المتوسطة على الأرض.

"أمة تدمر تربتها، تدمر نفسها. الغابات هي رئة أرضنا، تنقّي الهواء وتمنح شعبنا قوة جديدة." – فرانكلين روزفلت

الأنشطة البشرية تتسبب في تغيّر المناخ، وهذه بلا شك حقيقة مؤلمة. نحن، من خلال أفعالنا، مسؤولون جميعاً عن تدمير الأرض، مثل حرق الوقود الأحفوري الذي يؤدي إلى تغيّرات طويلة المدى في أنماط الطقس. وهناك العديد من العوامل الأخرى التي تقود إلى نتائج مؤثرة، منها ارتفاع مستويات سطح البحر، وزيادة تواتر وحدة الظواهر المناخية المتطرفة، واضطراب الأنظمة البيئية والنظام الاجتماعي للبشر.

تنبأ العلماء منذ فترة طويلة بأن الغازات الدفيئة التي ينتجها الإنسان ستؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، مما سيزيد من حدة الأضرار الناجمة عن الطقس القاسي. وها نحن نشهد بالفعل آثار ذلك، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وفقدان الجليد البحري، وذوبان الأنهار الجليدية وصفائح الجليد، وموجات حر أكثر كثافة.

ومن بين الآثار المستقبلية المحتملة للتغير المناخي عالمياً: زيادة قوة الرياح والأمطار الناجمة عن الأعاصير المدارية، فترات جفاف أطول في بعض المناطق، واندلاع حرائق غابات أكثر تكراراً. والأخطر أن بعض هذه التغيّرات – مثل الجفاف وحرائق الغابات والأمطار الغزيرة – تحدث أسرع مما قدّره العلماء سابقاً.

ووفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة، فإن هذا الجيل لم يشهد في أي وقت مضى تغيّرات كهذه في مناخ الأرض، وبعض هذه التغيّرات لا رجعة فيها على مدى مئات إلى آلاف السنين.

"الأدلة العلمية قاطعة: تغيّر المناخ تهديد لرفاهية الإنسان وصحة الكوكب. وأي تأخير إضافي في العمل العالمي المنسّق سيضيع النافذة الضيقة التي لا تزال متاحة لتأمين مستقبل قابل للعيش." – الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ.

يحذر العلماء من أن استمرار ارتفاع حرارة المناخ سيزيد من معدلات هطول الأمطار المصاحبة للأعاصير. كما يُتوقع في السنوات القادمة أن تصبح موجات الجفاف والحر أكثر حدة، بينما تقل موجات البرد من حيث الشدة والتكرار. وتشير التقديرات إلى أن المحيط المتجمد الشمالي قد يصبح خالياً من الجليد تقريباً في أواخر الصيف بسبب استمرار ذوبان الجليد البحري.

ورغم أن النماذج العلمية أدوات قوية للتنبؤ بالسيناريوهات المستقبلية، إلا أن هناك عوامل تجعل التنبؤات طويلة الأمد صعبة، مثل: التغيرات الطبيعية في المناخ، النشاط الشمسي، والدورات المحيطية. وتؤكد هذه الشكوك الحاجة لمزيد من البحث لتحسين النماذج ودقتها.

يهدد تغيّر المناخ التنوع البيولوجي بمعدل غير مسبوق. إذ تؤدي درجات الحرارة المرتفعة وأنماط الطقس المتغيرة إلى تغيير المواطن الطبيعية ودفع العديد من الأنواع نحو الانقراض. كما أن انهيار النظم البيئية، مثل الشعاب المرجانية والغابات المطيرة، قد تكون له تبعات واسعة على السلاسل الغذائية وسبل عيش الإنسان.

ورغم تحذيرات العلماء، ما زال التوصل إلى إجماع عالمي بشأن خفض الانبعاثات أمراً صعباً، وتأجيل تنفيذ السياسات يزيد من خطر حبس الكوكب في مستويات أعلى من الاحترار، مما يجعل التكيف أكثر تكلفة وأقل فاعلية في المستقبل.

"تغيّر المناخ لا يحترم الحدود؛ لا يحترم من تكون – غنياً أو فقيراً، صغيراً أو كبيراً. ولذلك فهو تحدٍّ عالمي يتطلب تضامناً عالمياً." – بان كي مون

ولمنع كوكبنا من الاحترار وإنقاذه، علينا جميعاً أن نعمل بروح التضامن كما قال بان كي مون. يجب التحول إلى الطاقة المتجددة مثل الشمسية والرياح والمائية بدلاً من الوقود الأحفوري. من المهم حماية الغابات للحفاظ على التنوع البيولوجي ومصارف الكربون، واستعادة الأراضي الرطبة وأشجار المانغروف لأنها تخزن كميات كبيرة من الكربون وتحمي السواحل. كما ينبغي اعتماد أساليب الزراعة الذكية مناخياً مثل تدوير المحاصيل والزراعة العضوية، وتقليل الاعتماد على البلاستيك أحادي الاستخدام وتعزيز إعادة التدوير، وبناء مبانٍ موفرة للطاقة مع عزل مناسب وأسقف خضراء.

يمكن النظر إلى تقنيات الهندسة الجيولوجية مثل إدارة الإشعاع الشمسي ولكن بحذر شديد. كما أن الهيدروجين الأخضر يعد خياراً أفضل كوقود نظيف. وتساعد الاتفاقيات الدولية مثل "اتفاق باريس" على تحديد أهداف عالمية لخفض الانبعاثات، إلى جانب دعم الأبحاث المناخية للوصول إلى حلول وابتكارات أفضل.

الخلاصة:

تتجاوز المخاوف العلمية بشأن تغيّر المناخ مجرد ارتفاع درجات الحرارة؛ فهي تشمل ذوبان الصفائح الجليدية، فقدان التنوع البيولوجي، الطقس المتطرف، وعدم اليقين في التنبؤ بالآثار المستقبلية. ورغم إحراز تقدم في فهم الأزمة، إلا أن الأدلة المتزايدة تؤكد أن العمل الفوري والجماعي والمستند إلى العلم أمر أساسي.

تغيّر المناخ ليس مجرد قضية بيئية، بل هو تحدٍّ عالمي يتطلب اهتماماً عاجلاً من صانعي السياسات والعلماء والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وعلى المستوى الفردي يمكننا المساهمة من خلال ترشيد استهلاك الطاقة، استخدام الأجهزة الموفرة مثل مصابيح LED والألواح الشمسية، والاعتماد على وسائل النقل المستدامة مثل النقل العام أو المشي أو الدراجات.

كما يمكن المشاركة في حملات التشجير أو البستنة المجتمعية، والتقليل من استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان لخفض انبعاثات الميثان، والأهم من ذلك نشر الوعي عبر تثقيف الآخرين بشأن تغيّر المناخ ودعم السياسات الصديقة للبيئة.

زوهـا عزيز

كاتبة مقالات وباحثة محللة – جامعة الدفاع الوطني، إسلام آباد

تعليقات الزوار