بعد هجوم "بنيامينا".. حزب الله بدأ يتعافى
شكلت الضربة التي شنها حزب الله اللبناني الليلة الماضية بطائرة مسيرة على معسكر تدريب للواء جولاني التابع للقوات البرية الإسرائيلية بمدينة بنيامينا جنوبي حيفا، مساراً جديداً في هذه الحرب التي دخلت عامها الثاني، كما أنها أجبرت المؤسسة العسكرية في تل أبيب على الاعتراف بأن "حزب الله بدأ يتعافى رغم الضربات وحجم الاغتيال في صفوف قادته".
وعلّق رئيس شعبة العمليات السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يسرائيل زيف، على ما وصفها بـ"كارثة قاعدة لواء غولاني"، مؤكداً "إن حزب الله بدأ يتعافى رغم الضربات التي تلقاها".
وبحسب صحيفة "معاريف" العبرية، اليوم الاثنين، ضربت طائرة مسيرة تابعة لحزب الله غرفة الطعام في قاعدة لواء غولاني بالقرب من منطقة بنيامينا جنوبي حيفا، مما أودى بحياة أربعة جنود، كما أصيب 60 جنديًا في الحادثة، بينهم حالات خطيرة.
وقال زيف: "أعتقد أننا في مرحلة بدأ فيها حزب الله بالتعافي. فالتنظيم وصل إلى مرحلة يعمل فيها وفق اللامركزية التي بُني عليها، أو أنه قادر على التعافي رغم الضربات التي تلقاها. وهذا يثير السؤال الأهم: إلى أين نتجه من هنا؟".
وأشار إلى أنه "حتى مع ما تبقى لحزب الله، فإن التنظيم قادر على جر إلى حرب استنزاف دموية ومؤلمة لفترة طويلة، وهذا إنجاز عظيم، لذلك يجب عدم التعامل معه باستخفاف. إذا كان الهدف حقًا هو إعادة السكان إلى منازلهم، أعتقد أنه ينبغي توضيح الأمر، لأنهم في الوضع الحالي لن يعودوا قريبًا. نحن في حرب مفتوحة في قطاع غزة، والأمر يتعلق بتركيز القوة. فعندما يتم تركيز القوة في العديد من الساحات، يصبح من الصعب اتخاذ القرار".
وتابع: "على إسرائيل أن تتخذ قرارًا واضحًا بشأن ما تطمح إليه وتسعى لتحقيقه. فإذا أرادت التوغل البري، فلا يمكن القيام بذلك في ساحتين مفتوحتين، فهذه ليست مسألة بسيطة. النقطة الثانية هي الاستفادة من اللحظة الحالية، عندما لا يزال لديك اليد العليا بشكل كبير".
وأكد: "رغم أن التنظيم يطلق النار علينا، إلا أنه في أصعب مواقفه، ويحاول اتباع تحرك سياسي ليس من المؤكد نجاحه. لذلك ينبغي منحه فرصة لتواجد الجيش اللبناني في الجنوب، ولن يستغرق الأمر يومًا أو يومين".
وأضاف: "يجب اتخاذ قرارات صائبة، لأننا قد ننتهي في حرب ليس لها مخرج. كل هذه التنظيمات تتبع النظام الإيراني، والهجوم على حزب الله هو هجوم خطير على إيران"، بحسب الجنرال السابق يسرائيل زيف.
واختتم قائلاً: "فيما يتعلق بالرد الإسرائيلي على إيران، فمن المهم للغاية بالنسبة للأمريكيين ألّا نتخذ أي إجراء قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق قبل الانتخابات الرئاسية. ومن ناحية أخرى، يجب على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار أنه بعد الانتخابات هناك، التي تبدأ في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، سيكون أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن ثلاثة أشهر يتحرر فيها من القيود. فهو لا يريد أن يترك طاولة مفتوحة خلفه".
وضع صعب
بدوره، علق رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي على الهجوم، واصفاً "الوضع بالصعب"، وقال: "نحن في حالة حرب، والهجوم الذي استهدف قاعدة تدريب في العمق كان صعبًا ونتائجه مؤلمة، ولكنني أُثني على جهودكم في علاج وإجلاء الجرحى والمصابين".
إخفاق القيادة
وطرحت صحيفة "معاريف" العبرية، يوم الاثنين، عدة تساؤلات حول الهجوم على قاعدة لواء "غولاني"، وأكدت الصحيفة على ضرورة أن يقوم الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق عاجل لمعالجة القصور الواضح الذي أظهره القادة المسؤولون عن هذا الفشل الكبير.
وتساءلت الصحيفة عن سبب عدم تقليص عدد الجنود في قاعدة تدريب لواء "غولاني" وما الذي أدى إلى عدم تفعيل أي من أجهزة الإنذار قبل وقوع الحادث؟
وأوضحت الصحيفة أن هناك سلسلة من الإخفاقات والأسئلة الصعبة التي تلت الحادثة، والتي أسفرت عن مقتل أربعة جنود وإصابة أكثر من خمسين، من بينهم سبعة في حالة خطيرة.
وأضافت أن الجيش الإسرائيلي فشل في الحادثة بطرق عدة، بدءًا من اكتشاف الطائرة المسيرة وعدم القدرة على اعتراضها، مرورًا بعدم تحذير الجنود والجمهور من دخول الطائرة المسيرة إلى المجال الجوي الإسرائيلي، وصولًا إلى عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب تجمع عدد كبير من الجنود في مكان واحد.
وأكدت الصحيفة على أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يجري تحقيقًا شاملًا، وأن يتحمل المسؤولية القادة الذين تسببوا في هذا الفشل، مشيرة إلى أن الفشل لم يكن على مستوى التنفيذ فقط، بل على مستوى القيادة أيضًا.
وفي تفاصيل الحادثة، أوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي اكتشف في البداية وجود طائرتين مسيرتين تحلقان من لبنان باتجاه إسرائيل قرب سواحل نهاريا، وحاول سلاح الجو اعتراض إحداهما باستخدام طائرات مقاتلة، إلا أن المحاولة فشلت واختفت الطائرة المسيرة من أنظمة الرصد التابعة للقوات الجوية.
وتساءلت الصحيفة عن سبب عدم إصدار قيادة الجبهة الداخلية تحذيرًا واسع النطاق لسكان المنطقة، كما تساءلت عن سبب فشل سلاح الجو في اعتراض الطائرة المسيرة.
وأضافت أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت قيادة الجبهة الداخلية قد بدأت بالفعل في تنفيذ ما يُعرف بـ"اقتصاد الإنذار"، وما هو المنطق وراء هذه الخطوة.
كما انتقدت الصحيفة سلوك الجيش الإسرائيلي في الميدان، خصوصًا داخل القواعد العسكرية، مشيرة إلى وجود فشل قيادي واضح من جانب قادة لواء "غولاني".
وتساءلت عن سبب عدم تقليص عدد الجنود في قاعدة التدريب، ولماذا لم يتم نقلهم إلى أماكن التدريب الأخرى؟
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي كان قد اتخذ إجراءات خلال فترة تفشي وباء كورونا، من خلال بناء "كبسولات" لعزل الجنود عن بعضهم البعض كإجراء احترازي، وطبّق هذه الإجراءات في عدة وحدات، بما في ذلك قواعد التدريب.
كما تساءلت الصحيفة أيضًا عن سبب تجمع هذا العدد الكبير من الجنود في قاعة الطعام بالقاعدة، ولماذا لم يتم تقسيمهم إلى مجموعات أصغر لتقليل المخاطر.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن ما حدث ليس نجاحًا لحزب الله بقدر ما هو فشل جسيم للجيش الإسرائيلي في عدد من المجالات: الجوية والبحرية والبرية.
إيران تعتبرها البداية
من جانبه، أعتبر عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني والقائد السابق للحرس الثوري الجنرال محسن رضائي، الاثنين، الضربة، بأنها "بداية العمليات العسكرية".
وكتب محسن رضائي في تغريدة له عبر حسابه في منصة "إكس"، "حزب الله بدأ الآن عملياته العسكرية الحربية وأيام صعبة تنتظر الصهاينة".
وأوضح "بعد مواجهة موجة من الاغتيالات، استعاد حزب الله تنظيمه القتالي، والآن بدأت آلة الحرب التابعة لحزب الله، والأيام الصعبة تنتظر الصهاينة".
تعليقات الزوار