
على هامش حوار بغداد الدولي السابع واشنطن بوست تجري حواراً مع الرئيس العراقي
أجرى "تيم قسطنطين" الكاتب الصحفي في صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية مقابلة مع الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد وذلك على هامش حوار بغداد الدولي السابع والذي أقامه المعهد العراقي للحوار يومي ٢٢-٢٣ شباط ٢٠٢٥ بمشاركة خبراء وباحثين من 22 دولة.
وتناولت المقابلة مناقشة الوضع الراهن للعراق وعلاقته الحالية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى فصول التاريخ العراقي المضطرب، منذ ستينيات القرن الماضي مرورًا بعهد صدام حسين وغزو العراق حتى ظهور تنظيم "داعش"، وصولاً إلى مرحلة إعادة بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية.
كما تمت مناقشة آفاق الاستقرار السياسي والاقتصادي للعراق، والتحديات التي تواجهها الدولة في ظل العلاقة المتطورة مع القوى الإقليمية والعالمية، خاصة الولايات المتحدة، التي لطالما كانت محور السياسة الخارجية في الشرق الأوسط.
فيما يلي نص محادثتنا، الذي تم اختصارها تفادياً للإسهاب لكن فيما عدا ذلك دونت حرفياً:
تيم قسطنطين: السيد الرئيس، أشكرك على الجلوس معي. أجريت مناقشة طاولة مستديرة الليلة الماضية مع رئيس المحكمة العليا. تحدثت عن أن نظام المحاكم ليس مثالياً. لكنني أشرت إلى أنه إذا أخذت لمحة عن نظام المحاكم في عام 2000، عندما كان صدام لا يزال هناك، واخدت لمحة عما هو عليه في الوقت الراهن، سيبدو الأمر مثيراً للدهشة.
الرئيس عبد اللطيف رشيد: لا مجال للمقارنة. لا مجال للمقارنة. ليس هذا فحسب. حسناً، لا يزال لدينا الكثير من المشاكل في العراق، ولكن الحرية، والتعبير، وحقوق الإنسان، والحقوق القومية، وحقوق الجنسية، والحقوق الدينية، كلها حقيقة واقعة الآن في العراق، أعتقد أنها، في العراق، أفضل من العديد من البلدان الأخرى.
السيد قسطنطين، لقد مر العراق بحقبة عصيبة. لم تكن في عهد صدام حسين فحسب. أتذكر منذ ستينيات القرن الفائت كان العراق في صراع دائم تقريباً. في المقام الأول، صراعات داخلية بين الكورد والحكومة المركزية. ثم تغير النظام. ثم، في الحقيقة، جاءت ذروة الدكتاتورية عندما استولى صدام على السلطة. لقد عانينا من الدكتاتورية لمدة طويلة من الزمن. لا انتخابات؛ لا حرية تعبير؛ لا حرية مقال؛ لا حرية حتى في الحركة في العراق. ثم عانينا من مدة طويلة من الحرب بين العراق وإيران. وعانى الجميع. حياة الانسان، وتدمير البنية الأساسية، وتدمير القوة العسكرية. استمر ذلك لمدة ثمان سنوات. إنها حقبة طويلة جداً من الزمن للعيش تحت وطأة الهجمات والحرب. بعد ذلك، كما تعلمون، كان غزو الكويت.
تحدينا، مرة أخرى، المجتمع الدولي. تحدى العراق المجتمع الدولي. وقد أدى ذلك، مرة أخرى، إلى معاناة الشعب العراقي. ثم تحدينا بعد ذلك، المجتمع الدولي بسبب امتلاك أسلحة الدمار الشامل وتجاهل قرارات الأمم المتحدة وعمليات التفتيش.
ثم جاءت قوات التحالف، أسميها قوات التحالف، إلى العراق. كنا نعتقد أن هذا سيكون نهاية الأمر. ولكن للأسف عانينا ، بعد ذلك، من أسوأ أنواع الجرائم، الإرهاب. لقد كنت هناك.
عدت في عام 2003. كنا نشهد أحياناً 20 أو 25 أو 30 سيارة مفخخة، مع خسائر تصل أحياناً إلى 500 ضحية. من الواضح أن هذا له تأثير على المجتمع. ثم بعد الإرهاب الداخلي، عانينا من غزو داعش. ولم يهاجم داعش الأفراد فحسب، بل هاجم المجتمعات والأديان وتاريخنا وآثارنا ومصالحنا الوطنية وثقتنا الوطنية. وكانوا يختارون أشخاصاً أكفاء لاغتيالهم. كانوا يختارون أشخاصاً متدينين للاغتيال.
يسعدني القول إننا نعيش في حالة من السلام إلى حد ما منذ خمس أو ست سنوات. ونحن نركز على الحفاظ على السلام والاستقرار في العراق. وهذا أمر بالغ الأهمية.
ثانياً، استقلاليتنا. أعلم أننا أحياناً نُتهم بالخضوع لهذا التأثير أو ذاك. وهذا الأمر بعيد كل البعد عن الحقيقة. نحن نحترم جيراننا كافة، ولدينا علاقات جيدة معهم ومعهم دول المنطقة كافة. نتبادل الزيارات يومياً، والوفود من دول أوروبية، ومن دول آسيوية وعربية وشرق أوسطية بعيدة عن الدول الأوروبية. جميعهم يأتون إلى العراق، ونحن نرسل وفوداً إلى هذه الدول.
لقد ولّى زمن الصراعات، زمن انتهاكنا لحقوق الدول الأخرى.
لقد اتخذنا خطوات إيجابية داخل العراق. على سبيل المثال، العلاقة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية جيدة. هناك تبادل شبه يومي لوجهات النظر، وتبادل للوفود، والزيارات.
زد على ذلك، ركزنا على الخدمات. لقد أحرزنا تقدماً، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتحسين الخدمات كافة. دُمرت معظم مدارسنا، ليس فقط خلال الحرب، ولكن نتيجةً للعقوبات. إذا تركت المدارس والمستشفيات دون صيانة لمدة طويلة، فهذا يعني أنها قد دُمرت. لذا، اتخذنا إجراءات لتحسين خدماتنا، واتخذنا إجراءات لتحسين بنيتنا التحتية وإصلاحها.
لا أنكر أن لدينا مشاكل كبيرة. فقد بلغ عدد سكاننا، في تعدادنا السكاني الأخير، 46 مليون نسمة في العراق. ومن بين هؤلاء، وُلد 60% منهم بعد عام 2003. ولدينا عدد كبير من الخريجين، ربما أكثر من أي بلد آخر نظراً لعدد الجامعات والحياة الأكاديمية المتوفرة لدينا.
ما زلنا لم نُحسّن الزراعة كما ينبغي. ولم نُشرك القطاع الخاص في البلاد كما ينبغي. لم نبنِ مصانع أو أماكن عمل يمكنها استيعاب عدد كبير من الناس. يجري التفكير في كل ذلك. لقد تم التفكير فيها جيداً، ولكن لا يمكنك معالجة كل شيء دفعة واحدة.
أعتقد أن جميع العراقيين، أعني، إذا حصلوا على وظيفة أو إذا استطاعوا عيش حياة كريمة، فهم سعداء للغاية. يسافرون، ويأكلون جيدًا، لا تنقصهم حتى السلع الكمالية.
س: لطالما تركزت العلاقة مع الغرب، وخاصةً الولايات المتحدة، على الأمن. كيف تُحوّلون ذلك إلى استثمار، إلى اقتصاد؟ كيف تُطلعونهم على الفرص المتاحة؟
ج: حسنًا، لقد أخبرناهم، وهم يشاركون في الاستثمارات. بعض الشركات الكبرى، في قطاع الطاقة وغيرها، مُشاركة هنا - في البتروكيماويات والنفط. إنهم هنا. لا أعتقد أننا في حالة صراع مع الولايات المتحدة. بل على العكس، نرحب بكل مساعدة يُمكننا الحصول عليها من الولايات المتحدة. ونرغب في أن تكون لدينا علاقة جيدة وودية للغاية مع الولايات المتحدة.
هذا ليس ما أقوله انا فحسب، ولكنه حقيقي كما أعلم. أعرف، أنا على تواصل مع الناس. لا أحد في العراق يُعارض الولايات المتحدة.
لدينا برلمان مسؤول عن القوانين والمؤسسات. ولدينا مجلس وزراء مسؤول عن التنفيذ. ولدينا نظام قضائي مُستقل تماماً، ولدينا مكتب رئاسي لحماية الدستور وحماية الحريات.
س: دعني أُغير الموضوع قليلاً. لقد اكتسب العراق سمعة طيبة بوصفه وسيطاً. فقد أجرى السعوديون وإيران محادثات هنا، وأجرى الأردن محادثات متعلقة بإيران في العراق. ما مدى إمكانية أن يكون العراق وسيطاً ويستضيف مناقشات بين الولايات المتحدة وإيران؟
ج: حسناً، نرغب في ذلك، وأعتقد أننا يمكن أن نؤدي دوراً مهماً لأننا على تواصل دائم مع السياسة الإيرانية. لا نتورّع عن طرح أي أسئلة عليهم. في كثير من الأحيان، نستضيف وفوداً سياسية أو أمنية أو تجارية. ليس لدينا أي تحفظات بشأن مقابلة كبار مسؤوليهم الحكوميين.
أعتقد أن ذلك سيكون جيداً على الأرجح. لقد أدينا بالفعل، كما ذكرت، دوراً في تقريب وجهات النظر بين إيران والمملكة العربية السعودية، وإعادة تأسيس العمل الدبلوماسي، الأمر الذي أفاد الجميع. وقد قدمنا بعض الاقتراحات للأردن ودول أخرى.
س: ما الدور الذي يتعين على العراق أداءه فيما تحاول سوريا تحديد ما تريد القيام به؟
ج: حسنًا، من الواضح أن سوريا دولة مستقلة ولديها إدارة جديدة أو حكام جدد. نريد أن تعكس الحكومة السورية إرادة الشعب السوري، إما من خلال الانتخابات أو من خلال اتخاذ خطوات ديمقراطية. ثانياً، أعتقد أن هناك عدداً من القوميات والجماعات السياسية والدينية في سوريا. أعتقد أنه يجب عليهم السعي لاستيعاب فئات المجتمع كافة، حتى لا يشعر أحد بأنه أقصي أو لا يُعامل بوصفه مواطناً عادياً.
أضف إلى ذلك، ثمّة نقطة بالغة الأهمية بالنسبة لنا. وهي ان هناك أعداد كبيرة من الإرهابيين أو عائلاتهم على الحدود السورية، ونحن قلقون بشأن ذلك. علينا اتخاذ بعض الترتيبات حتى لا تخرج حدودنا عن السيطرة.
ونأمل أن يحترم النظام الجديد في سوريا إرادة السوريين ومطالبهم وحقوقهم كافة، وأن يُعامل الجميع بالتساوي، وأن تكون هناك قواعد محددة في الإدارة الجديدة.
س: ما مدى ثقتكم بذلك؟
ج: حسنًا، أعتقد أننا سمعنا الكثير من الكلام من القادة الجدد، ولكن كما تقول معظم الدول الأوروبية ومعظم جيراننا، فإننا ننتظر أفعالًا لا مجرد كلام. ما نأمله هو استيعاب الجميع في سوريا. لا أخفي ذلك. بعض ردود فعل الجماعات الكوردية حتى الآن حيال النظام الجديد لم تكن إيجابية للغاية. إنهم لا يطالبون بالاستقلال، ولا بالانفصال. كل ما يريدونه هو الاعتراف بحقوقهم. هذا كل شيء.
س: هل ينبغي أن يكون للغرب دور في ذلك؟
ج: حسنًا، لدينا دور. الولايات المتحدة تتواجد في شمال سوريا، والبريطانيون موجودون، ويجب أن تشارك روسيا. إذن لدينا دور. آمل أن تؤدي الولايات المتحدة هذا الدور لجمع كل الأطراف معاً. أعتقد أن دول المنطقة كافة، إذا حضرت، يجب أن تناقش الأمر، وأن تتوصل إلى برنامج توافقي.
س: (بلدكم) غني تاريخياً. بعد مائة عام، أو خمسمائة عام، هل سيظل هذا التاريخ حياً؟
ج: ]بل[ الأغنى. وليس غنياً فحسب. أنا سعيد لأنك ذكرت ذلك. كان هذا أحد نقاط ضعفنا. كان هذا بسبب فرض إرادة الدكتاتورية على الشعب العراقي. تاريخنا غني، ويعود إلى ما قبل 6 أو 7000 سنة خلت. في العراق كان أول قانون. وفي العراق أول نظام ري، كما تحدثنا. وفي العراق كانت أول زراعة. وفي العراق كان أول بناء للقصور أو المباني الضخمة. ثم نأتي إلى العلوم والتكنولوجيا والرياضيات والحروف المكتوبة. كل ذلك بدأ في العراق. أضف إلى ذلك، كان العراق مركزاً للأديان كافة. كنا نسميها الحكمة. كان بيت الحكمة أول مركز للعلوم والتكنولوجيا والرياضيات والأحياء. كانت الوفود الأوروبية تأتي لنسخ الأبحاث من بيت الحكمة وتأخذها معها.
يسعدني أنك ذكرت تاريخنا. أعتقد أن مهمتنا هي تثقيف شعبنا للحفاظ عليه. من المهم جدًا إدراجه في مناهج مدارسنا وجامعاتنا. وفي الوقت نفسه، من المهم جداً تكريم القادة في تلك الحقب، أولئك الذين شاركوا أو أبدعوا أو مفكرين أو فلاسفة خلال تلك الحقبة.
س: سؤال أخير، ما هو الوضع الحالي للعلاقة بين العراق والولايات المتحدة؟ وكيف يمكن تحسينها؟
ج: حسنًا، أعتقد أنها ستتحسن إذا زارنا وفد قوي من الولايات المتحدة، أو إذا دعوتم وفودًا إلى الولايات المتحدة لشرح واقع العراق. أنا شخصياً سألتزم الصمت. أنتظر تشكيل الإدارة الجديدة وتوضيح موقفها، لأنهم مشغولون جداً بأوكرانيا وفلسطين.
آمل أن أوضح موقفنا وسياستنا المستقبلية وعلاقتنا مع الدول المجاورة. ليس لدينا أي تردد. ليس لدينا ما نخفيه. نحن منفتحون جداً، وإذا واجهتنا مشاكل، فكيف سنعالجها وكيف سنتعامل معها؟
نحن دولة ديمقراطية. لا نتردد في مناقشة الأمر في البرلمان، أو في...
س: هل أنت واثق من تلقيك هذه الدعوة، أو من حصولك على هذه الزيارة؟
ج: لا أعرف. بصراحة، لا أعرف. لقد أرسلتُ رسالة تهنئة إلى السيد الرئيس، السيد [دونالد] ترامب، وشجعته على تنفيذ وعده بالحفاظ على السلام في العالم. لإنهاء الصراعات، وهو أمرٌ لا يعني بالضرورة إنهاء الحروب والصراعات، لن تكون الحياة سهلة - خاصة في منطقتنا. بالنظر إلى الوضع، لدينا صراعات في سوريا. لدينا صراعات في فلسطين، وجزء من فلسطين في الأردن. لدينا مشاكل في لبنان. لدينا مشاكل في اليمن. هناك مشاكل في السودان، ومشاكل في الصومال. إذن هذا يشمل كل شيء. على الرحب والسعة. آمل أن يكون الأمر كان مناسباً لك.
س: كان ذلك رائعاً. شكرا لوقتكم الثمين.
ج: لا، إنه لأمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا. لأننا نأمل أن نبدأ فصلاً جديداً، وهذا الفصل يجب أن يكون مبنياً على التفاهم.
الناشر: صحيفة الواشنطن تايمز
ترجمة: د. نصر محمد علي
10 آذار / مارس 2025

استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية

رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية

ندوة في المعهد العراقي للحوار (اليابان وفلسطين.. لغز الثقافة والانتصار للمظلومية)

إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى

كلمة مدير المعهد العراقي للحوار في مؤتمر حوار بغداد الدولي السادس

صدور العدد المزدوج (74 – 75) من مجلة حوار الفكر

مدير المعهد العراقي للحوار يدير ملتقى قيادات المراكز البحثية في العراق الذي دعت إليه مؤسسة إنكي

تعليقات الزوار