00:00:00
توقيت بغداد
2025نوفمبر08
السبت
31 °C
بغداد، 31°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

الملوحة والتعرية تهددان المواقع الأثرية في بلاد الرافدين

تشهد المدن التاريخية في جنوب العراق، مهد الحضارة السومرية، خطراً متزايداً بسبب تغيّر المناخ وارتفاع ملوحة التربة، ما يهدد معالم أثرية عمرها آلاف السنين بالاندثار. ويحذر مسؤولون وخبراء آثار من أن الجفاف وتدهور النظام البيئي في حوض دجلة والفرات يعجّلان بتآكل إرث حضاري يُعدّ من أقدم ما عرفته البشرية.

ووفقاً لتقرير نشرته وكالة رويترز، فإن الظروف المناخية القاسية، المتمثلة بارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات الأمطار، أدّت إلى زيادة ملوحة التربة في مناطق الجنوب، وهو ما تسبب بتآكل الأبنية الأثرية في مدن مثل أور وبابل، اللتين تمثلان ركائز التراث الرافديني القديم.

زقّورة أور تحت تهديد الرمال

في محافظة ذي قار، حيث تقع مدينة أور التاريخية، تتعرض زقّورة أور – المعبد المدرّج الذي بُني قبل أكثر من أربعة آلاف عام تكريماً للإله نانا (إله القمر) – لتدهور متسارع على الجهة الشمالية نتيجة زحف الكثبان الرملية.

وأوضح عالم الآثار عبد الله نصر الله من دائرة آثار ذي قار أن الرياح والرمال المتحركة تسببت بتآكل الطبقات العليا من الزقّورة، مضيفاً أن “الطبقة الثالثة كانت قد تضررت سابقاً بسبب عوامل الطقس، والآن بدأت التعرية تطال الطبقة الثانية”.

تملّح الطين يهدد مقبرة أور الملكية

وتواجه المقبرة الملكية في أور، التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني ليونارد وولي في عشرينيات القرن الماضي، خطر الانهيار بفعل تراكم الأملاح داخل الطابوق الطيني الذي بُنيت به.

وقال الدكتور كاظم حسّون، مفتش دائرة الآثار في ذي قار، إن “الترسبات الملحية الناتجة عن الاحتباس الحراري دمّرت أجزاء مهمة من المقبرة، وإذا استمر الوضع على حاله، فإن الجدران الطينية ستنهار كلياً”.

ويُعد ارتفاع نسبة الملوحة في جنوب العراق نتيجة مباشرة للجفاف الطويل الأمد وارتفاع درجات الحرارة، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات قبل المصب في الخليج العربي.

بابل تحتاج إلى إنقاذ عاجل

أما مدينة بابل الأثرية الواقعة على ضفاف الفرات، فهي تعاني بدورها من أضرار متزايدة بفعل التغير المناخي وسوء عمليات الترميم السابقة.

وقال الدكتور منتصر الحسناوي، المدير العام لوزارة الثقافة والسياحة العراقية، إن “نقص التمويل يشكل العائق الأكبر أمام خطط الترميم، رغم أن الحاجة أصبحت ملحّة لحماية هذه المواقع الفريدة”.

وأوضح الحسناوي أن مواد البناء الأصلية في بابل كانت مأخوذة من أراضٍ منخفضة الملوحة، ما جعلها أكثر مقاومة للعوامل البيئية في الماضي، لكن “عمليات الترميم غير الدقيقة في العقود الماضية جعلت البنى أكثر هشاشة أمام الملوحة الحالية”.

إرث حضاري في مهبّ التغير المناخي

تتعرض المواقع الأثرية العراقية منذ عقود إلى تهديدات متلاحقة، من الحروب إلى أعمال النهب، وصولاً إلى تأثيرات المناخ القاسي الذي يعيد رسم ملامح البيئة في بلاد الرافدين. ومع تزايد الملوحة والتعرية، يحذر الخبراء من أن ضياع هذه المعالم سيعني خسارة جزءٍ من ذاكرة الإنسانية التي وُلدت على ضفاف دجلة والفرات.

تعليقات الزوار