داعش يتوسع في القرن الإفريقي.. هل تفشل جهود المواجهة؟
ذكرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير حديث أن تنظيم داعش يوسّع نشاطه في إقليم بونتلاند الصومالي، مما يثير مخاوف من تنامي نفوذه في منطقة شرق إفريقيا التي تعاني من اضطرابات أمنية متزايدة.
في الوقت الذي ركزت فيه الجهود الأمنية في الصومال على محاربة حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، استغل تنظيم داعش هذا الانشغال لتعزيز وجوده في المناطق الجبلية الوعرة بإقليم بونتلاند، حيث يتمركز مئات المقاتلين المسلحين.
وفقًا لمسؤولين أمنيين، يعتمد التنظيم في تمويله على الابتزاز وتهريب الأسلحة والمخدرات، مستغلاً الممرات البحرية الاستراتيجية في القرن الإفريقي، مما يعزز قدرته على تنفيذ هجمات إرهابية داخل الصومال وخارجها.
وفي الأشهر الأخيرة، تبنى تنظيم داعش عدة اغتيالات وتفجيرات استهدفت مسؤولين حكوميين وشخصيات بارزة، الأمر الذي أثار قلق المجتمع الدولي بشأن تصاعد خطر الإرهاب في المنطقة.
قلق دولي وتحركات لمواجهته
وتسعى الحكومة الصومالية بدعم من القوات الأمريكية وقوات الاتحاد الإفريقي إلى احتواء تهديد داعش في بونتلاند، إلا أن الطبيعة الجغرافية الصعبة للإقليم تجعل من الصعب القضاء على هذه الجماعة المتطرفة بشكل كامل.
فهل يصبح إقليم بونتلاند نقطة انطلاق جديدة لتنظيم داعش في إفريقيا؟ هذا السؤال يثير قلق الحكومات الإقليمية والدولية، في ظل تنامي قدرات التنظيم وتعقيد المشهد الأمني في الصومال.
وشنت قوات إقليم بونتلاند، الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال شرق الصومال، هجومًا واسعًا ضد تنظيم الدولة (داعش) في المنطقة. ووفقًا لمسؤولين محليين، تمكنت القوات من استعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم خلال الأسابيع الأخيرة.
يُذكر أن تنظيم الدولة في الصومال بدأ نشاطه في 22 أكتوبر 2015، عندما أعلن الجهادي السابق في حركة الشباب، عبد القادر مؤمن، ولاءه لأبو بكر البغدادي، مؤسسًا ما يُعرف بـ"الدولة الإسلامية في الصومال".
في سياق متصل، أفادت تقارير بأن التنظيم شن هجمات على قواعد عسكرية في بونتلاند باستخدام سيارات ودراجات نارية مفخخة، في محاولة لاستعادة المناطق التي خسرها.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الجهود المحلية والدولية للقضاء على نفوذ التنظيم في المنطقة، حيث شنت القوات الأمريكية غارات جوية استهدفت قادة بارزين في التنظيم بجبال غوليس، مما أسفر عن مقتل عدد منهم.
وتُعد هذه العمليات جزءًا من الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار في بونتلاند ومناطق أخرى من الصومال، والحد من تهديدات التنظيمات المتطرفة التي تسعى لتوسيع نفوذها في القرن الأفريقي.
وفقًا للقيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، أصبح الفرع الصومالي مركز العمليات والتمويل الجديد لتنظيم الدولة الإسلامية. وتشير تقديرات المسؤولين المحليين إلى أن عدد مقاتليه يصل إلى نحو 1000 عنصر. وقد تدفق عدد كبير من المقاتلين الأجانب إلى الصومال، ما أدى إلى تشكيل قوة قوية تهدد الآن الأهداف الغربية. كما أصبح التنظيم في الصومال مصدرًا رئيسيًا لتمويل فروع أخرى لتنظيم الدولة الإسلامية حول العالم، والتي قتلت آلاف الأشخاص، بمن فيهم جنود أمريكيون، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
معركة بدون دعم دولي
يقع عبء مواجهة هذا التهديد المتنامي على عاتق قوات بونتلاند، المنطقة شبه المستقلة والفقيرة في واحدة من أضعف الدول في العالم. ويخوض جنود بونتلاند معركة مستمرة وطويلة الأمد لها تداعيات دولية كبيرة، لكنهم يخوضونها دون دعم غربي.
بعد أكثر من شهر من أكبر هجوم عسكري تشنه قوات بونتلاند ضد التنظيم، يقول المسؤولون هناك إنهم استعادوا حوالي 50 موقعًا وقاعدة صغيرة تابعة للتنظيم وقتلوا أكثر من 150 مقاتلًا، معظمهم أجانب. لكن الخسائر في صفوفهم تتزايد، ويخشى المسؤولون من مدى قدرتهم على الاستمرار في القتال.
زار مراسلو "واشنطن بوست" ساحة المعركة المتوسعة في بونتلاند، بما في ذلك كهوف تابعة لتنظيم الدولة تم اكتشافها مؤخرًا، وأجروا مقابلات مع منشقين أسرى قالوا إنهم أُجبروا على الانضمام إلى التنظيم، كما تحدثوا إلى مسؤولين صوماليين وأمريكيين وراجعوا أدلة جمعت من هواتف وأجهزة طائرات مسيرة مصادرة.

إعادة التنظيم بعد انهيار "الخلافة"
ويكشف التحقيق كيف تمكن تنظيم الدولة من إعادة تجميع صفوفه في هذه المنطقة على مدار العقد الماضي بعد فقدانه "الخلافة" المعلنة في الشرق الأوسط.
في الأول من فبراير، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتنفيذ أول ضربة جوية في عهده ضد قادة بارزين لتنظيم الدولة في شمال الصومال. وأفاد مسؤول استخباراتي أمريكي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أن الضربة استهدفت خلية مسؤولة عن تخطيط هجمات خارجية، بما في ذلك ضد المصالح الأمريكية وحلفائها.
بروز عبد القادر مؤمن كزعيم عالمي للتنظيم
انشق تنظيم الدولة في الصومال عن حركة الشباب عام 2015، ويقود التنظيم زعيمه السري الملتحي بالحناء، عبد القادر مؤمن، الذي تعتبره الولايات المتحدة اليوم "الخليفة العالمي" لتنظيم الدولة. وعلى عكس حركة الشباب، لم يركز التنظيم على السيطرة على الأراضي داخل الصومال، بل كانت طموحاته أكبر، حيث أنشأ مركزًا للإرهاب الدولي في جبال ميسكاد عند أقصى نقطة في القرن الإفريقي.
في البداية، حصل الفرع الصومالي على تمويل من العراق وسوريا، لكنه سرعان ما أنشأ مصادر تمويله الخاصة، حيث جنى ملايين الدولارات سنويًا من خلال ابتزاز الشركات المحلية، وإحراق ممتلكات من رفضوا الدفع.

شبكة تمويل عالمية
أنشأ مكتب "الكرار"، وهو المكتب المالي الإقليمي لتنظيم الدولة في الصومال، مركزًا يضخ الأموال للمقاتلين في مناطق متعددة، بما في ذلك تركيا وجنوب إفريقيا، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ومحققين من الأمم المتحدة.
وفي يناير 2023، قتل عناصر من القوات الخاصة الأمريكية الممول البارز لتنظيم الدولة، بلال السوداني، في غارة على مجمع كهوف في شمال الصومال. وكان السوداني قد أرسل أموالًا إلى فرع خراسان، المسؤول عن تفجير مطار كابول عام 2021، الذي أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا و170 أفغانيًا على الأقل.
تكتيكات جديدة مميتة
استخدم التنظيم تكتيكات متطورة، منها الطائرات المسيرة الانتحارية، والقناصة بعيدة المدى، والقنابل. وفي العام الماضي، تمكن مقاتلو التنظيم من هزيمة حركة الشباب بعد معركة دموية استمرت أكثر من عام، ما أدى إلى توسيع سيطرتهم في بونتلاند.
لكن الهجوم العسكري الجديد، الذي كان قيد الإعداد لعدة أشهر وأُطلق في 2 يناير، تأخر بسبب محاولات بونتلاند الحصول على دعم دولي، بما في ذلك من الولايات المتحدة. لكن التغيير السياسي في واشنطن أعاق المفاوضات، وجمدت إدارة ترامب تمويل العمليات الخارجية، ما عقد الأمور أكثر.
مقاتلون أجانب وأساليب تجنيد معقدة
تضم سجون بونتلاند أكثر من عشرة رجال يقولون إنهم خُدعوا للانضمام إلى التنظيم. بعض رواياتهم كانت مشكوكًا فيها، مثل رجل يمني أُلقي القبض عليه أثناء محاولته تفجير نقطة تفتيش في مدينة بوصاصو الساحلية.
وتكشف التحقيقات أن المقاتلين الأجانب قدموا من دول عدة، منها المغرب وتونس والسعودية وإثيوبيا، وسافروا عبر عدة دول قبل أن يصلوا إلى الصومال.
معركة في الجبال - وأدلة جديدة
وخلال جولة لمراسلين مع قوات بونتلاند في مواقع استُعيدت مؤخرًا، ظهر ما يشبه ورشة تصنيع داخل كهف جبلي، حيث وجدت أدوات وقطع سيارات متناثرة في عدة غرف منحوتة في الجبل، مدعمة بالإطارات والإسمنت. كما اكتُشفت طرق تم إنشاؤها خصيصًا للوصول إلى قواعد التنظيم، وهو دليل على مستوى التنظيم الذي وصل إليه.
وفي مقر القيادة، عرض الضباط هواتف محمولة مصادرة، بعضها أظهر معاملات مالية ضخمة وصلت إلى 180 ألف دولار، واتصالات دولية شملت أرقامًا في الولايات المتحدة ومنغوليا.

معركة بلا حلفاء
يقول كبار الضباط في بونتلاند إنهم استنزفوا كل ما لديهم في المعركة ضد تنظيم الدولة، حتى إن وزير الأمن الداخلي حاضر بنفسه في قاعدة العمليات المتقدمة، لكنه يؤكد أن الدعم الدولي ضروري.
ورغم عدم رغبة بونتلاند في وجود قوات أجنبية على الأرض، إلا أنهم يحتاجون إلى معدات مثل أجهزة التشويش على الطائرات المسيرة، وكاشفات المتفجرات، وأجهزة الرؤية الليلية، كما أوضح الجنرال عبد الرحمن محمد جامع، قائد قوات الشرطة البحرية في بونتلاند.
وقال الرئيس سعيد عبد الله ديني: "نحن نحارب حربًا عالمية وحدنا"، مشيرًا إلى أن الحكومة الصومالية لا تقدم أي دعم لقواته.
تصعيد المعركة
مع دخول القتال مراحل أكثر دموية، تواجه قوات بونتلاند تحديات هائلة، حيث شن التنظيم هجمات انتحارية استهدفت القوات الحكومية، فيما استمرت الضربات الجوية المحدودة من الإمارات. ولا تزال المعركة قائمة، وسط مناشدات للحصول على دعم دولي لمواجهة هذا التهديد العابر للحدود.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار