00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر15
الاثنين
10 °C
بغداد، 10°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

بقلم بوشرا إكرام – باحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية (CISS) - ترجمة المعهد العراقي للحوار

الولايات المتحدة وروسيا على حافة سباق أسلحة نووية جديد

تستعد معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (New START)، الاتفاقية الثنائية الوحيدة الباقية بين الولايات المتحدة وروسيا، للانتهاء في 5 فبراير 2026. تم توقيع المعاهدة عام 2010 ودخلت حيز التنفيذ عام 2011، وكانت تغطي نحو 90% من الأسلحة النووية العالمية.

المعاهدة كانت محددة بعشر سنوات مع خيار تمديد لمرة واحدة لخمس سنوات، وقد تم تفعيل هذا الخيار في 2021. لكن بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، تم تأجيل المعاهدة، وبقي وضعها غير متغير حتى اليوم، مما يثير تساؤلات حول مستقبل ضبط الأسلحة بين الدولتين، ويثير مخاوف الخبراء من سباق تسلح جديد على غرار الحرب الباردة.

في 2022، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، علقت روسيا مشاركتها في المعاهدة بسبب الدعم العسكري الأمريكي لكييف، متهمة واشنطن بانتهاك المعاهدة ومحاولة تحقيق هزيمة استراتيجية لها. وذكرت موسكو أن الولايات المتحدة أزالت أكثر من 100 وحدة من أسلحتها الهجومية الاستراتيجية من حسابات المعاهدة دون أي تحقق متبادل، كما لم تسمح لروسيا بالتحقق من منشآتها بينما كانت تسعى لتفتيش المنشآت الأمريكية. وعلى الرغم من تعليق المعاهدة، التزمت الأطراف بالحدود المحددة، إلا أن اللجنة الاستشارية الثنائية التابعة للمعاهدة بقيت غير نشطة، ما أدى إلى تدهور العلاقات في مجال ضبط الأسلحة.

مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية، ظهرت آمال بتخفيف التوتر بين موسكو وواشنطن، خاصة بعد بدء مفاوضات وقف إطلاق النار حول أوكرانيا. في فبراير 2025، أعرب ترامب عن رغبته في استئناف المناقشات حول ضبط الأسلحة مع روسيا، فيما طالب نواب ديمقراطيون وزير الخارجية ماركو روبيو بتجديد معاهدة New START.

وأكد المتحدث باسم موسكو، دميتري بيسكوف، في يناير 2025، رغبة روسيا في استئناف المحادثات بما يخدم مصلحة العالم. ومع ذلك، وبفشل مفاوضات وقف إطلاق النار، يظهر اهتمام أقل من الطرفين بمناقشات ضبط الأسلحة، حيث أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أن الظروف الحالية لا تسمح باستئناف كامل للمعاهدة.

تزامنًا مع هذه التوترات، تعمل كل من الولايات المتحدة وروسيا على تحديث قواتهما النووية ووسائل إيصالها، مما قد يؤدي إلى سباق تسلح جديد. ففي الولايات المتحدة، استثمرت وزارة الدفاع في تحديث أكثر من 200 سلاح نووي حديث، كما أطلق ترامب مشروع الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية" لمواجهة التهديدات الجوية، خصوصًا من روسيا والصين، والذي اعتبره نائب وزير الخارجية الروسي معرقلاً لمحادثات ضبط الأسلحة.

وفي المقابل، قامت روسيا بتطوير برامجها النووية مثل برنامج "أفانغارد" للصواريخ الانزلاقية فرط الصوتية، والصاروخ البحري "بوزيدون"، والصاروخ الباليستي بين القارات "بوريفيستنيك" بقدرات غير محدودة، وأكدت موسكو في 2024 تعديل عقيدتها النووية لتقليل عتبة استخدام السلاح النووي والاحتفاظ بحق الرد على أي هجوم نووي أو تقليدي يهدد سيادتها أو حلفاءها.

كما أثارت التحركات العسكرية الغربية في أوروبا، مثل نشر أنظمة الدفاع الصاروخي Aegis في بولندا وتوسيع فرنسا للغطاء النووي الأوروبي، قلق موسكو، التي نشرت صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا وأعلنت عن صواريخ فرط صوتية متوسطة المدى قادرة على الوصول إلى كامل أوروبا. بالإضافة إلى التخلي عن وقف العمل الأحادي بمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى (INF)، في ظل تحركات نووية أمريكية مماثلة.

مع انتهاء معاهدة New START وعدم وجود آليات متابعة قانونية، قد يؤدي الوضع إلى زيادة كبيرة في الترسانات النووية لكل من الولايات المتحدة وروسيا، مما يعيد سباق تسلح على غرار الحرب الباردة. ولتحقيق سلام مستدام، يجب استئناف المحادثات الرسمية بين واشنطن وموسكو لبناء نظام جديد وشامل للحد من الأسلحة.

 

الكاتب: بوشرا إكرام – باحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية (CISS)، إسلام آباد

 

تعليقات الزوار