00:00:00
توقيت بغداد
2025نوفمبر08
السبت
31 °C
بغداد، 31°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

انسحاب حزب العمال الكردستاني من تركيا.. نهاية صراع أم بداية فصل جديد في العراق؟

في تطور وُصف بالتاريخي، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) انسحابه الكامل من الأراضي التركية بعد أكثر من أربعين عاماً من القتال ضد أنقرة، في خطوةٍ تمثّل نهاية رسمية لمرحلة طويلة من الصراع المسلح الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وغيّر ملامح الأمن والسياسة في المنطقة.

القرار الذي جاء بعد سلسلة من المفاوضات غير المعلنة وتحت رعاية قنوات وساطة متعددة، اعتُبر في تركيا إنجازاً لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، التي وصفت العملية بأنها ثمرة لـ«خطة تركيا الخالية من الإرهاب». غير أن هذا التحوّل يفتح في المقابل الباب أمام أسئلةٍ جديدة تتعلق بتداعياته على العراق وكردستان وسوريا، حيث لا يزال للحزب وجود عسكري وسياسي فاعل.

قنديل في الواجهة من جديد

بحسب تقارير ميدانية، بدأ مئات المقاتلين بالانسحاب من مواقعهم داخل الأراضي التركية باتجاه جبال قنديل شمالي العراق، حيث تُعدّ المنطقة المعقل الرئيسي للحزب منذ التسعينيات.

ويقول مراقبون إن هذا التحرك سيُعيد تسليط الضوء على ملف وجود الحزب داخل الإقليم، وهو ملف شائك طالما أثار توترات بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان.

ففي حين يتبنى الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) موقفاً متحفظاً تجاه حزب العمال ويعتبره عامل توتر دائم مع تركيا، فإن الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK)، المقرّب من إيران، يُتهم أحياناً بالتساهل مع وجود الحزب داخل مناطقه، خصوصاً في السليمانية ومحيطها.

توازنات إقليمية دقيقة

يرى الخبير في الشؤون الكردية كمال مزهر أن «انسحاب الحزب من تركيا لا يعني نهاية دوره الإقليمي، بل بداية إعادة تموضعه في مناطق نفوذه التقليدية داخل العراق».

ويضيف أن «أنقرة قد تسعى الآن إلى توسيع عملياتها في شمال العراق، بحجة ملاحقة عناصر الحزب المنسحبين، وهو ما قد يضع بغداد وحكومة الإقليم في موقف حرج بين حماية السيادة واحتواء التوتر مع تركيا».

أما المحلل الأمني أحمد شهاب فيؤكد أن «التحوّل الحالي قد يفتح نافذة تفاوض جديدة بين تركيا والأكراد السوريين، لأن أنقرة ربطت دائماً مصير قوات سوريا الديمقراطية (SDF) بارتباطها الفكري والعسكري مع الـPKK»، مشيراً إلى أن «تخلي الحزب عن الكفاح المسلح في تركيا قد يضعف مبررات الهجمات التركية في سوريا والعراق على حد سواء».

ارتدادات على الداخل العراقي

من الناحية العراقية، يُتوقع أن يكون للانسحاب تأثير مزدوج. فمن جهة، قد يتيح تخفيف التوتر على الحدود الشمالية وعودة آلاف المدنيين إلى قراهم المدمّرة بفعل الصراع. ومن جهة أخرى، قد يُثير خلافات داخل الإقليم بين القوى الكردية حول كيفية التعامل مع المقاتلين العائدين ومصير السلاح المنتشر في الجبال.

ويشير الباحث السياسي هيوا علي إلى أن «العراق يملك فرصةً نادرة لتسوية هذا الملف أمنياً عبر اتفاق مشترك مع أنقرة وأربيل، يضمن خروج الحزب تدريجياً من مناطقه مقابل ضمانات سياسية وإنسانية للمقاتلين».

نهاية حرب.. وبداية معادلات جديدة

رغم أجواء التفاؤل التي رافقت الإعلان، إلا أن الطريق نحو سلامٍ دائم لا يزال طويلاً. فأنقرة، التي تعتبر الحزب منظمة إرهابية، لن تكتفي بانسحابه من أراضيها ما لم يُعلن تخليه الكامل عن نشاطه العسكري في العراق وسوريا أيضاً.

وفي المقابل، يخشى قادة الحزب من أن يتحول هذا الانسحاب إلى «استسلام سياسي» يُفقدهم مكانتهم داخل الحركة الكردية الأوسع في المنطقة.

وبين ضغوط أنقرة وحسابات قنديل، يبدو أن المشهد الكردي يدخل مرحلة إعادة هندسةٍ داخلية، ستتضح معالمها في الشهور المقبلة مع اقتراب الانتخابات العراقية وتزايد التنافس بين أربيل والسليمانية على إدارة العلاقة مع الجارين، تركيا وإيران.

تعليقات الزوار